في أقل مستوى من التجريد يكون النجم بسيطًا جدًا، إذ تضغطه الجاذبية محاولةً تدميره، إلا أنّ هذه المحاولة تفضي إلى خلق النواة الداخلية للنجم التي تكون شديدة الحرارة والكثافة؛ ويكون الاندماج النووي نتيجةً مباشرةً لهذه العملية، وفي الوقت نفسه قوةً مضادةً للجاذبية.

تغدو هاتان القوتان المتناحرتان فيما بينهما متوازنتين، وفي تلك الأثناء يكون النجم بحالته التسلسلية الرئيسية. لكن ليس الأمر سهلًا مثلما يبدو إذ تكون العمليات الداخلية والتفاعلات في غاية التعقيد.

تتطلب عملية النمذجة الدقيقة للبنية الداخلية للنجم نماذج حاسوبيةً فائقة الدقة، ومع ذلك لم تضمن هذه الحواسيب الابتعاد التام عن الأخطاء في النمذجة المتطابقة لأي نجم، وبخاصة أننا نجهل ما يوجد في البنى الداخلية للنجم. لكن ذلك كان سابقًا، أما الآن فقد أصبح ممكنًا تحسين عمليات النمذجة تلك.

على الرغم من تساوي عاملَي الطاقة الداخلية -الضغط والجاذبية- للنجم فلا يمكن قول المثل بالنسبة لتدفق الحرارة، لأن الطاقة الحرارية المتكوّنة في النواة النجمية منظمة في أوقات التوليد والتحرير، وتتخذ بذلك طريقتين عامتين.

تتجسد أولاهما بالتبادل الإشعاعي؛ إذ تنتشر أشعة غاما معاكسة القوى التي تولدها النواة، وتبدأ تدريجيًا بخسارة بعض طاقتها نتيجة انتقالها إلى السطح الخارجي. ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار مدى كثافة الجزء الداخلي للنجم، الذي يستمر تشكّله على مدى آلاف السنين.

بينما تتمثل الطريقة الثانية بالتدفق الحراري؛ إذ تحاول المواد القريبة من مركز النجم التمدد والاندفاع نحو السطح الخارجي. وتشرع المواد الباردة الموجودة قرب السطح الخارجي بالغوص باتجاه النواة في الوقت نفسه.

بواسطة هاتين الطريقتين، يُخلق دفق دائري من المواد ينقل الطاقة الحرارية إلى سطح النجم، فيحرك الدفق الحراري ذاك البنية الداخلية للنجم نتيجة لعوامل مثل اللزوجة والدوامات الدَّورية المضطربة. وعادةً يصعب على عمليات النمذجة التطرق إليها.

تشترك النجوم مع بعضها في وجود منطقتي تدفق؛ إشعاعي وحراري. ولكن لا تشترك بمواقع وأحجام هاتين المنطقتين، التي تتناسب مع كتلة النجم عينه. فالنجم الصغير يحتوي على منطقة حرارية بالكامل، بينما النجم الأكبر حجمًا مثل الشمس، فيحتوي على منطقة إشعاع داخلي ومنطقة حرارية خارجية.

بالنسبة للنجم العملاق، يُقلب هذا المفهوم؛ إذ تصبح المنطقة الداخلية منطقة حرارة والمنطقة الخارجية منطقة إشعاع. إحدى الأمور الواضحة بالنسبة لهذا النجم، أنّ طبقته الخارجية الحرارية تسبب تقلبات في السطح -مثلما في وعاء الماء المغلي- الذي بدوره يسبب زيادة السطوع الضوئي للنجم.

أظهر الفريق القائم على هذه الدراسة كيفية ارتباط المنطقة الحرارية بكيفية ومقدار وميض النجم. إذ إن الموجات الصوتية المنتقلة عبر النجم تتأثر بالدفق الحراري، الذي يؤثر بدوره على شدة وميض النجم.

نتيجةً لما سبق، يمكن دراسة البنى الداخلية للنجم من خلال مراقبة وميضه الضوئي، هذا يساعد علماء الفلك في تعزيز فهمهم لآلية وميض أي نجم. ومع ذلك، ما تزال تلك الومضات صغيرةً إذا ما أردنا رصدها بالتلسكوبات الحالية، لكن يمكن الحصول على نتائج مفيدة ودقيقة باستخدام تلسكوب ذي حساسية وإمكانات عالية.

لم تكن هذه الدراسة الأولى من نوعها لاستهدافها فهم الأمواج الصوتية وتأثيراتها على الشمس، فهناك علم قائم بذاته يسمى (علم القياس النجمي – helioseismology). والأمور لغاية الآن مبشرة وقد نتمكن قريبًا من دراسة النجوم القريبة بدقة أكبر.

اقرأ أيضًا:

تعرف على النجم الذي يخرق سطوعه قوانين الفيزياء

ما أقدم نجم في الكون؟ وما الأحدث؟

ترجمة: علي الذياب

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر