السوق الصعودي، يعني حرفيًا سوق الثور Bull Market، يُعرف أيضًا بجري الثور، وهو فترة طويلة وممتدة من حياة السوق، تحدث هذه الحالة في السوق عندما تكون الأسهم الإجمالية متجهة نحو الارتفاع.

لا يوجد قياس أو تحديد رسمي لتعريف السوق الصعودي، تقول إحدى القواعد الشائعة أن السوق الصعودي يحدث عند ارتفاع أسعار الأسهم بنسبة 20% عن آخر أقل نقطة وصل إليها السوق، مع ترافق هذا الصعود بعلامات تدل على استمرار الارتفاع.

مصطلح السوق الصعودي يطبق على سوق الأسهم، المُقاس بمؤشرات رئيسية مثل S&P 500، ومؤشر ناسداك بتقنيته المعقدة، ومتوسط داو جونز الصناعي.
وهذا لا يعني نفي المصطلح عن بقية الأسواق، بل يطبق على الأسهم الفردية والأصول المتنوعة مثل العقارات والسندات العملات.

في نفس السياق، نقيض السوق الصعودي هو السوق الهبوطي أو المتجه نحو الركود، يحدث عندما تنخفض أسعار الأسهم بنسبة 20% عن آخر ذروة وصلت إليها.

لتوضيح الفرق بين السوقين يمكن أن نلجأ إلى التسمية لكل منهما: السوق الصعودي هو سوق الثور، أصبح الثور رمزًا للسوق الصعودي لأننا عندما نقوم باستفزازه أو تحفيزه يركض بقوة وسرعة، في المقابل، السوق الهبوطي هو سوق الدب (الترجمة الحرفية للسوق الهابط هي سوق الدب)، والدببة دفاعية وترتبط بالسُبات، لذا أصبحت استعارة مثالية للتعبير عن السوق المنخفض.

السمات الأساسية للسوق الصعودي

يعكس السوق الصعودي فترة “صعود” في الاقتصاد العام، بالتحديد المرحلة التوسعية للدورة الاقتصادية، عند ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي يرتفع استهلاك الفرد والإنتاج الصناعي.

تتضمن الصفات الرئيسية لسوق الأسهم:

زيادة ثقة المستثمر: مع ارتفاع أسعار الأسهم، يثق المستثمرون أنها ستستمر في الارتفاع، لذا يستمرون بشراء الأسهم، هذا بدوره يرفع أسعار الأسهم، بناءً على العرض والطلب.

تشجع الشركات للمراهنة على مستقبلها: تركز الشركات على التوسع والاستثمار في نفسها، مستندة على شراء المستهلكين.

انخفاض معدلات البطالة: نتيجة لتوسع الشركات، تزداد الحاجة لاستقطاب موظفين جدد، الذي بدوره يُخفض معدل البطالة، ويرتفع متوسط الأجر للعامل نتيجة منافسة الشركات للحصول على العمال. هذه المنافسة تدفع العمال إلى البحث عن عمل يدفع لهم أجر أفضل من عملهم الحالي.

زيادة معدل الاستهلاك: نتيجة لزيادة معدلات الأجور، يملك الأفراد الآن قابلية أكبر على الاستهلاك. نظرًا إلى الشعور بأنه سيكون من السهل الحصول على أموال إضافية.

المخاطرة بحدوث تضخم مفرط: نتيجة للنقطة السابقة، كل تلك الأموال المتدفقة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وحدوث التضخم.

كم من الوقت يستمر السوق الصعودي؟

من الجدير بالذكر أنه لا يوجد سوقان صعوديان متشابهان. على الرغم من ذلك، فإن بحثًا (لإنفستش ريسرش) يوضح أن متوسط مدة سوق الأسهم منذ عام 1932 هي 3.8 سنوات.

بشكل عام، فترة السوق الصعودي تعتبر منتهية عندما تبدأ الأسهم بالهبوط على مستوى ثابت، منخفضة على الأقل بنسبة 20% من آخر ذروة لها كما ذكرنا سابقًا.

تمثُّلًا بالقول القديم، السوق الصعودي لا يفنى بالتقادم، بل يفنى عندما تصيب السوق تغيّرات جوهرية، مثل ارتفاع الأسعار بشكل كبير وبسرعة كبيرة، أو عند وقوع أحداث معينة تثني ثقة المستثمر في السوق.

من المستحيل توقع لحظة وصول السوق إلى قمته من منظور أولي بدائي، لذا من الصعب جدًا توقع لحظة الانعطاف للسوق قبل الوصول إليها.

يرتبط طول أي سوق صعودي بالعوامل المحيطة به في وقت هذا السوق، يمكن توضيح هذا المفهوم إذا استغرقت النظر قليلًا في أكبر أسواق صعودية في التاريخ:

رالي مابعد الحرب العالمية الثانية: من حزيران 1949 إلى آب 1956

في السنوات الأولى بعد الحرب، ارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 267% خلال 86 شهرًا، حقق عائدًا سنويًا يُثنى عليه بمقدار 20%. أما على الجبهة الداخلية، كانت السلع الاستهلاكية التي أدت لتزايد معدل الولادات هي المحرك الرئيسي، إضافةً إلى وجود سوق تصدير قوي ساعد الشركات على النمو.

