التهاب التامور العاصر، هي حالة تتميز بتصلب غير طبيعي في جدران الجيب المملوء بالسائل حول القلب «غشاء التامور». وهذا ما يمنع القلب من النبض بطريقة صحيحة، وقد يسبب مضاعفات خطيرة مع مرور الوقت.

يمكن علاج هذه الحالة بحسب شدتها، والسبب الذي أدى إلى ظهورها، والتاريخ الصحي لدى المريض.

ما التهاب التامور العاصر؟

هي حالة تتميز بصلابة غشاء التامور وثخانته -وهو غشاء رقيق يثبت القلب في مكانه- وتؤثر هذه الحالة في قدرة القلب على ضخ الدم، وقد تؤدي إلى مشكلات خطيرة مثل القصور القلبي.

عادةً ما يكون هذا المرض مزمن (طويل الأمد)، ولكنه قابل للعلاج في معظم الحالات، خاصةً مع التشخيص المبكر.

ماذا يحدث في هذه الحالة؟

يُعد التامور غشاءً مملوءًا بالسوائل، ويتكون من طبقتين تحيطان بالقلب، وهو يحمل القلب ويثبته في مكانه. ويحتوي التامور على طبقة مملوئة بسائل يعمل كوسادة تحمي القلب من الصدمات.

في الحالات الطبيعية، يكون غشاء التامور مرنًا وقابلًا للتمدد، أي لا يواجه القلب أي مشكلة في التمدد خلال نبضه، ومن ثمّ يمتلئ بالدم. لكن عند الإصابة بالتهاب التامور العاصر، يصبح هذا الغشاء أكثر صلابة وثخانة من المعتاد، وهذا ما يمنع القلب من التمدد كما يجب.

عندما لا يتمكن القلب من التمدد بما فيه الكفاية ليمتلئ بالدم، يصبح من الصعب عليه ضخ كمية كافية لتلبية احتياجات الجسم. ولتعويض ذلك، يقوم القلب بزيادة ضغط النبضة، ما يسبب القصور القلبي.

ما مدى شيوع هذه الحالة؟

يُعد التهاب التامور العاصر مرضًا نادرًا نسبيًا، يحدث لنحو 9% من الأشخاص الذين يعانون التهاب التامور الحاد.

أعراضه:

  •  ضيق التنفس.
  •  ألم في الصدر.
  • التعب.
  •  الدوار.
  •  تورّم (خاصة في البطن وأسفل الساقين) نتيجة تجمّع السوائل.
  •  فقدان الكتلة العضلية.
  • فقدان الشهية، والشعور بالامتلاء حتى عند تناول كميات قليلة من الطعام.

أنواعه:

يوجد عدة أنواع منه مثل:

  1.  الحاد: يكون هذا النوع عندما يحدث الضرر بالتامور بسرعة، وعادةً ما يحدث خلال أيام قليلة.
  2.  النصف حاد: يشبه هذا النوع التهاب التامور العاصر الحاد، لكن لا تكون الأعراض شديدة مثله.
  3.  الالتهاب التاموري العاصر الانصبابي: يسبب هذا النوع انصباب التامور، وهو تجمّع للسوائل داخل التامور، ما يسبب زيادة الضغط على القلب، وحدوث الاندحاس القلبي. لا يستطيع القلب النبض بسبب وجود السائل وزيادة حجمه تدريجيًا. وفي نهاية المطاف، يتوقف القلب عن العمل بسبب الضغط الناتج عن تجمع السائل حوله.
  4.  التهاب التامور العاصر العابر: يشمل هذا النوع عادةً التهاب التامور الحاد الذي يتحول بدوره إلى التهاب التامور العاصر الالتهابي، ويمكن علاج هذا النوع بواسطة أدوية مضادة للالتهاب.
  5.  التهاب التامور العاصر المستتر: سُمى هذا النوع بهذا الاسم لأنه من الصعب اكتشافه. وغالبًا ما يُكتشف ويُشخص عن طريق الصدفة في أثناء إجراء فحوصات أخرى.

ما الذي يسبب هذه الحالة؟

يعني التهاب التامور العاصر أن التامور أكثر صلابة وثخانة من المعتاد، وذلك غالبًا بسبب وجود نسيج ندبي مرتبط بحالات طبية سابقة. وقد يحدث لعدة أسباب:

  •  العدوى: في البلدان النامية، تكون بسبب العدوى البكتيرية عادةً، وخاصةً السل (يصيب التهاب التامور العاصر 20% إلى 30% من حالات التهاب التامور المرتبطة بالسل). أما في البلدان المتقدمة، تكون العدوى الفيروسية هي السبب الأكثر شيوعًا لهذه الحالة.
  •  مشكلات القلب والدورة الدموية: تشمل النوبات القلبية أو حالات أخرى تؤثر في الأوعية الدموية الكبرى القريبة من القلب.
  •  الرضوض والإصابات: قد تسبب الإصابات في الصدر (سواء كانت غير حادة أو حادة مثل جروح السكين أو الرصاص) التهابًا يؤدي إلى تكون نسيج ندبي.
  •  الحالات المناعية والاضطرابات الالتهابية: مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، والذئبة، ومتلازمة شوغرين.
  •  أسباب طبية: قد يحدث تضخم أو تشكل ندبات في التامور بعد جراحة القلب، أو العلاج الإشعاعي للسرطان، أو كآثار جانبية لبعض الأدوية.
  •  السرطان: يشمل هذا إما سرطان التامور نفسه أو سرطان في مكان آخر في الجسم.
  •  أسباب أخرى: قد يحدث التهاب التامور العاصر لأسباب غير معروفة. يفترض مقدمو الرعاية الصحية أن هذه الحالات تحدث بسبب عدوى.

هل هو معدي؟

لا يُعد معديًا، فعلى الرغم من أن التهاب التامور العاصر قد يحدث بسبب العدوى، فإن هذه الحالة ليست معدية بذاتها.

التشخيص والفحوصات:

يستطيع الطبيب تشخيص هذه الحالة بناءً على مجموعة من الأعراض، والتاريخ الطبي، والفحص البدني، والفحوصات التشخيصية.

قد يكون من الصعب تشخيص هذه الحالة في بعض الأحيان، خاصةً عندما لا تكون الأعراض شديدة، أو في حالة الإصابة بأمراض أخرى لها الأعراض نفسها.

ما الفحوصات التي تشخّص هذا المرض؟

إذا اشتبه الطبيب الإصابة، فإنه يجري الفحوصات التالية:

  •  اختبار السل.
  •  فحوصات الدم لتأكيد حالات الجهاز المناعي أو استبعادها.
  •  الإيكو القلبي.
  •  التخطيط الكهربائي للقلب.
  •  الصورة الشعاعية للصدر.
  •  فحص القلب بالتصوير بالحاسوب المقطعي.
  •  فحص القلب بالتصوير بالرنين المغناطيسي.
  •  قسطرة القلب اليسرى واليمنى.

ما آلية علاج المرض؟

غالبًا ما تكون هذا الحالة قابلة للعلاج، ويكون الشفاء منها ممكنًا في كثير من الأحيان.

يتضمن العلاج مرحلتين رئيسيتين:

  •  تخفيف الضغط المطبق على القلب.
  •  علاج الأسباب الأساسية المسببة له ومعالجة الأعراض.

العلاج:

الجراحة: يُعد قطع التامور -إزالة كامل التامور- أفضل فرصة لعلاج هذه الحالة بنجاح، فلا حاجة للتامور إلى البقاء. ويعود الكثير من الناس إلى حياتهم الطبيعية دون أي صعوبة أو آثار طويلة الأمد.

الأدوية: تُعتمد الأدوية بحسب المسبب والأعراض الظاهرة.

تساعد الأدوية على علاج الأعراض مباشرةً أو من خلال وقف ما يسبب حدوثها.

في بعض الحالات، قد تكون الأدوية كافية لعلاج هذا المرض دون الحاجة إلى الجراحة، وقد تساعد أيضًا على ضبط أعراض الأشخاص الذين لا يستطيعون الخضوع للجراحة.

الأدوية:

تشمل أكثر الأدوية شيوعًا لعلاج التهاب التامور العاصر:

  •  مدرّات البول: تساعد هذه الأدوية الكليتين على إزالة السوائل الزائدة من الجسم.
  •  مضادات الالتهاب اللاستيرويدية: تساعد NSAIDs على تقليل الالتهاب وتخفيف الألم، وتشمل الإيبوبروفين ونابروكسين.
  •  الستيرويدات: قد تساعد التأثيرات المضادة للالتهاب لهذه الأدوية على علاج هذه الحالة.
  •  أدوية محددة بحسب السبب: مثل المضادات الحيوية للالتهابات البكتيرية.

المضاعفات:

تختلف المضاعفات بناءً على العلاج والدواء، ويؤدي المسبب الأساسي ونوع الالتهاب دورًا في نوع المضاعفات.

الطبيب هو الشخص الأفضل لإخبار المريض بالآثار الجانبية المحتملة أو المضاعفات عندما يتعلق الأمر بالأدوية.

تشمل المضاعفات المحتملة من الجراحة:

  •  القصور القلبي.
  •  اضطرابات غير منتظمة في ضربات القلب (الرجفان البطيني).
  •  العدوى والتسمم الدموي (التهاب الدم).
  •  الوفاة.

كم يحتاج المريض ليشعر بالتحسن بعد العلاج؟

يعتمد ذلك على سبب هذه الحالة والعلاجات المتلقاة، فقد يستغرق التحسّن أيامًا أو أسابيع.

عند الخضوع للجراحة، فإن الوقت المستغرق للشعور بالتحسّن يعتمد على مدة الشفاء من الجراحة نفسها.

يشعر معظم الأشخاص بالتحسن في غضون ثلاثة أشهر، وقد يحتاج بعض الأشخاص إلى عدة أشهر للتعافي تمامًا.

الوقاية:

تحدث التهاب التامور العاصر على نحو غير متوقع، لذلك من المستحيل تجنّبه. والشيء الوحيد الذي يمكن فعله هو تجنّب الأشياء التي قد تؤدي إلى تطورها.

يجب مثلًا معالجة العدوى البكتيرية بسرعة بدلًا من التأخر فيها، ويجب على العاملين في المجال الطبي تقليل الضرر الإشعاعي على أغشية القلب عند تلقي العلاج الإشعاعي.

كيف يعتني المريض بنفسه؟

إذا كان لديه هذا الحالة، فمن المهم اتباع التوجيهات بشأن العناية الشخصية:

  •  يجب تناول الدواء حسب الوصفة الطبية، لا حين يشعر بالتحسن فقط.
  •  يجب اتباع تعليمات النظام الغذائي، فقد يحتاج العديد من الأشخاص إلى تقليل استهلاك الملح؛ لأن الصوديوم الموجود في الملح قد يسبب احتباس السوائل في الجسم، ما يفاقم هذه الحالة.
  •  يجب تقليل النشاط البدني عند اللزوم، ما يساعد على تقليل الضغط على القلب والحد من أذيّة عضلة القلب والوقاية منها.

متى يجب زيارة مقدم الرعاية الصحية؟

يحتاج معظم الأشخاص إلى زيارة مقدم الرعاية الصحية بانتظام في أثناء تعافيهم من هذه الحالة.

يجب الاتصال بمقدم الرعاية الصحية عند ملاحظة عودة الأعراض، أو في حال ظهور أعراض تؤثر في الأنشطة والروتين المعتاد.

يجب طلب الرعاية الطبية الفورية عند الشعور بألم حاد في الصدر، أو صعوبة في التنفس، أو فقدان الوعي.

اقرأ أيضًا:

انصباب التامور: الأسباب والعلاج

التهاب غشاء التامور Pericarditis

ترجمة: قيثارة درويش

تدقيق: ألاء ديب

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر