يكون الحلم جليًا (Lucid dream) عندما تدرك أنك تحلم. وفيه تستطيع تمييز عواطفك وأفكارك خلال مسير الحلم. وتتمكن أحيانًا من السيطرة على الحلم، فقد تقدر على تغيير الأشخاص والبيئة أو السيناريو. ومن المحتمل أن يقلّل هذا النوع من الأحلام الكوابيس والقلق. تابع القراءة لتعرف أكثر عن الحلم الجلي: ما هو؟ ومتى يحدث؟ وما عليك فعله لتحظى بتجربته.

متى يحدث الحلم الجلي؟

تتناوب على دماغك عند النوم دورتان، هما نوم حركة العين السريعة، ونوم حركة العين غير السريعة، الذي يضم ثلاث مراحل منفصلة، وخلاله يتذبذب الدماغ وتتباطأ ضربات القلب وحركات العين تدريجيًا. أما في نوم حركة العين السريعة يكون الدماغ نشطًا للغاية ويزداد معدل ضربات القلب وحركات العين أيضًا.

يحدث الحلم الجلي -مثل معظم الأحلام- خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة. وفيه تعي أنك تحلم، وتدرك وعيك هذا في أثناء مرحلة الحلم.

اختبر نحو 55% من الناس حلمًا جليًا واحدًا أو أكثر خلال حياتهم، لكن تكراره نادر. يختبر 23% من الأشخاص فقط الأحلام الجلية على الأقل مرةً شهريًا.

كيف تحلم حلمًا جليًا؟

جرّب النصائح التالية لتحظى بالحلم الجلي:

إطالة فترة نوم حركة العين السريعة:

بما أن الحلم الجلي يحدث في أثناء نوم حركة العين السريعة، فسيزيد قضاء وقت أطول في هذه المرحلة من فرصك في الحصول على الحلم الجليّ. وبإمكانك تمديد فترة نوم حركة العين السريعة بالحصول على قسط كافٍ من النوم. تساعد عادات النوم الصحية دماغك على المرور بمراحل دورة النوم الأربع كلّها.

وللتدرب على عادات نوم صحي عليك بما يلي:

  •  ضع مواعيد محددة للنوم.
  •  مارس تمارين رياضية يوميًا.
  •  تجنب استعمال الأجهزة الإلكترونية قبل النوم.
  •  اخلق بيئةً مريحةً للنوم.
  •  تجنب الكافيين والكحول قبل النوم.

حتى إن لم تحلم حلم جليًا، ستساعدك هذه العادات في الحصول على نوم منعش.

احتفظ بمفكرة لأحلامك:

يحتفظ العديد من الناس بمفكرة لأحلامهم أو بيوميات لتحفيز الحلم الجلي. تدفعك كتابة أحلامك إلى استحضارها، ويُعتقَد أن ذلك يساعد دماغك على إدراك حالة الحلم. لذلك، احتفظ بدفتر وقلم بجانب سريرك واكتب حلمك حالما تستيقظ. اقرأ مفكرتك بانتظام لتدريب الدماغ على الأحلام.

اختبر واقعية محيطك:

يتشابه مستوى وعيك بين حالتي اليقظة والحلم. أي بزيادة وعيك في أثناء الاستيقاظ ستتمكن من تحسين وعيك في أثناء الحلم. ويتضمن المنهج اختبار الواقع (Reality testing) خلال اليوم. عندما يتحول سبر الواقع إلى عادة ستتمكن من استحضار الوعي في أثناء الحلم. وتضم طرق اختبار الواقع ما يلي:

  •  ضم الإصبع إلى الراحة: ادفع إصبعك باتجاه راحة يدك، إن اخترقتها فأنت تحلم.
  •  المرايا: لن يبدو انعكاسك طبيعيًا في الحلم.
  •  قَرص الأنف: اقرص أنفك، إن كنت تحلم ستتمكن من التنفس.
  •  القراءة: أشِح بأنظارك عن النص ثم انظر مجددًا، إن كنت تحلم سيتغير النص.
  •  الوشوم: إن كان لديك وشوم، انظر إليها وستكتسب شكلًا مختلفًا في الحلم.

اختر إحدى الطرق السابقة وافعلها عدة مرات خلال اليوم. وربما اضطررت إلى تجربة أكثر من طريقة لتحديد الأفضل.

الحلم الجلي: السيطرة على سيناريو أحلامك - التقليل من الأحلام الكوابيس والقلق - نوم حركة العين السريعة - ما هو الحلم الواضح

جرّب تقنيات التحريض

علمًا بأن الحلم الجلي قد يحدث عشوائيًا، فمن المحتمل استهلاله بتقنيات التحريض. وتضم هذه الطرق ما يلي:

  •  الاستيقاظ ثم العودة إلى النوم: استيقظ بعد 5 ساعات من النوم، وعند العودة ستدخل على الأرجح مرحلة نوم حركة العين السريعة بينما لا تزال واعيًا.
  •  تحريض الذاكرة على الحلم الجليّ: أخبر نفسك أنك ستحلم حلم واعيًا الليلة. بإمكانك فعل ذلك قبل النوم أو عند الاستيقاظ خلال النوم.
  •  البدء بالحلم الجلي في أثناء اليقظة: وهنا تدخل مرحلة نوم حركة العين السريعة بعد صحو تام مع المحافظة على وعيك. وتتضمن الاستلقاء إلى حين تراودك الهلوسة التنويمية.

