عام 1859، اقتربت من أرضنا واحدة من أشد العواصف الشمسية المُسجلة في التاريخ، التي عُرفت لاحقًا باسم «كارينغتون»، وقد سببت حرائق في محطات التلغراف ما أوقف خدماتها.

لو حصلت حادثة كارينغتون اليوم، فستعطل مجموعة واسعة من التقنيات الحديثة، من شبكات الطاقة إلى الأقمار الصناعية، وستؤدي إلى توقف الاتصالات العالمية. إن تكنولوجيا اليوم سريعة التأثر بظروف الطقس الفضائي القاسية أكثر من أي وقت مضى، لذلك طورت وكالة ناسا نموذجًا جديدًا يعمل بالذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالعواصف الشمسية، وإصدار إنذار مبكر قبل 30 دقيقة.

يجمع النموذج المعروف باسم «داجر» بين قدرات الذكاء الاصطناعي وبيانات ناسا، للتنبؤ بحالة الطقس الفضائي الخطرة، في عملية تُسمى «التعلم العميق للاضطراب المغناطيسي». وفقًا لناسا، يمكن لهذا النموذج إنشاء تنبؤات بسرعة وتحديثها كل دقيقة.

صُمم داجر لفحص قياسات المركبات الفضائية للرياح الشمسية، وهي تيار من الجسيمات المشحونة الصادرة من الشمس. جاء في بيان ناسا: «بذلك يمكن توقع المكان الذي ستضربه عاصفة شمسية في أي موقع على الأرض، مع إنذار مبكر قبل 30 دقيقة».

اختبر الفريق نموذج الذكاء الاصطناعي بتشغيله خلال عاصفتين مغناطيسيتين وقعتا في أغسطس 2011 ومارس 2015. استطاع داجر التنبؤ بتأثيرات العواصف حول العالم بسرعة ودقة في الحالتين.

قال فيشال أوبيندران: «بفضل هذا النموذج، يمكن الآن التوصل إلى تنبؤات عالمية سريعة ودقيقة، واتخاذ إجراءات حال وقوع عاصفة شمسية، ومن ثم الحد من الأضرار التي قد تلحق بالمعدات الحديثة». يعمل فيشال أوبيندران في المركز الجامعي لعلم الفلك والفيزياء الفلكية في الهند، وقد نشر بحثًا عن نموذج داجر في مجلة (Space Weather).

يتيح الإنذار المبكر بعض الوقت لتجنب الضرر المحتمل للبنية التحتية الحديثة، متضمنةً شبكات الطاقة. ويُعد التنبؤ بالطقس الفضائي مفيدًا خصوصًا مع اقتراب الشمس من «الذروة الشمسية» عام 2025.

إذ نقترب من ذروة دورة نشاط الشمس التي تستغرق 11 عامًا، ما قد يؤدي إلى رشقات أكثر كثافة وتكرارًا من الانفجارات الشمسية، من الغلاف الجوي الشمسي تجاه الأرض.

جاء في بيان ناسا: «مع هذا التقدم في التنبؤ بالطقس الفضائي، ليس مُستبعدًا أن تنطلق صافرات الإنذار من العاصفة الشمسية في محطات الطاقة ومراكز التحكم في الأقمار الصناعية في جميع أنحاء العالم، تمامًا كما تنطلق صافرات الإعصار في المدن الأمريكية».

اقرأ أيضًا:

ماذا ستكون تداعيات حدث كارينغتون: أقوى عاصفة شمسية في التاريخ، لو حدثت اليوم؟

ماذا سيحدث لو ضربتنا عاصفة شمسية أنهت عصر التكنولوجيا؟

ترجمة: ليلى الشومري

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر