ينتج الداء القلبي الإكليلي غير الساد عن تراكم اللويحات في الشرايين التاجية دون انسدادها كليًا، ما يعدّه الخبراء أقل خطورة من الداء القلبي الإكليلي الساد، لكن الأبحاث تشير إلى زيادة خطر الإصابة بالذبحة الصدرية بوجود الداء القلبي الإكليلي غير السّاد.

يستعرض هذا المقال الاختلاف بين الداء القلبي الإكليلي الساد وغيرالساد، ويناقش خطورة الداء القلبي غير الساد ووسائل علاجه.

الداء القلبي الإكليلي غير الساد:

يختلف الداء القلبي الإكليلي غير السّاد عن الداء القلبي الإكليلي الساد في حجم اللويحات المتراكمة داخل الأوعية الدموية، إذ تبلغ هذه اللويحات في حالة الداء القلبي الإكليلي الساد أحجامًا كبيرة مسببة تضيق الأوعية الدموية بنسبة تتجاوز 70% أو انسداداها تمامًا، فيقل تدفق الدم إلى القلب وترتفع احتمالية الإصابة بالذبحة الصدرية، في حين يكون تراكم اللويحات داخل الشرايين في حالة الداء القلبي الإكليلي غير السّاد صغيرًا نسبيًا دون الوصول إلى مرحلة الانسداد التام في الوعاء الدموي، ويتطلب تشخيص الإصابة بالداء غير الساد احتلال اللويحات لأكثر من 50% من قطر الشرايين.

خطورة الداء القلبي الإكليلي غير السّاد:

تجاهل الخبراء في الماضي خطر الإصابة بالداء القلبي الإكليلي غير السّاد باعتباره أقل حدة من النوع الساد، مفترضين زيادة احتمالية الإصابة بالذبحة الصدرية في حال الانسداد الفيزيائي للشرايين فقط، لكن الأدلة الحالية تشير إلى ما يحمله الداء القلبي الإكليلي غير السّاد من مخاطر، إذ يغيب الانسداد التام في الشرايين الإكليلية لدى 5% إلى 6% من المصابين بالذبحة الصدرية.

يشير مقال نُشر في المجلة الأوروبية للقلب في عام 2020 إلى عدم فعالية العلاج في تقليل الإصابة المستقبلية بالأزمات القلبية لدى معظم مرضى الداء القلبي الإكليلي الساد.

يرتبط الداء القلبي الإكليلي غير الساد بزيادة احتمالية الإصابة باضطرابات قلبية خطيرة، كالذبحة الصدرية أو الوفاة حتى، بنسبة تتراوح بين 28%-44%، وفقًا للجمعية الأمريكية للقلب.

يجري الخبراء حاليًا دراسات معمقة لتكوّن اللويحات في الشرايين كمؤشر إلى احتمالية الإصابة بأزمة قلبية مستقبلًا، بغض النظر عن نسبة التضيق في الأوعية الدموية.

أسباب الداء القلبي الإكليلي غير الساد:

يسبب تراكم اللويحات داخل الشرايين التي تضخ الدم إلى القلب والأجزاء الأخرى من الجسم الإصابة بالداء القلبي الإكليلي، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، إذ تتكون هذه اللويحات من الكوليسترول وبعض المواد الأخرى، مسببة تضيق الشرايين أو انسدادها تمامًا، فيقل تدفق الدم إلى القلب، ويزداد خطر الذبحة الصدرية، وتُسمى هذه الحالة بتصلب الشرايين.

تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة بالداء القلبي الإكليلي، وتشمل هذه العوامل كلًا مما يلي:

  •  ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، وانخفاض مستوى الكوليسترول الجيد.
  •  ارتفاع ضغط الدم.
  •  التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب.
  •  الداء السكري.
  •  الوزن الزائد.
  •  انقطاع الطمث.
  •  الذكور الذين تتجاوز أعمارهم 45 عامًا.
  •  قلة النشاط البدني.
  •  التدخين.
  •  زيادة مستويات البروتينات الشحمية من النمط (أ) (Lipoprotein-a).

أعراض الداء القلبي الإكليلي غير السّاد:

قد يصاب البعض بالداء القلبي الإكليلي غير الساد من دون أن تظهر عليهم أي أعراض في حال كانت اللويحات المتراكمة داخل الأوعية صغيرة الحجم، في حين تعرقل اللويحات الكبيرة تدفق الدم عبر الأوعية، فيبدي المريض أعراضًا مشابهة للإصابة بالداء القلبي الإكليلي الساد، وتشمل الأعراض ما يلي:

  •  الألم الصدري.
  •  آلام الذراع أو الرقبة أو الظهر.
  •  الدوار أو الغثيان أو الوهن.
  •  التعرق البارد.
  •  ضيق التنفس.
  •  الشعور بالتعب بعد بذل أي جهد.

