كشفت الأبحاث أن النساء اللواتي خضعن للعمل الجراحي من قبل جراح ذكر أكثر عرضة للوفاة والمضاعفات وإعادة القبول في المشفى مما يحدث عندما تجري طبيبة جرّاحة هذا العمل.

إذ أظهرت دراسة أجريت على 1.3 مليون مريض أن النساء أكثر عرضة للنتائج السيئة بنسبة 15% وللوفاة بنسبة 32% عندما يُجري الجراحة طبيب جرّاح.

أثارت النتائج جدلًا حول حقيقة أن الجراحة في المملكة البريطانية المتحدة لا تزال مجالًا يسيطر فيه الذكور بدرجة كبيرة في عالم الطب، ما أدى إلى انتشار الادعاءات المتعلقة بالتحيز الجنسي بين الجراحين الذكور، ما يفسر كون النساء أكثر عرضة للخطر عند إجراء عمل جراحي تحت إشرافهم.

قالت الدكتورة أنجيلا جيراث، أستاذة مساعدة واختصاصية أوبئة سريرية في جامعة تورونتو في كندا، مؤلفة مشاركة في هذه النتائج: «تناولنا في العينة 1.3 مليون مريض خضعوا إلى عمل جراحي تحت إشراف 3000 جراح مختلف، ووجدنا أن المريضات اللائي عالجهن جراحون ذكور امتلكن احتمالًا أكبر بنسبة 15% لحدوث اختلاطات مقارنةً بالنساء اللائي عالجتهن طبيبات جرّاحات، ولهذه النتيجة عواقب حقيقية تتجلى في المزيد من المضاعفات والعودة إلى المشفى والوفاة للمريضات الإناث مقارنةً بالذكور»

«أظهر البحث فشل الجراحة لدى الإناث ما أدى إلى عواقب وخيمة وأحيانًا قاتلة».

«يجب ألا يوجد اختلاف في نتائج الجراحة بين الجنسين بصرف النظر عن جنس الجراح، فعندما تُجري الطبيبة الجرّاحة عملًا جراحيًا فإن المرضى عمومًا والإناث منهم خصوصًا يبدون تحسنًا ونتائج أفضل، ما يثير القلق عمومًا رغم اختلاف الحالة الصحية المزمنة والعمر والعوامل الأخرى عند المرضى الخاضعين لنفس الإجراءات».

حللت جيراث وزملاؤها سجلات المرضى ضمن العينة في أونتاريو، الذين خضعوا لـ 21 عملًا جراحيًا شائعًا أجراه 2937 جراحًا بين عامي 2007 و2019.

تنوعت هذه العمليات بين استبدال مفصل الورك والركبة وجراحة البدانة واستئصال الزائدة الدودية واستئصال المرارة، إضافةً إلى عمليات أعقد كالمجازات القلبية وإصلاح أمهات الدم الوعائية والجراحات الدماغية.

بمعاينة سجلات هؤلاء المرضى وتحليلهم تبعًا لجنس كل مريض وتفاصيل كيفية إجراء عمله الجراحي وأيضًا جنس الجراح الذي أجرى العملية، وجدوا أن الرجال الذين خضعوا لعملية جراحية لديهم النتائج ذاتها سواءً أكان الجراح ذكرًا أم أنثى.

في حين حققت النساء نتائج أفضل عندما أجرت العملية طبيبة جرّاحة مقارنةً بجراح ذكر.

مع ملاحظة أنه لا يوجد اختلاف في كيفية إجراء الطبيبة للجراحة لكل من المرضى الذكور والإناث.

أضافت جيراث: «مع تميز بعض الجراحين الذكور بنسب نجاح مرتفعة ومستمرة لعملياتهم الجراحية، فإن ما يثير القلق هو وجود اختلاف حقيقي بين الجراحين الذكور والإناث، وما لهذا الاختلاف من دور في النتائج العامة الملموسة لدى المريض».

كانت هذه الدراسة الأولى من نوعها لفحص العلاقة بين جنس المريض وجنس الجراح ونتائج الجراحة، بالنظر إلى ثلاثة أنواع من النتائج السلبية اللاحقة، وهي الوفاة وعودة القبول في المشفى والمضاعفات خلال 30 يومًا.

أظهرت النتائج أن علاج النساء بواسطة جراح ذكر مرتبط بزيادة احتمالية حدوث نتائج سلبية بنسبة 15% مقارنةً بعلاجهن بواسطة طبيبة جراحة، في حين لا تتأثر النتائج بجنس الطبيب المعالج لدى المرضى الرجال.

أما النساء اللائي خضعن لجراحة بواسطة طبيب جراح فإن احتمال تعرضهن للوفاة أكبر بنسبة 32% مقارنةً بمن خضعن لجراحة بواسطة طبيبة جرّاحة.

في حين أن 1.4% من النساء توفينَ إثر الخضوع لعملية جراحية صدرية قلبية مع جراح ذكر، أقل من 1% من النساء تعرضن للوفاة عندما كانت العملية تحت إشراف طبيبة جرّاحة.

في حالة جراحات الدماغ وجراحة الأوعية الدموية، توفيت 1.2% من النساء الخاضعات للجراحة بواسطة جراح ذكر، مقابل 0.9% فقط إذا كان الجراح سيدة. ما يشير إلى أن خطر الوفاة أعلى بنسبة 33%.

عمومًا فإن المرضى الإناث لديهن خطر المضاعفات أكبر بنسبة 16% وخطر إعادة القبول في المشفى أكبر بنسبة 11% وهنّ أكثر احتمالية للبقاء مدة أطول بنسبة 20% في المشفى.

وعليه فإن خطر الوفاة والعودة إلى المشفى والمضاعفات لدى النساء أكبر عند إجراء الجراحة بواسطة طبيب جراح.

يؤكد ذلك أن 20.2% من النساء اللائي خضعن لعمل جراحي صدري قلبي بواسطة جراح ذكر عانين من رد فعل سلبي، مقابل 18% إذا كان الجرّاح طبيبة.

علمًا بأن الملاحظة ذاتها تكررت في كل أنماط الجراحة العامة وجراحة الدماغ والجراحة العظمية.

لا تفسر الاختلافات التقنية المتبعة بين الجراحين الذكور والإناث النتائج المشاهَدة، قالت جيراث: «يخضع كلا الجنسين للتدريب الطبي التقني ذاته».

«يتضح الانحياز الجنسي المطلق لدى الجراحين بنزعة متأصلة بعمق في القوالب النمطية والمواقف، وربما يفسر ما يحدث، فالاختلاف في التواصل بين الرجال والنساء ومهارات التعامل الواضحة في مناقشات الجراحين مع المرضى قبل إجراء العملية قد تكون عاملًا مفسرًا، وكذلك الاختلاف بين نمط العمل لدى كل من الطبيب والطبيبة واتخاذ القرارات والحُكم».

أكدت فيونا مينت، نائبة رئيس الكلية الملكية للجراحين في إنجلترا، أن 86% من الجراحين الاستشاريين الكبار في بريطانيا من الرجال: «لا تزال الجراحة بعيدة جدًّا عن تحقيق التوازن بين الجنسين في قوتها العاملة، إذ تشكل النساء 41% من الجراحين الجدد في الميدان، لكن فقط 30% منهن متدربات بدرجة عالية، و14% منهن استشاريات».

«تفسر صعوبة جداول التدريب الجراحية والمناوبات والدوام المرهق عزوف العديد من النساء عن الجراحة الاستشارية».

قالت سكارليت مكنالي، التي عملت استشارية جراحة عظمية 20 عامًا: «توجد أدلة متزايدة عن تجارب مختلفة لطبيبات الجراحة اللائي استُبعدن من العديد من العمليات الجراحية، إضافةً إلى الإبلاغات عن أعمال عدائية محدودة».

ربما تشعر المريضات براحة أكبر عند التعامل مع طبيبة جراحة قبل الجراحة، ما يتضمن الخطوات الواجب اتباعها لتحسين نتائجها، كالتوقف عن التدخين للمساعدة على نجاح تطعيم العظم.

تؤثر الادّعاءات بين كبار الجراحين والممرضين والإداريين والمرضى بأن طالبات الطب أو الأطباء الشباب لا يريدون متابعة مهنة الجراحة في الانحياز اللاواعي في هذا الأمر، وقالت مكنالي: «يحسن وجود المزيد من طبيبات الجراحة الإناث نتائج كل المرضى».

ورأت الكلية الملكية للجراحين في إنجلترا أن النتائج كانت مثيرة للاهتمام، ما تطلب المزيد من البحث التفصيلي للنظر في التواصل والثقة والعلاقات بين الطبيب والمريض.

اقرأ أيضًا:

كيف كانت الجراحة تجرى قبل اختراع التخدير ؟

ما هي الاختلاطات التي قد تتعرض لها أثناء وبعد إجراء العمليات الجراحية؟

ترجمة: سميرة طارق غزولين

تدقيق: يمام بالوش

المصدر