يحتوي جسم الإنسان على 78 عضوًا، أو هذا هو الرقم المُتعارف عليه على نطاق واسع. لكن هذه الأعضاء ليست جميعها ضرورية للحياة، ما يطرح تساؤلات عن سبب وجودها، خاصةً عندما اقترحت بعض الدراسات أننا قد نكون أفضل حالًا من دونها! إذن ما الحد الأدنى لعدد الأعضاء التي يحتاج إليها الجسم؟ وما الأعضاء التي يمكن الاستغناء عنها؟ وأيها يمكن تحمل خسارته ببعض التدخل الطبي الذكي؟

الأعضاء التي يمكن الاستغناء عنها:

تشمل القائمة التالية الأعضاء التي لا يحتاج إليها الجسم، ما يعني أن استئصالها لا يؤدي إلى آثار سلبية بعيدة المدى:

 الزائدة الدودية

من أكثر الأعضاء الشائع استئصالها، وهي مجموعة من الأنسجة في القناة الهضمية ليس لها أي وظيفة أو فائدة تُذكر. بل وجدت الأبحاث أن فائدتها أقل بكثير مما كان يُعتقد سابقًا.

قد يتطور التهاب الزائدة الدودية بسرعة كبيرة إلى حالة طارئة، وهي مشكلة طبية شائعة خاصةً بين الأطفال والشباب. أسباب الحالة غير معروفة تمامًا، لذلك لا توجد طريقة لمنعها. لحسن الحظ، الزائدة الدودية من الأعضاء التي يمكن الاستغناء عنها، لذا فإن العلاج المُعتاد لالتهاب الزائدة الدودية هو ببساطة استئصالها.

 اللوزتان والناميات

يعاني بعض الأشخاص التهاب اللوزتين باستمرار لدرجة مزعجة، وأحيانًا يُعد خيار استئصال اللوزتين هو الطريقة المُثلى للشفاء. قد يسبب التهاب اللوزتين أو الناميات -أنسجة تقع في مؤخرة الأنف- حدوث مشكلات في التنفس في أثناء النوم، ما يدفع الأطباء إلى استئصالها، خاصةً عند الأطفال.

لكن تؤدي اللوزتان دورًا مهمًا في عمل جهاز المناعة، إضافةً إلى أن استئصال اللوزتين لا يعالج دائمًا التهابات الحلق المزمنة، ما يثير بعض الجدل بشأن جراحة استئصال اللوزتين، هل هي الخيار الأفضل للأطفال أم لا؟ عمومًا فإن اللوزتين من الأنسجة التي تمكن الحياة دونها.

 الكلى والكبد

ربما من الغريب وجود الكبد ضمن هذه القائمة، فمن المعروف أنه لا يمكننا النجاة عند استئصال هذا العضو كاملًا، لكن يمكن التبرع بجزء منه لشخص آخر ويظل الإنسان على قيد الحياة، إذ يمكن استئصال الفص الأيسر عند الأطفال والفص الأيمن عند البالغين.

تُعد عملية تبرع شخص حي بالكلى أكثر شيوعًا مقارنةً بعمليات زراعة الكبد. في المملكة المتحدة، نحو 30% من عمليات زراعة الكلى هي من متبرعين أحياء. مقابل 3% فقط في عمليات زراعة الكبد، معظمهم من الأطفال، إذ يؤخذ جزء صغير من الكبد يُزرع في جسم شخص آخر. ومع أنه لا توجد جراحة تخلو تمامًا من المخاطر، فإن أكثر المتبرعين الأحياء لا يعانون آثارًا سلبية دائمة، مقابل الفائدة الأكبر المتمثلة في إنقاذ حياة شخص آخر.

 المرارة

المرارة هي عضو تخزين الصفراء التي يحتاج إليها الكبد ليعمل، وتقع في البطن وقد تسبب بعض المشكلات، لذا قد يستطيع الجهاز الهضمي الاستغناء عنها.

قد تكون حصوات المرارة والمشكلات التي تسببها مؤلمة للغاية، لذلك كثيرًا ما يوصى باستئصالها، خاصةً مع وجود الجراحات التنظيرية التي تُعد أقل خطورة وتستغرق وقتًا أقصر للتعافي. حقيقة أن الشخص لا يعاني غالبًا أي آثار جانبية لاستئصال المرارة، تجعلها بالتأكيد من الأعضاء التي يمكن الاستغناء عنها.

 الأعضاء التناسلية

قد يستطيع الشخص البقاء على قيد الحياة من دون الأعضاء التناسلية، لكن الآثار الجانبية تكون مزعجة في هذه الحالة.

تستطيع المرأة التي لا ترغب في إنجاب أطفال بيولوجيين، أو التي اكتفت بما لديها من أطفال ولم تعد ترغب في المزيد، استئصال رحمها دون آثار ملحوظة. أو تستطيع استئصال أحد المبيضين والاحتفاظ بالآخر، هذا يعني توقف الدورة الشهرية مع استمرار إفراز الهرمونات طبيعيًا. لكن عند استئصال كلا المبيضين تبدأ مرحلة انقطاع الطمث فورًا.

عند الرجال، يمكن استئصال الخصيتين جراحيًا في عملية تسمى الإخصاء. حال الحاجة إلى استئصال خصية واحدة، مثلًا في حالة سرطان الخصية، فيمكن التحقق من عدم المساس بالوظيفة الجنسية والخصوبة، ويمكن استخدام خصية اصطناعية لتحسين المظهر الجسدي للمنطقة بعد الجراحة.

قد يستطيع الشخص العيش من دون أحد هذه الأعضاء، لكن هذا يعتمد على الظروف أو الحالات الطبية الفردية. في بعض الحالات، تترافق بعض عمليات الاستئصال مع الحاجة إلى علاج إضافي، مثل علاج أعراض انقطاع الطمث المبكر أو استخدام الوسائل المساعدة على الإنجاب.

أعضاء تمكن الحياة من دونها لكن مع وجود آثار لذلك:

تشمل القائمة التالية الأعضاء التي يمكن الاستغناء عنها، لكن مع وجود آثار سلبية بعيدة المدى:

 الرئتان

ربما يُظن أنه ما دام الشخص يمتلك رئتين، فإن فقدان إحداهما لن يكون بهذا السوء، بالفعل قد يستطيع الشخص العيش برئة واحدة.

في حالة استئصال إحدى الرئتين بالكامل، بوسع الشخص استعادة 70% من وظائف التنفس. ما يعني أن الوضع ليس بالغ السوء، لكن يصبح الشخص غير قادر على ممارسة التمارين الرياضية القوية، ويجب عليه توخي الحذر في الحركة والتنفس.

 الطحال

يمثل الدور الرئيسي للطحال جزءًا من عمل الجهاز المناعي، لذا فإن إزالته تجعل الشخص عرضة للإصابة بعدوى خطيرة. غالبًا ما يُنصح الأشخاص قبل استئصاله بتناول المضادات الحيوية فترةً طويلة، وتلقي جميع اللقاحات المُتاحة، وتجنب لدغات الحشرات وغيرها من مصادر العدوى.

 البنكرياس

قد يستطيع الشخص البقاء على قيد الحياة من دون البنكرياس، لكن عواقب إزالته تفرض تغييرًا جذريًا في نمط الحياة.

عمومًا، يمكن استئصال البنكرياس جزئيًا أو كليًا، لعلاج سرطان البنكرياس أو أمراض البنكرياس الشديدة الأخرى. البنكرياس هو العضو الذي يُنتج الأنسولين، لذا فإن إزالته تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري. أي إن الشخص يصبح معتمدًا على تلقي حقن الإنسولين بقية حياته، إضافةً إلى الحاجة إلى تعويض الإنزيمات الهضمية التي لم يعد الجسم قادرًا على إنتاجها. يفرض ذلك تغييرات كبيرة في نمط الحياة، مع ذلك يظل بوسع الإنسان البقاء حيًا.

 الأمعاء والمثانة

يمكن استئصال القولون أو الأمعاء الدقيقة أو المثانة كليًا أو جزئيًا لعلاج حالات مثل التهاب الأمعاء أو السرطان. قد تتطلب بعض هذه الجراحات إحداث فتحة على جدار البطن تسمح بمرور الفضلات من الجهاز الهضمي إلى كيس خاص يوضع فوق الفتحة. بعض هذا الإجراءات مؤقت وبعضها دائم، لكنها تسمح للإنسان بمواصلة حياته من دون أجزاء كبيرة من الجهاز الهضمي.

 المعدة

عمومًا، يمكن استئصال المعدة بالكامل لعلاج السرطان. أو قد تُستأصل جزئيًا لعلاج بعض الحالات الطبية، لكن يفرض ذلك تغييرات في النظام الغذائي، مثل تناول وجبات أصغر وأكثر تكرارًا. قد تنشأ الحاجة إلى تناول المكملات، خاصةً فيتامين ب 12، إذ يصعب على الجسم امتصاصه من دون المعدة. لكن عمومًا يمكن التعافي بمرور الوقت، وبوسع الإنسان مواصلة الحياة مع الاستغناء عن هذا العضو.

إذن ما الأعضاء التي يمكن الاستغناء عنها؟

إجابة هذا السؤال معقدة قليلًا. تشمل القائمة الأولى التي أوردناها سابقًا الأعضاء التي يمكن الاستغناء عنها ولا تؤدي إزالتها إلى تأثيرات طويلة الأمد، أي إن بوسع الشخص مواصلة حياته دون اختلاف كبير. أما القائمة الثانية فتشمل الأعضاء التي يمكن الحياة من دونها، لكن يفرض ذلك الاستعانة بالوسائل الطبية وإجراء تغييرات في نمط الحياة.

هذه ليست قائمة شاملة، إذ يمكن العيش من دون العينين مثلًا، ويمكن التأقلم مع الحياة من دون الكليتين، لكن يصبح الشخص بحاجة إلى غسيل الكلى باستمرار.

بعض الأعضاء يكون الاستغناء عنها أسهل مقارنةً بسواها. مثلًا، يخضع الكثيرون لعملية استئصال الزائدة الدودية أو اللوزتين ويعيشون حياة طبيعية، في حين يؤدي استئصال الطحال أو البنكرياس إلى تأثيرات كبيرة.

هذا إضافةً إلى بعض الحالات الطبية النادرة والمحيرة، مثل السيدة التي اتضح أنها تفتقر إلى الجزء المسؤول عن اللغة في الدماغ، ومع ذلك كان بوسعها التحدث بلغتين.

اقرأ أيضًا:

كم عدد الأعضاء في جسم الإنسان؟

علماء يصنعون أعضاء بشرية في المختبر!

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر