في استطاعتنا تعبيد الطرق على القمر.

يستطيع الليزر تذويب مادة شبيهة بالتربة القمرية مُحوّلًا إياها إلى قطع صغيرة يمكن استخدامها في تعبيد طرق قمرية.

من المقرر أن يكون القمر هو الوجهة المقبلة، فمع إقلاع سفينة Artemis 3 في نهاية عام 2025، ستكون المهمة الأولى منذ عهد رحلات أبولو لهبوط البشر على سطح القمر، وبحلول ذلك الوقت، قد تكون هناك وسيلة جديدة للتنقل على غبار سطح القمر، ما قد يُخفف هذا من الضرر الناجم عن المشي على شظايا حادة من التربة القمرية.

توصل فريق دولي من الباحثين في مشروع (ESAPaver)، التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، إلى طريقة لاستخدام الليزر في تذويب تربة القمر، أو على الأقل تربة بديلة مُطوّرة من قبل الوكالة لمحاكاة القمر.

وجه الباحثون أشعة الليزر لتربة القمر بهدف إنشاء قطع مصطفة منتجة تتداخل مع بعضها، متاحة للاستخدام في إنشاء طرق معبدة ومنصات هبوط.

تتميز التربة المنصهرة المتماسكة بقوتها الكافية لتحمل وزن مركبات استكشافية ومركبات فضائية أخرى مع انتشار أقل للغبار، ويمكن إنتاج كل ذلك مباشرة على سطح القمر.

قال الباحث في دراسةٍ مُجراة نُشرت مؤخرًا في Scientific Reports: «يُخيّلُ لنا أن هذه التكنولوجيا ستلعب دورًا أساسيًا في المرحلة الأولى، أي مرحلة البقاء للبنية التحتية للقمر، وفي مرحلة التطوير أيضًا، ومع مرور الوقت، ستساهم في كل المراحل الاستكشافية للقمر».

التوسع الاستكشافي السطحي

أصبح الغبار القمري مصدرًا للأذى بالنسبة للكثير من المركبات الفضائية والرواد الفضائيين لسبب ما، إذ تتعرض على الأرض كلٌّ من الأحجار و الزجاج والمواد الأخرى في التربة إلى قوى التعرية مثل الرياح والأمطار والمياه الجارية، ما يفسر كون حبيبات الرمل ناعمة حول الحواف.

يعاني تراب القمر نقص عوامل التعرية بسبب افتقاره للرياح والمياه السائلة، ما يجعل أي مركبة تهبط على سطح القمر أو تتجاوزه، معرضة للخطر بسبب الغبار الناتج عن حركتها، إذ يمكن لشظايا الصخور والزجاج المشحوذة قليلًا أن تتسبب بسهولة في خدوش للأجهزة الحساسة، أو قد تؤدي إلى تآكل السطح. بالإضافة إلى ذلك، إن الجاذبية الضعيفة على القمر تعني قدرة الشظايا الحادة على الحركة والطوفان واختراق أي شيء.

أراد علماء Paver اختراع وسيلة لبناء المواد الرصفية من المصادر المتوفرة على سطح القمر، إذ إن الإمدادات المشحونة من الأرض باهظة الثمن ومتعبة، لذلك يُفضل إنتاج المواد من الموقع كلما أمكن ذلك.

كان الاختلاف الرئيسي في تجارب المحاكاة هذه -بالإضافة لبديل تربة القمر المُستخدم- استخدام الليزر ثنائي أكسيد الكربون لتسخين المواد بدلًا من الضوء الشمسي المركز الذي سيستخدمه رواد الفضاء على سطح القمر.

خطوات العملية:

اختُبرت أشعة ليزر بأحجام وقوة مختلفة للعثور على تلك التي ستنتج أقوى مادة رصف.

اكتشف فريق البحث خلال هذه العملية أن أي تقاطع أو تداخل لأشعة الليزر قد يؤدي إلى تصدعات داخلية، خاصةً أن التربة القمرية تحتوي على الزجاج والسيليكات الأخرى.

أثبت الليزر الأكثر فعالية أن لديه شعاعًا قطره 45 ملم، يمكنه التحرك فوق الغبار بنمط محدد ينتج أشكالًا مثلثية، ما أذاب محاكي التربة القمرية إلى قطع بطول 250 ملم، وبسماكة 15 ملم، ويمكن لتلك القطع أن تتداخل بسهولة مع بعضها.

يجب توسيع هذه القياسات بالطبع لتناسب العمليات الحقيقية على سطح القمر، ولتستوعب المركبات الفضائية الفعلية.

وُجد أن التربة القمرية التي تعرضت للإشعاع والتبريد تحتوي على ثلاث طبقات مختلفة.

أُزيلت الطبقة العلوية، وهي نوع من الزجاج والمواد المتبلورة في الطبقة المتوسطة، بينما صُفَّت أو صُلِّدَت الطبقة الرقيقة في الأسفل بدلًا من الذوبان، ما يعني أنها ناتجة عن تجمّع الغبار معًا لتشكيل كتلة مسامية.

مع أن هذه المادة كانت كثيفة وقوية بما يكفي بمفردها، فإن الأشكال الهندسية التي صممها العلماء كانت تهدف إلى تعظيم مرونتها ومقاومتها للتصدع والكسر.

أُجريت اختبارات الضغط على المثلثات لمعرفة قدرتها على تحمل الضغط قبل أن تتحطم، وكانت أعلى قيمة مسجلة 216.29 ميجاباسكال، أي ما يعني أكثر من 30,000 رطل لكل بوصة مربعة. على سبيل المقارنة، كان وزن وحدة الهبوط القمرية في مهمة أبولو 33,000 رطل، وكان وزنها موزعًا على مساحة أكبر من بوصة واحدة.

يعترف العلماء بأن هناك تقدمًا يمكن تحقيقه في هذه البحوث.

يمكن استبدال الليزر بعدسة لتجميع أشعة الشمس على سطح القمر، لذلك يجب اختبار ذلك.

إن هذه الاختبارات تستحق المتابعة، إذ لاحاجة سوى لبضع قطع من المعدات خفيفة الوزن لتنفيذ هذه العملية على سطح القمر.

قد يكون من الممكن نقلها إلى هناك في الوقت المناسب لانتعال أول حذاء على سطح القمر منذ مهمة أبولو 17.

اقرأ أيضًا:

كيف يمكنك البناء على القمر؟ ابدأ بالتربة القمرية

كيف سننشئ البنى التحتية والطرقات على سطح القمر؟

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: نور حمود

المصدر