قد يصاب البعض بالذبحة الصدرية كأول أعراض الداء القلبي الإكليلي.

تشخيص الداء القلبي الإكليلي غير السّاد:

ينصح الأطباء بإجراء بعض الاختبارات والفحوص لتشخيص الداء القلبي الإكليلي غير الساد، ومن بينها:

  •  تخطيط القلب الكهربائي (EKG أو ECG)؛ لتقييم الفعالية القلبية.
  •  اختبار تحمل الجهد؛ لتسجيل معدل ضربات القلب خلال النشاط البدني باستخدام جهاز المشي.
  •  اختبار تحمل الجهد المعتمد على الأدوية، إذ تُستخدم الأدوية بدلًا من التمارين البدنية لزيادة سرعة ضربات القلب.
  •  تصوير الصدر بالأشعة السينية؛ لتصوير القلب والرئتين والأعضاء الصدرية الأخرى.
  •  تصوير الشرايين التاجية؛ لتقييم تدفق الدم عبر الشرايين.
  •  قياس نسبة الكالسيوم في الشرايين الإكليلية.
  •  التحاليل الدموية؛ لقياس العوامل المؤثرة في الأوعية، مثل الكوليسترول وغيره.
  •  تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية؛ لتقييم الفعالية القلبية جنبًا إلى جنب مع اختبار تحمل الجهد.
  •  التصوير النووي للقلب، باستخدام المواد المشعة جنبًا إلى جنب مع اختبار تحمل الجهد.

علاج الداء القلبي الإكليلي غير الساد:

يعتمد علاج الداء القلبي الإكليلي غير السّاد على الحالة الصحية العامة للمريض، وإصابته بأمراض أخرى، وتعرضه السابق لذبحة صدرية، وقد ينصح الأطباء بما يلي:

  •  تغيير النظام الغذائي ونمط الحياة، كاتباع حمية صحية، وممارسة الرياضة، وتجنب التوتر، والإقلاع عن التدخين.
  •  مراقبة عوامل الخطر وعلاجها، كتناول الأدوية الخافضة للكوليسترول أو خافضات ضغط الدم.
  •  تناول الأسبرين يوميًا لمنع تكون الجلطات.
  •  علاج آلام الصدر باستخدام النيتروغليسيرين بأشكاله المختلفة كالبخاخات أو اللصاقات.

يستبعد العلاج الجراحي في معظم حالات الداء القلبي الإكليلي غير السّاد نظرًا إلى عدم انسداد الأوعية، لكنه يصبح خيارًا واردًا في حال زيادة حجم اللويحة السادة للشريان.

يعتمد العلاج الجراحي على إعادة الجريان الدموي الطبيعي داخل الأوعية باستخدام إحدى التقنيتين التاليتين:

  •  إعادة التوعية الإكليلية عبر الجلد: يُدخل الطبيب قسطرة في الشريان المسدود، ويستخدام بالونًا لدفع الانسداد إلى جدران الشريان، ثم يُدخل دعامة تساعد على إبقائه مفتوحًا، ما يسمح بعودة الجريان الدموي الطبيعي داخله.
  •  جراحة مجازة الشرايين الإكليلية: يستخدم الطبيب شريانًا سليمًا من منطقة أخرى من الجسم لإعادة تدفق الدم عبره حول مكان الانسداد.

مضاعفات الداء القلبي الإكليلي غير السّاد:

قد يتطور الداء القلبي الإكليلي غير الساد إلى الداء القلبي الإكليلي الساد في حال بلغت نسبة التضيق في قطر الشريان أكثر من 50%، وتشمل مضاعفات الإصابة بالداء القلبي الإكليلي كلًا مما يلي:

  •  الألم الصدري.
  •  اضطرابات النظم القلبي.
  •  الذبحة الصدرية.
  •  قصور القلب.

الخلاصة:

تُظهر الأبحاث الحديثة أدلة على احتمالية تسبب الداء القلبي الإكليلي غير الساد باضطرابات قلبية خطيرة، على الرغم من اعتباره أحيانًا مرضًا أقل حدة من الداء القلبي الساد لدى بعض الخبراء.

يتشابه النمطان الساد وغير الساد من الداء القلبي الإكليلي فيما يخص الأعراض وعوامل الخطر ووسائل التشخيص والعلاج، ويستثنى العلاج الجراحي الذي يمكن تفاديه في حال عدم انسداد الشرايين.

قد يساعد تغيير نمط الحياة وعلاج عوامل الخطر كارتفاع الكوليسترول على تقليل خطر الإصابة بالأزمات القلبية.

اقرأ أيضًا:

الداء القلبي الزراقي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

لماذا تزداد النوبات القلبية عند الشباب؟

ترجمة: إيمان مشماشي

تدقيق: أنس الرعيدي

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر