في أوائل الثمانينيات شوهد وحش أسطوري لفيزياء الجسيمات، وكان واحدًا من أحاديات القطب المغناطيسي في حدث استثنائي لم يتكرر. في مكان ما في هذا الكون العظيم توجد الفيزياء الغريبة والمثيرة كما في الخيال، وتوجد الكثير من الزوايا التي قد تخبئ فيها وحوش الفيزياء الأسطورية هذه، وإدراك لمحات من هذه الغرابة المتمثلة بقمة مغناطيس معزول ستكون بمثابة منارة في الليل، إذ تشير إلى نظريات عظيمة توحّد كل شيءٍ تقريبًا.

قد يبحث الفيزيائيون عنها في كل الاتجاهات الخطأ ببساطة، ولكن بفضل تحليل جديد لفريق عالمي من الباحثين قلت أماكن البحث، وذلك باعتماد نمذجة خلق أحاديات القطب المغناطيسي في خضام الفوضى الناشئة من الاصطدام عاليًا في الغلاف الجوي.

استخدم بحثهم نتائج اختبارات دقيقة جدًا تبحث عن إشارات تعود إلى أحاديات القطب المغناطيسي في تصادم الجسيمات في مسرعات فائقة القدرة، بافتراض أنهم اكتشفوا نفس الإشارات من تلك الاصطدامات في الأعلى.

تمكن الفريق من تحديد كمية الطاقة اللازمة لصنع أُحادي القطب المغناطيسي بدقة وثقة، وذلك بنمذجة محصلة أحاديات القطب المغناطيسي الموجودة في فتات الذرات المنفجرة بفعل الإشعاعات الكونية عالية السرعة.

ليس هذا بالإعلان الشيق الذي نحب أن ننشره حول وجود الجسيمات، ولكن هكذا يعمل العلم، وبصراحة اكتشافها يستحق الانتظار.

وإذا اعتمدنا تشبيه أُحاديات القصب المغناطيسي بالوحوش الأسطورية، فإن الشحنات الكهربائية بطلة القصة الحقيقية، فهي تعمل بجد ويسهل إيجادها ولا يستطيع أحد مناقشة عدم وجودها.

عبر استنتاج المعادلات الكهرومغناطيسية في القرن التاسع عشر، صاغ عالم الرياضيات الأسكتلندي (جيمس كلارك ماكسويل) حركة الشحنة السالبة للإلكترونات، ومن هنا حصلنا على التيار الكهربي وقوى النفر والجذب للمجال المغناطيسي.

من الممكن مسح بعض الخصائص من هذه المعادلة واستخدام المكافئ المغناطيسي للشحنات السالبة (أحاديات القطب المغناطيسي)، فتُظهِر هذه المعادلات نفسها كيفية إنتاج تيارات كهربائية بسبب تحرك المجالات المغناطيسية.

إن علم الفيزياء مبني على أمثال هذه التناظرات، وبكلمات أخرى هنا، هي مجرد ظل ألقته الرياضيات وبقليل من الجهد بالوسع إثبات أن أحاديات القطب المغناطيسي موجودة.

ومع بزوغ فجر فيزياء الكم أعاد العالم النظري (بول ديريك) النظر في هذا التماثل بطريقة مختلفة، من خلال الاستدلال بطرق أكثر تعقيدًا، وأن وجود أُحادي قطب مغناطيسي مفرد في الكون سيعني أن الشحنات الكهربائية تأتي بأحجام متقطعة (غير مستمرة).

حقيقة أن الشحنات بالفعل تكميمية لا يُثبت مجددًا أي شيء، ولكن مع نمو نظريات المجال الكمي خطوة بخطوة، لا يوجد ما يستبعد وجود أُحادي القطب المغناطيسي حتى الآن.

في الحقيقة، في سبعينيات القرن الماضي حين بدأ الفيزيائيون بإدراك أن المجالات الكمية تصبح غير قابلة للتمييز عند مستويات طاقة مرتفعة نسبيًا، أصبح واضحًا أن نوعًا من الموجات ستظهر وستتصرف مثل أُحادي القطب المغناطيسي على كل الأحوال.

ومنذ نصف قرن مضى بدأت مطاردة وحش الفيزياء الأسطوري هذا، على أمل أنه ربما إذا تمكنا من اكتشاف أحدها، سيكون عندنا بعض المفاتيح لنعرف كيف تظهر الفيزياء من نظرية موحدة عالية الطاقة.

لكن هذا البحث خرج خالي الوفاض رغم النظر العميق في تلك المسألة، وقد أثارت تجربة في جامعة ستانفورد الجدل في تلك المسألة ولكن من دون أي تكرار

ركز معظم الباحثين على تنقية أحاديات القطب المغناطيسي التي خُلقت في أفران بدايات الكون، ولكن النماذج التي تفسر تكوينها فقيرة جدًا في تفاصيلها، بمعنى أنه بالكاد نستطيع أن نستنتج ما قد يكون شكلها.

تستطيع مسرعات الجسيمات أن تلفظ واحدة من الظلام فقط عندما يمكن تكوين أحاديات القطب المغناطيسي من مستويات طاقة منخفضة نسبيًا، وذلك فقط عندما تكون المسرعات في حالة التشغيل.

دائمًا ما تنثر الإشعاعات الكونية الجسيمات الكثيفة والمثيرة بمستويات طاقة مختلفة إلى الأسفل، وهي مستويات تعجز المصادمات من الوصول إليها.

إن أنتجت إحدى هذه التصادمات أُحادي قطب مغناطيسي مناسب في المستقبل يجب علينا أن نكون بانتظارها. وفي ضوء نتائج هذه الدراسة، بإمكاننا المراهنة على تجارب مثل مرصد آيس كيوب نيوترينو في القطب الجنوبي لرصدها، إذا كانت تمتلك كتلة كافية.

اقرأ أيضًا:

تجربة جديدة في فيزياء الكم قد تغير رؤيتنا للعالم الواقعي

ميكانيكا الكم – هل ترهق فيزياء الكم ذهنك؟ اليك هذه المقالة

ترجمة: محمود سامي

تدقيق: آلاء رضا

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر