عندما يحدث اندماج بين شركات لا تتشابه في الأنشطة التجارية يُعرف ذلك باندماج الشركات متعددة الأنشطة، ويحدث عادةً بين شركات تختلف صناعاتها أو مواقعها الجغرافية، وله نوعان: الصرف والمختلط. يشمل الأول اندماج الشركات التي لا تمتلك أي نشاط مشترك بينها، في حين يشمل الثاني الشركات التي تبحث عن توسيع منتجاتها أو أسواقها.

مفهوم اندماج الشركات متعددة الأنشطة:

يتألف اندماج الشركات متعددة الأنشطة من شركتين لا تملكان أي نشاط تجاري مشترك، إذ لا تتداخل مصالحهما التجارية ولا تتنافسان معًا، لكن توجد منفعة مشتركة من هذا الاندماج، حسب اعتقادهما.

لاندماج الشركات متعددة الأنشطة عدة أسباب، مثل زيادة فرص الحصة السوقية والتعاضد والبيع المتبادل، قد تأخذ هذه الفرص أشكالًا مثل أقسام الدعاية والتخطيط المالي والبحث والتطوير والإنتاج أو أي قسم آخر. الاعتقاد السائد حول أي اندماج أن الشركة المندمجة الجديدة ستكون أفضل من الشركتين في وضع الانفصال بالنسبة إلى حملة الأسهم.

تندمج الشركات أيضًا للتقليل من مخاطر الخسارة بواسطة تنويع الأنشطة التجارية، لكن إن كان الاندماج كبيرًا جدًا للاستحواذ فقد تصبح الأمور صعبة. كان هذا النوع من الاندماج شائعًا في الستينيات والسبعينيات، لكن في وقتنا الحالي أصبح نادرًا بسبب منافعه المالية المحدودة.

يعتقد العديد من معارضي مفهوم اندماج الشركات متعددة الأنشطة أن هذا النوع من الشركات لا يجلب الكثير من الكفاءة للأسواق، إذ يحدث أساسًا عند استحواذ الشركات الكبيرة على الشركات الأصغر، ما يسمح لها باكتساب صلاحيات سوقية كلما سيطروا ودمجوا صناعات معينة، وأبرز مثال على ذلك القطاع المصرفي، إذ تستحوذ البنوك المحلية الكبيرة والإقليمية على البنوك المحلية الصغيرة، ما يؤدي إلى إحكام سيطرتها على القطاع المصرفي.

من أشهر الأمثلة المعاصرة على اندماج الشركات متعددة الأنشطة شركات أمازون وهول فودز وإي باي وديزني وبيكسار.

فوائد اندماج الشركات متعددة الأنشطة:

لاندماج الشركات متعددة الأنشطة بعض المنافع، مثل فرصة التنويع وقاعدة الزبائن الواسعة وزيادة الكفاءة التشغيلية، إذ تنخفض مخاطر الخسارة بواسطة تنويع الأنشطة التجارية، ففي حال كان أداء أحد القطاعات التجارية ضعيفًا يمكن للقطاعات التجارية الأخرى تعويض هذا العجز، وتشكل هذه الميزة فرصة استثمارية للشركات.

ويشكل الاندماج فرصة لاكتشاف تجمعات زبائن جديدة ما ينتج عنه توسيع قاعدة زبائنها، تؤهل هذه الفرصة الشركات للتسويق والبيع المتبادل لمنتجاتها ما يؤدي إلى زيادة إيراداتها، مثلًا: لنفترض وجود الشركة (أ) المتخصصة في صناعة أجهزة الراديو، المندمجة مع الشركة (ب) المتخصصة في صناعة الساعات، ما نتج عنه الشركة (ج). تملك الشركة (ج) الآن قاعدة زبائن كبيرة تخولها تسويق منتجاتها لزبائن الشركتين.

إضافةً إلى زيادة المبيعات، تنتفع أيضًا الشركة المندمجة من زيادة الفعالية التشغيلية، بسبب حرص كل شركة على بذل أقصى الجهود والكفاءات لتسيير الأعمال على النحو الأمثل.

مساوئ اندماج الشركات متعددة الأنشطة:

رغم المنافع الكبيرة لفرصة تنويع الأنشطة التجارية، تحمل أيضًا هذه الميزة العديد من المخاطر، إذ قد يسبب التنويع تشتيت التركيز والموارد بعيدًا عن العمليات الأساسية، إضافةً إلى ضعف الأداء، ففي حال كانت الشركة المستحوذة غير متمرسة في القطاع الذي تنشط فيه الشركة المستحوذ عليها، قد يؤدي هذا إلى وضع سياسات حوكمة غير فعالة وأسس تسعير ضعيفة، إضافةً إلى قوى عاملة غير مؤهلة ودون المستوى المهني.

وأهم من ذلك، قد تكون مهمة خلق ثقافة تشغيلية ناجحة مهمة شاقة للشركات المندمجة، التي لا تشترك أنشطتها بصورة تتماشى مع السلوكيات والقيم المحددة في رؤية ورسالة الشركة الجديدة.

أخيرًا، لا تعتمد فكرة تطوير ثقافة تشغيلية على دحض الثقافات الموجودة بالفعل، بل يعتمد مفهوم اندماج الثقافات الناجح على جمع العمليات التشغيلية والقيم والمبادئ التي تساهم في نجاح الشركة وحملة أسهمها.

اقرأ أيضًا:

كيف يؤثر الاندماج على المساهمين في الشركات؟

لماذا تسعى الشركات للاندماج؟

ترجمة: لميس عبد الصمد

تدقيق: حسين جرود

المصدر