تغير العالم بالنسبة إلينا جميعًا، عندما انغمسنا فجأة في جائحة عام 2020. إذ أرسلنا فيروس كورونا إلى سلسلة من الإغلاق التام في محاولة للسيطرة على انتشار الفيروس حتى أمكن تطوير لقاح.

علم معظمنا إن اللقاح سيكون المفتاح لحياتنا بعد الوباء، لكن ماذا عن من لم يعرفوا شيئًا عن العالم قبل فيروس كورونا؟ أرادت مجموعتنا البحثية فهم كيف كانت حياة الأطفال الذين وُلدوا في أثناء الوباء، وما قد يعنيه ذلك بالنسبة إلى صحتهم العامة ونموهم. في بحثنا الأخير، وجدنا إنه في سن الثانية -مع الاستثناء المهم المتعلق بالتواصل- كان الأطفال المولودون في أثناء الوباء متشابهين جدًا مع الأطفال الذين وُلدوا قبل الوباء في السلوك والتطور.

تابعنا عائلات الأطفال الذين وُلدوا في أيرلندا في الأشهر الثلاثة الأولى من الوباء، بين آذار وأيار 2020. وقد زارنا ما مجموعه 354 عائلة وأطفالها بعمر 6 و12 و24 شهرًا.

كانت الزيارات الأولى خاصةً، هي أحيانًا الرحلات الوحيدة التي أجرتها العائلات خارج المنزل. لقد أذهلنا حذر بعض الأطفال تجاه الطاقم، والذي غالبًا ما يُفسر من خلال تعليقات الآباء مثل: «إنها لم تخرج كثيرًا».

سألنا الآباء عن الكثير من المعلومات حول حياة أطفالهم وتطورهم بواسطة الاستبيانات في كل زيارة. عادةً في مثل هذه الدراسة، من الأفضل مقارنة الأطفال مع مجموعة مراقبة من الأطفال الآخرين الذين وُلدوا في الوقت ذاته لكن بمعزل عن تلك التحديات. لكن نظرًا إلى أن معظم دول العالم كانت في حالة إغلاق، فقد فعلنا شيئًا الأفضل، إذ قارنّا الأطفال المنعزلين بمجموعة مماثلة من الأطفال الذين وُلدوا في أيرلندا قبل الوباء. وهذا أحد العوائق في دراستنا، لكن لم تتوفر مجموعات قابلة للمقارنة من الأطفال في الوقت ذاته.

الحياة الاجتماعية والتطور:

وجدنا أن الأطفال المنعزلين لديهم دوائر اجتماعية صغيرة. فبسبب قيود فيروس كورونا، أُلغيت أنشطة مثل مجموعات الآباء والأطفال، ولم توجد زيارات إلى منازل أخرى.

بعد ستة أشهر، قبّل ثلاثة أشخاص فقط وسطيًا الأطفال ويشمل ذلك الوالدين، ما يعني أنهم لم يلتقوا بالعديد من الأقارب أو أصدقاء العائلة. واحد من كل أربعة أطفال لم يلتق بطفل آخر في نفس عمره بحلول عيد ميلاده الأول.

سألنا الوالدين أيضًا عن شعورهم حيال تربية طفل في أثناء الوباء، فظهرت تكرارًا كلمات مثل وحيد، ومنعزل، وتحد. وظهرت كذلك بعض المواضيع الإيجابية، مثل الارتباط الأبوي بالطفل الجديد والمزيد من الوقت المخصص للعائلة بسبب قيود الإغلاق.

بالنظر إلى عشرة معالم تطورية في عيد الميلاد الأول للأطفال. من بين هؤلاء، نطق عدد أقل من الأطفال الوباء كلمتهم الأولى. وتمكنوا من الإشارة أو التلويح بالوداع، وتمكن عدد أكبر قليلًا من الأطفال من الزحف.

هذا منطقي عندما تفكر في الأمر، فمن المحتمل أن الأطفال قد سمعوا كلمات أقل منذ خروجهم من المنزل. ومن المرجح أيضًا أن يكون الأطفال الذين وُلدوا في أثناء الوباء على معرفة وثيقة بمنازلهم، لذا لم يكن هناك سوى القليل من الأشياء الجديدة التي يمكن الإشارة إليها. ونظرًا إلى إن الآباء كانوا يعملون من المنزل ولم يكن الزوار يأتون إلى المنزل عمومًا، لذا قد يكون لديهم حاجة أقل لتعلم كيفية التلويح بالوداع.

من الممكن أن يعود سبب زحف عدد أكبر من أطفال الوباء إلى إنهم على الأرجح قضوا وقتًا أطول في استكشاف المنزل.

كنا مهتمين بمعرفة هل كانت هذه الاختلافات في التطور قد تغيرت لدى الأطفال في السنة الثانية من العمر أم لا؟ لذا طرحنا على الآباء أسئلةً عن التواصل في هذه المرحلة، يشمل ذلك هل كان الطفل يستطيع أن يقول كلمتين أو ثلاث كلمات معًا لإيصال فكرة ما؟ وهل بإمكانه الإشارة بشكل صحيح إلى شيء ما عندما يُطلب ذلك منه، مثل الإشارة إلى كرة؟ وهل بإمكانه متابعة أمر بسيط مثل وضع لعبة على الطاولة؟

مجددًا، أحرز الأطفال الذين وُلدوا في أثناء الوباء درجات أقل قليلًا في جزء التواصل من الاستبيان، حتى بعد تعديل عوامل مثل المستوى التعليمي للأم وعمر الطفل عند استكمال الاستبيان.

لكن من المطمئن أن أطفال الوباء قد حصلوا على درجات مماثلة لتلك التي حصل عليها الذين وُلدوا قبل كوفيد-19 في المجالات التطورية الأخرى، وتشمل المهارات الحركية والقدرة على حل المشكلات.

شعرنا بالارتياح أيضًا لعدم رؤية اختلافات في السلوك المُبلغ عنه بين الأطفال الذين وُلدوا في أثناء الوباء، ومن وُلدوا قبل الوباء. طرحنا على الآباء نحو مئة سؤال فيما يخص سلوك أطفالهم، متضمنةً مشكلات النوم، والسلوك القلق، ومدى تفاعلهم العاطفي، وكونهم منعزلين اجتماعيًا.

ماذا يمكننا أن نفعل؟

أظهرت المجموعات البحثية في بلدان أخرى أيضًا أن الأطفال الذين وُلدوا قبل فترة قصيرة من الوباء أو في أثنائه قد حصلوا على درجات تطور أقل قليلًا. أما بعد انقضاء التدابير الوقائية، من المهم حقًا بالنسبة إلى جميع الأطفال الذين وُلدوا في أثناء الوباء أن يستكشفوا العالم المثير. ويجب على العائلات أن تجتمع مع الأقارب والأصدقاء لتعريف أطفالهم بمجموعة واسعة من الأشخاص، ويجب أن يلتقي الأطفال بأقرانهم ضمن مجموعات اللعب.

نعرف أيضًا أن التحدث إلى الأطفال والقراءة للأطفال الصغار مفيد جدًا. يجب أن يخضع جميع الأطفال لفحص التطور، والذي غالبًا ما توفره البرامج الوطنية. إذا كانت لدى العائلات أي مخاوف، فمن المهم أن يتصلوا بمقدم الرعاية الصحية لمناقشة نمو الطفل بمزيد من التفصيل. يتيح هذا الأمر تقديم الدعم المبكر والمباشر للأطفال المصابين بمشكلة محددة متعلقة بالتطور.

اقرأ أيضًا:

فيروس كورونا: الخوف من الوباء أم وباء الخوف؟

مئات آلاف الأطفال فقدوا أحد والديهم بسبب كورونا، كيف سنتعامل مع هذا الواقع؟

ترجمة: ليليان عازار

تدقيق: جنى الغضبان

المصدر