يحاول العلماء استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء نوع جديد من «الساعات» التي يمكنها قياس عمرك البيولوجي الحقيقي.

أضافت محاولة حديثة عوامل نفسية إلى العوامل الأخرى المتعلقة بالعمر البيولوجي، وقدمت بعض التوقعات المثيرة للاهتمام. تشير الاختبارات الأولية إلى أن تأثير اعتلال الصحة العقلية -أحيانًا- قد يفوق تأثير الأمراض والعادات الجسدية، متضمنةً التدخين.

يعتمد العمر الزمني على عدد السنوات التي تعيشها، لكن مجرد امتلاك شخصين العمر ذاته على الورق لا يعني أن كليهما يتمتع بالقدر ذاته من الصحة.

بقياس جوانب معينة من الصحة الجسدية للشخص، مثل بكتيريا الأمعاء أو واسمات الالتهاب في الدم، يأمل الباحثون أن يتوقعوا مدى «كبر» الشخص مقارنةً بعمره البيولوجي.

إذا كانت التوقعات دقيقة، فقد تساعد الخبراء على فهم سبب تقدم بعض الأفراد في العمر أسرع من غيرهم، وما هي عوامل نمط الحياة التي تساهم في عملية الشيخوخة.

ظل عنصر رئيسي متعلق بصحة الإنسان مفقودًا في المحاولات السابقة لحساب الساعة البيولوجية، وهي حالتنا العقلية والعاطفية.

عام 2021، وجدت دراسة استمرت عقودًا على 2.3 مليون نيوزيلندي، ارتباطًا قويًا بين الاضطرابات النفسية وبين الأمراض الجسدية والموت.

وجدت دراسة أخرى ارتباط وجود تاريخ من مشكلات الصحة العقلية بتسارع الشيخوخة في منتصف العمر. إضافةً إلى ذلك، ظهر تأثير الشيخوخة هذا قبل سنوات عديدة من ظهور الأمراض الأخرى المرتبطة بالعمر.

بأخذ هذه النتائج في الحسبان، صمم باحثون في الولايات المتحدة وهونغ كونغ خوارزمية كمبيوتر لإنشاء ساعة بيولوجية جديدة تتضمن العديد من عوامل الصحة النفسية والمؤشرات الحيوية للدم.

طُبقت الخوارزمية على بيانات نحو 5000 من البالغين الأصحاء في مجموعة بيانات الدراسة الطولية للصحة والتقاعد الصينية، التي تشمل المشاركين بعمر 45 أو أكبر، واختُبرت على بيانات 7000 شخص آخرين.

للمرة الأولى يطبق الباحثون ساعة بيولوجية حصريًا على هذا التعداد الصيني الكبير، إذ إن معظم الدراسات السابقة أجريت على مجموعات سكانية في الغرب، وهي أيضًا من أولى الدراسات التي تربط الصحة العقلية بالصحة الجسدية.

وجد الباحثون أن العوامل النفسية، مثل الشعور بالتعاسة أو الوحدة، تضيف نحو 1.65 عام إلى العمر البيولوجي للشخص. تجاوز التأثير الخصائص الديموغرافية الفردية الأخرى، متضمنةً الجنس البيولوجي، ومنطقة المعيشة، والحالة الاجتماعية، والتدخين.

كتب الباحثون: «نستنتج أنه ينبغي ألا نتجاهل المكون النفسي في دراسات الشيخوخة، نظرًا إلى تأثيره الكبير في العمر البيولوجي».

تضمنت الدراسات بيانات جسدية عن 16 عاملًا من عوامل الدم، متضمنةً مستويات الكولسترول، إضافةً إلى مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر وضغط الدم.

استندت البيانات النفسية للمشاركين إلى ثمانية مشاعر: منزعج، أو وحيد، أو غير سعيد، أو قليل التركيز، أو قلق، أو مكتئب، أو يائس، أو خائف. هذه بالطبع نسخة مبسطة من الصحة العقلية، لكنها قد تجعل تنبؤات الساعة البيولوجية أكثر تحفظًا.

باختبار الساعة تحديدًا على المرضى، متضمنين من يتعايشون مع السرطان أو أمراض القلب أو الكبد أو الرئة أو السكتة الدماغية، فقد تنبأت بدقة بأنهم أكبر سنًا من نظرائهم في مجموعة الأصحاء.

لكن تأثير كل من هذه الظروف على العمر المتوقع لم يتجاوز عامًا ونصف. هذا أقل بقليل من التأثير الكلي لجميع المتغيرات النفسية مجتمعة، التي أدت إلى تسريع الشيخوخة بمقدار 1.65 سنة، وفقًا للخوارزمية. في حين أضاف التدخين نحو 1.25 سنة من الشيخوخة.

هذا لا يعني أن التدخين أقل خطورة على الصحة من الاكتئاب أو الشعور بالوحدة. يظل التدخين أحد عوامل الخطر الرئيسية للعديد من أنواع السرطان وأمراض القلب.

استنادًا إلى تنبؤات الساعة البيولوجية، إذا كان الشخص أعزب فهذا يضيف 0.59 سنة من الشيخوخةـ وإذا كان نادرًا ما يشعر بالسعادة فإن هذا يضيف 0.35 سنة، وإذا كان غالبًا ما يشعر باليأس، يضيف ذلك 0.28 سنة، وإذا كان يواجه صعوبة في النوم، يضيف ذلك 0.44 سنة، لذلك فإن لهذه التأثيرات مجتمعة تأثير أكبر على الصحة مقارنةً بالتدخين بمفرده.

كتب الباحثون: «تظهر النتائج أن التأثير الضار لتدني الحالة النفسية يماثل تأثير الأمراض الخطيرة والتدخين».

«يُعد تعزيز الصحة العقلية تدخلًا محتملًا لمكافحة الشيخوخة، مع فوائد محتملة مساوية لنهج العلاج البدني».

اقرأ أيضًا:

العمر البيولوجي، وليس تاريخ الميلاد، قد يكشف عن دوام الصحة

تنظيم التعبير الجيني قد يكون مفتاحًا لطول العمر

ترجمة: ميس الفالوجي

تدقيق: آلاء رضا

المصدر