توقف السوق الصعودي آنذاك جرّاء معدلات فائدة الاحتياطي الفدرالي المرتفعة والتوتر في الأحداث العالمية، ومن ثم الدخول في مرحلة السوق الهبوطي. عاد إلى مرحلة الصعود في عام 1957.

قنبلة الإسكان: من تشرين الأول عام 2002 إلى تشرين الأول عام 2007

فقاعة الإسكان، نمو دراماتيكي في قطاع العقارات، بدأ بعد أن قامت الحكومة الفيدرالية بخفض أسعار الفائدة بشدة على أمل تشجيع الاستثمار.

حصيلة ذلك المؤسسات المالية التي شجعت التمويل والاستثمار العقاري والمتاجرة في الرهون أبلت بلاءًا حسنًا، حتى بدأت معدّلات الفائدة بالارتفاع مجددًا وأصبح المقترضون في ضائقة مالية صعبة جرّاء تخلفهم عن سداد قروضهم، هذا بدوره أدى إلى أزمة الرهون العقارية. انتهى هذا السوق الصعودي في أوائل شهر تشرين الأول 2007 وصلت الأسهم إلى ذروتها، وتلى ذلك بداية حالة الركود، وقدوم السوق الهبوطي في الصيف التالي.

أطول فترة سوق صعودي في التاريخ: من آذار 2009 إلى آذار 2020

استمر هذا السوق الصعودي القياسي لفترة 131.3 شهر (قرابة 11 سنة)، ما يجعلها أطول فترة في التاريخ، بعد تجاوز محنة الركود الكبير (2007 حتى 2009)، ارتفع مؤشر S&P 500 إلى أكثر من 400% بعد أدنى مستوى له عند 666 نقطة في 6 آذار عام 2009.

في 12 شباط عام 2020، سجل مؤشر داو جونز الصناعي رقمًا قياسيًا مرتفعًا عند 29.551 نقطة.

قُدّرت عوائد S&P لوحده بأكثر من 18 تريليون دولار على الورق، طوال هذه الفترة كانت البطالة عند أدنى مستوى لها منذ 40 عامًا، عند أقل من 4٪.

في 11 آذار ، خسر مؤشر داو جونز أكثر من 20% من قيمته، هابطًا أقل من 19000 نقطة. تلقت أيضًا مؤشرات S&P 500 وناسداك ضربة ساحقة بعد ذلك بمدة قصيرة.

السبب الأكثر وضوحًا هو الانتشار الواسع للمخاوف المتعلقة بفيروس كورونا على مستوى العالم على القطاعين الاقتصادي والاجتماعي، إذ أغلقت الشركات أبوابها وطُرد العديد من العمال من وظائفهم.

ثلاث نصائح خذها بعين الاعتبار عند الاستثمار في السوق الصعودي:

هل تتسأل كيف يتصرف المستثمرون العقلاء في الأسواق الصعودية؟ إليك بعض النصائح:

لا تحاول تحديد وقت السوق: قد يكون من المستحيل تحديد متى يكون السوق في قمته، ونادرًا ما يتنبأ المحترفون بالتوقيت بشكل صحيح.

استنادًا إلى ذلك قد ينتهي بك الأمر وأنت تبيع في وقت متأخر جدًا، ليس هذا فحسب بل قد تبيع في وقت مبكر جدًا مضيّعًا أرباحًا مستقبلية محتملة. لذا يفضل الدخول إلى السوق والخروج منه تدريجيًا بعيدًا عن المبالغات في اتخاذ القرارات وبعيدًا عن المعايير المحددة مسبقًا، وبدل بيع كل ما تملك دفعة واحدة لاقتناعك أن السوق وصل إلى قمته. على أية حال إذا اتبعت استراتيجية شراء مثل متوسط تكلفة الدولار، التزم بها.

تنوع في خياراتك: قد يكون من المغري الدخول كليًا في سهم أو قطاع صاعد عندما يتجه السوق نحو النمو، لكن نهاية هذا النمو قد تكون أقرب مما تعتقد.

إذا كنت اشتريت السهم أو القطاع “الفائز” فقط، قد تجد أن أسعار هذا “الفائز” تنخفض أسرع من غيرها. بمعنى آخر، السوق الصعودي الخارق قد يجعل أضعف الشركات تبدو أنها تتجه نحو نجاح محقق، حتى يتحطم هذا النجاح بانتهاء السوق الصعودي. لذا تأكد أن تعرف ما يعنيه تنويع خياراتك بشكل فعال، وتذكر أن ردود الأفعال السريعة على الأخبار المتعلقة بالأسهم الفردية أو الشركات ليست أفضل طريقة لمعرفة أين تضع أموالك.

انتبه إلى كل المستهلكين الأقوياء: أثبتت الشركات التي تبيع المنتجات مباشرة إلى المستهلكين -على عكس الشركات الصناعية- نفسها على مدى عقود. لذلك تميل الأسواق الصعودية في السنوات الأخيرة إلى أن تكون مدعومة من قبل هذه الشركات، وأهم من ذلك أنها قد تشكّل ملاذًا آمنًا أثناء فترات الركود أيضًا. ضع في اعتبارك الاستثمار في هذه الأسهم، أو في صندوق استثمار مشترك كبير الحجم مع مثل هؤلاء الأقوياء.

اقرأ أيضًا:

ما المقصود بمصطلح الانهيار الاقتصادي

ما المقصود بمصطلح القوة الاقتصادية للدول؟

ترجمة: صقر التركاوي

تدقيق: بيان عصفور

المصدر