الانقسام الخلوي : بحث مختصر في الشيخوخة و الخلود


علم الغيرونتولوجيا أو علم الشيخوخة هو فرع في الطب والبيولوجيا يبحث في التغييرات التي تطرأ على الجسم في مراحل الشيخوخة سواء الفيزيولوجية أو النفسية أو الإجتماعية (دون الخوض في أمراض الشيخوخة مباشرة).

تحدث في المادة الوراثية في خلايا الكائنات الحية طفراتٌ كثيرة كلّ الوقت، لكنّ خلايا الجسم تمتلك الأدوات اللازمة للتغلب أو التأقلم مع هذه الطفرات، وفي الجسم المعافى، تنجح الخلايا في تعطيل أو إصلاح أغلب هذه الطفرات.

النظرية السائدة في علم الشيخوخة تقول بأنّه ومع مرور الزمن، تتراكم الطفرات غير المرغوبة، وتصل الخلايا إلى مرحلة تعجز فيها عن مواكبة عملية الإصلاح، ممّا يؤدّي إلى هدم الخلايا (وبالتالي تتأثر أعضاء الجسم كالجلد والعظام وعضلة القلب…) وهو ما يُعرف بالشّيخوخة، ويحدث أن تصيب هذه الطّفرات جينات ورمية Oncogenes مما يسبب السرطان، وهو ما يحدث بكثرة لكبار السن.

أحد المواضيع التي تشغل علم الشيخوخة في السنوات الأخيرة هو التيلوميرات، وهي أطراف الكروموزومات في الكائنات حقيقيّة النواة، فهي تعتبر “فتيل القنبلة” بالنسبة للجسم (رغم أنّه حتى الآن لا يوجد اجماع على هذا) حيث أنها تقصر مع كل عملية انقسام للخلايا فتصل في مرحلة ما إلى حالةٍ متآكلة لا يمكن خلالها أن تنقسم الخلية مجدّدًا، وهو ما يُسمّى بالموت، أو أن تُفعّل هذه الخلايا التيلومير وتنقسم مجدّدًا مما سيحولها إلى خلايا سرطانية.

المغزى ممّا ذُكر أعلاه:

اللوبستر كمثال هو كائن خالد نظريًّا، فلا يوجد سببٌ لموته غير الصّيد، المرض، أو الإفتراس.

السبب يعود إلى قدرة خلاياه كلّها على إنتاج التيلوميراز، وهو الإنزيم المسؤول عن إعادة بناء التيلومير، في حين أن خلايا باقي الكائنات غير قادرة على ذلك ما عدا الخلايا الجنسية، خلايا الجذع والخلايا السرطانية.

اللوبستر لا يتوقف عن النّمو ولا يشيخ، وبالتالي لا يصيل إلى “حد هيفليك” (وهو عدد المرات القصوى التي تستطيع فيها خلية عادية أن تنقسم)، والنّتيجة هي حياة لانهائية.

كائن مدهش آخر هو الطائر المدعو (طائر نوء ليتش) Leach’s Storm Petrel، وهو طائر بحري صغير من فصيلة النّورس، يعيش في جزرٍ غير مأهولة في شمال المحيط الهادئ والأطلسي، يصل معدّل عمر هذا الطائر إلى ثلاثين عامًا وأكثر، وهو شيءٌ غير مألوف بالنّسبة لطيور أخرى في حجمه، وبعد فحصه اكتُشف أن تيلوميرات هذا الكائن تطول مع كل انقسام بدل أن تقصر، وهو الكائن الوحيد المعروف الذي تحدث فيه هذه الظاهرة.

لا يوجد عمر افتراضي أو “حد هيفليك” حتى الآن لهذا الكائن، لكن في المقابل لا يوجد معلومات قطعية تدعم النظرية القائلة بأن هذا الكائن خالد.


إعداد: محمد لحام
المصدر