فوائد الأحلام الجلية

الكوابيس الطارئة أمر طبيعي. إلا أن الكوابيس المتكررة قد تكون مرهِقة وتتعارض مع جودة النوم. فتؤثر الكوابيس في الأشخاص إذ تسبب:

  •  القلق، والتوتر، والاكتئاب، واضطراب الكرب ما بعد الصدمة.
  •  الحرمان من النوم، واضطراباته مثل التغفيق (النوم القهري).
  •  اللجوء إلى الأدوية والإدمان.

قد يقدم الحلم الجلي الراحة بتقليل الكوابيس المتكررة. ففي أثناء الحلم الجليّ تستطيع إدراك أن الكابوس غير حقيقي، ويمكنك التحكم في الحلم، ما يتيح لك تحويل الكابوس إلى سيناريو طبيعي أو مُرضٍ أكثر.

تخفيف القلق:

عبر تقليل الكوابيس، يسكّن الحلم الجليّ من القلق الناجم عنها. يُستعان به أيضًا لتخفيف القلق الناجم عن اضطراب الكرب ما بعد الصدمة. ثمة اعتقاد شائع أن الحلم الجلي يخفف اضطراب القلق العام، إلا أننا نحتاج إلى المزيد من الأدلة العلمية. ويقول البعض أنه يساعدهم على تخطي مصدر قلقهم.

زيادة القدرات الحركية:

قد يزيد تخيّل الحركات الجسدية من القدرة الفعلية على فعلها. وهذا قد يحدث خلال الحلم الجلي، إذ يستطيع الحالم ممارسة التمارين الحركية. فعندما تؤدي مهارات حركية خلال الحلم، تنشط القشرة الحركية الحسية الدماغية، وهي الجزء المتحكم في الحركة.

ومن هذا المنطلق، قد يساعد الحلم الجلي في التأهيل الفيزيائي لأشخاص يعانون إعاقات جسدية. ويفيد أيضًا من لا يعانون إعاقات وذلك بتشجيعهم على ممارسة الرياضة وغيرها من المهارات الحركية.

تحسين الإبداع:

من المحتمل أن يعزّز الحلم الجلي من الإبداع. ومنطقيًا، يحلم المبدعون أحلامًا جليةً أكثر، وهذا قد يرجع إلى قدرتهم العميقة على استحضار الأحلام وتخيّل الأحداث. ووفقًا لتقارير متواترة تستطيع الآلية العمل عكسيًا. وأكّد البعض تحسين الحلم الجلي من إبداعهم ومخيلتهم. إلا أن الدراسة لم تُؤكَّد علميًا. يلجأ العديد من الناس إلى الحلم الجلي لشحذ إبداعهم.

تفسير الأحلام الجلية

يمكن تفسير الحلم الجلي كما هو الحال مع الحلم العادي. فقد يساعدك تفسير الأحلام على فهم مدى ترابط أحلامك. وفي الحقيقة، يقول الناس أن التفسير أسهل في حالة الحلم الجلي. إذ يزيد وعيك من قدرتك على ملاحظة تفاصيل الحلم عند حدوثها. فالأحلام الجلية حيّة أكثر، ما يساعدك على تذكر الأحداث والتفاصيل.

لتفسير الحلم الجلي، اكتب أحلامك في يومياتك. تساعدك كتابة تفاصيل الحلم على اكتشاف مواضيعه البارزة. ويُنصَح أيضًا بكتابة يوميات بانتظام. فمن خلال تسجيل أحلامك وحياتك اليومية ستجد الروابط على الأرجح.

أخطار الحلم الجلي

يُعد الحلم الجلي آمنًا عادةً. لكن تترتب بعض المخاطر على أشخاص يعانون اضطرابات نفسية. وهذا يتضمن:

  •  مشكلات النوم: لما كانت طرق استجلاب الحلم الجلي تتعارض عمدًا مع النوم، فيصعّب هذا الحصول على قسط كافٍ منه. ويرتفع الخطر إذا كنت تعاني أحد اضطرابات النوم.
  •  الاكتئاب والقلق: قد تزيد مشكلات النوم أعراض الاكتئاب والقلق.
  •  تبدد الواقع: يصعّب ما يحرضه الحلم الجلي من خيالات وأحلام إدراك الواقع.
  •  الانفصال: قد يسبب التداخل بين الحقيقة والحلم الانسلاخ عن المحيط والذات.

الخلاصة

يحتفظ الحالم بوعيه خلال الحلم الجلي. وقد يتمكن في بعض الحالات من السيطرة على سيناريو الحلم.

إذا رغبت في أن تحظى بالحلم الجلي، جرّب النصائح الواردة في هذا المقال. من المحتمل أن تقلل الأحلام الجلية من الكوابيس والقلق، وتحسّن القدرات الحركية والإبداع.

خُذ حذرك إن كنت تعاني أحد اضطرابات النوم أو الاضطرابات النفسية. إذ تثير محاولة تجريب الحلم الجلي العديد من المخاطر. متضمنةً انقطاع النوم وتبدد الواقع.

استشِر معالِجًا أو اختصاصيًا باضطرابات النوم قبل الإقدام على تجربة الحلم الجلي.

اقرأ أيضًا:

ربما تساعدنا الأحلام السيئة في مواجهة المخاوف في الحياة الحقيقية

لماذا ننسى الأحلام عندما نستيقظ في الصباح؟

ترجمة: سوار قوجة

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: آية فحماوي

المصدر