مع إعادة توجّه البنتاغون نحو منافسة القوى العظمى مع خصومٍ مثل روسيا والصين، فإن استعداداته تتجاوز تعلّم التزلج والقيادة في أوروبا.

تعتمد الوحدات العسكرية الأمريكية على الشبكات اللاسلكية واتصالات التردد اللاسلكيّ للتحدّث في ساحة المعركة، وتبادل المعلومات، واستهداف البيانات، والأوامر.

لكنَّ القلق يتنامى من إمكانية منافسين مثل الصين وروسيا التقاط تلك الإشارات والتشويش عليها، وتغييرها لتشويشهم أو خداعهم، أو تعقّبها لاستهداف الأشخاص الذين يرسلونها ويستقبلونها (تكتيكاتٌ يُعتقد أن روسيا والقوات المدعومة من قِبلها استخدمتها من قبل).

بدأ البنتاغون في استكشاف استخدام أنظمة اتصالات الليزر التي يصعُب اكتشافها وتعطيلها.

تعمل «وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة» على أجهزة الاستشعار وأجهزة إرسال واستقبال الإشارات من الفضاء عبر التكنولوجيا البصرية (التي ترسل أشعة الضوء عبر الهواء بدلًا من استخدام الكابلات الضوئية) لبعض الوقت.

في أوائل العام الماضي، منحت وزارة الدفاع مبلغ 45 مليون دولارٍ أمريكيّ لمشروعٍ مدّته ثلاث سنوات يشمل ثلاثة فروع للخدمة تركّز على تطوير نظام اتصالاتٍ بالليزر، تقول ليندا توماس والتي حصل فريقها في البحرية على ثلث أموال المنحة: «إن الألياف البصرية، في الأساس، تعمل دون ألياف»، كما أخبرت بريكنج ديفنس في ذلك الوقت.

تمكّن فريق توماس (TALON) من إرسال الرسائل عبر أشعة الليزر عبر مسافاتٍ شبيهة بتلك الخاصة بالأجهزة اللاسلكية التكتيكية في سلاح مشاة البحرية، والتي يمكن أن تصل عادةً إلى حوالي 45 ميلًا.

أنظمة الاتصالات الضوئية في الفضاء متوفرةٌ تجاريًا، لكن نطاقها محدود.

استطاع فريق مختبر الأبحاث البحرية أن يتجاوز نطاق هذه الأنظمة، وهي مشكلةٌ شملت إرسال حزمة الطاقة المنخفضة عبر الغلاف الجوي دون أن تصبح غير مفهومة، على الرغم من أن ليندا توماس لم تقل كيف فعلوا ذلك.

وقد دخل مشاة البحرية بالفعل إلى الميدان لاختبار نظام البصريات في الفضاء الذي طوّره مختبر الأبحاث البحرية.

اختبرت قوات المشاة البحرية من قوة الاستطلاع البحرية الثالثة نظامًا ضوئيًّا في الفضاء الحرّ ينقل البيانات عن طريق الأشعة تحت الحمراء فائقة الأمان وغير قابلٍ للكشف تقريبًا، ومنفصلٍ عن طيف الترددات الراديوية، وذلك في أوكيناوا هذا الشهر، وفقًا لإصدار مُشاة البحرية.

يسمح النظام المتنقّل بنقل المزيد من البيانات (الملفات والصور الأكبر حجمًا) دون استخدام المزيد من طيف الترددات الراديوية، «موردٌ محدودٌ بالفعل» على حدّ قول أحد أفراد مشاة البحرية المعنيين.

وقد قال الرقيب البحري وليام هولت، مسؤول الأنظمة الإلكترونية: «عندما ظهر لأول مرة، كنا نظن أنه سيكون من الصعب إعداده وفهمه، وعندما سمع المارينز عن أنظمة الإرسال البصري في الفضاء والليزر، شعروا بالتوتر حول ذلك، ولكن عندما استخدموا المعدات وكانوا قادرين على تشغيلها، كان الأمر أسهل من المتوقع».

تقول توماس: «لقد خرجنا إلى أوكيناوا لأنها كانت واحدة من أقسى البيئات الرطبة ذات الطقس المتغيّر للغاية في جداول زمنية قصيرة للغاية.

نحن ننظر في كيفية عمل النظام ومعالجة هذه الظروف، وكيف يمكننا الوفاء بشكلٍ أفضل باحتياجات فيلق البحرية في المستقبل».

التهديد موجود هناك

المارينز الأمريكيون ليسوا وحدهم الذين يستعدون للتواصل في بيئةٍ مُتنازع عليها.

فقد قالت وزارة الدفاع الصينية في تقريرٍ عن القدرات العسكرية الصينية صدر هذا الشهر إن جيش التحرير الشعبي الصيني يعتبر الحرب الإلكترونية عنصرًا مركزيًا في عملياته، ويؤكّد استخدام أسلحة طيفٍ كهرومغناطيسية لقمع أو خداع معداتٍ إلكترونية للعدو.

وقال التقرير: «إن الوحدات الصينية تقوم بشكلٍ روتيني بعمليات تشويشٍ ومكافحة التشويش ضد أنظمة اتصالات ورادار متعددة ونظم جي بي اس لتحديد المواقع في تدريباتٍ للقوة».

بالإضافة إلى اختبار قدرة القوات الصينية على استخدام هذه الأنظمة، فإن مثل هذه الاختبارات تساعد على تحسين الثقة في قدرتها على العمل بفعالية في بيئة كهرومغناطيسية معقدة.

أجرت القوات الروسية اختباراتٍ مماثلة خلال تمرين Zapad 2017 الضخم الذي تم في أواخر العام الماضي.

ووفقًا لرئيس المخابرات العسكرية في إستونيا، الكولونيل كاوبو روزين، فإن كمية التشويش التي نشرتها روسيا ضد قواتها خلال تلك العملية كانت عند مستوى لم يرَه من قبل.

«التهديد على الروس هو أنه إذا تم التشويش عليهم، فإنهم يمكن أن يعودوا إلى البنية التحتية المدنية على أرضهم، ما يمنحهم ميزة في العمل في محيط روسيا»، على حدّ قول روزين لـ صحيفة (defensenews) العام الماضي.

اختبرت القوات الأمريكية أيضًا قدرتها على إحباط التدخّل الإلكتروني.

تدرّبت قوات الحرس الوطني في أوهايو مع فريقٍ من قيادة الدفاع الجوي في الجيش هذا الصيف من أجل الكشف عن الهجمات السيبرانية على أنظمة تحديد المواقع وتخفيفها.

وقال الكابتن كايل تيرازا من قيادة الجيش وقوات الدفاع بالجيش الأمريكي: «يوجد خصوم هناك يتمتعون بالقدرة على حرماننا قدراتنا وإفسادها وتعطيلها، الخطر موجود، وعلينا أن نكون مدربين ومستعدين للعمل بعيدًا عنه».


  • ترجمة: كامل ديب
  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر