قال باحثون في الأول من يوليو 2021 إن رواد الفضاء قد خسروا كتلة عظام تطلَّب نموها عقودًا، وقد لا تتعافى حتى بعد قضائهم عامًا على الأرض، ما مثّل تحذيرًا قد يُشكل قلقًا كبيرًا يتعلق بمهمات المريخ المستقبلية.

بيّن بحث سابق أن كل شهر يقضيه رواد الفضاء خارج الأرض يُقابَل بخسارة كتلة عظام بنسبة واحد أو اثنين في المئة، لأن انعدام الجاذبية يزيل الضغط عن أرجلهم في أثناء الوقوف والمشي.

أجرت دراسة جديدة مسحًا ضوئيًا لرسغي وكاحلي 17 رائد فضاء قبل إقامتهم على متن محطة الفضاء الدولية وخلالها وبعدها لاكتشاف كيفية تعافي رواد الفضاء فور عودتهم إلى الأرض. قال مؤلف الدراسة المشارك من جامعة كالغاري الكندية ومدير معهد مكايغ لصحة العظام والمفاصل ستيفن بويد إن كتلة العظام التي خسرها رواد الفضاء عادلت تلك التي كانوا ليخسروها في أثناء عقود عدة لو كانوا على الأرض.

خلص الباحثون إلى عدم تعافي كتلة عظم ساق 9 من رواد الفضاء بعد قضائهم عامًا على الأرض، وأنهم ما زالوا فاقدين لكتلة عظام تتطلب نحو عقد من الزمن لتنمو مجددًا.

يُعد رواد الفضاء الذين شاركوا في مهمات طويلة تراوحت مدتها ما بين 4 إلى 7 أشهر على متن محطة الفضاء الدولية أبطأهم تعافيًا.

قال بويد لوكالة فرانس برس: «كلما قضى رواد الفضاء وقتًا أطول في الفضاء، فقدوا كتلة عظام أكبر». مضيفًا أن ذلك قد يُشكل قلقًا كبيرًا يتعلق بمهمات المريخ المستقبلية المخطط لها التي قد يقضي رواد الفضاء في أثنائها أعوامًا في الفضاء.

أكمل قائلًا: «هل سيزداد الأمر سوءًا بمرور الوقت؟ لا نعلم ذلك. من الممكن أن نصل إلى حالة مستقرة بعد فترة أو أن نستمر بخسارة كتلة من عظامنا. لكني لا أستطيع تخيل استمرارية حدوث ذلك إلى أن نفقدها كليًا».

تنبأت دراسة نمذجة أُجريت عام 2020 أن 33% من رواد الفضاء سيواجهون خطر الإصابة بهشاشة العظام نتيجة 3 أعوام من رحلات الفضاء إلى المريخ.

قال بويد إن الباحثين قد يحصلون على بعض الإجابات بفضل البحث الذي يجرونه حاليًا على رواد الفضاء الذين قضوا عامًا على الأقل على متن محطة الفضاء الدولية. قالت رئيسة أبحاث الطب في المركز الوطني لدراسات الفضاء التابع لوكالة الفضاء الفرنسية جيليميت جوكلين كوش: «إن انعدام الوزن الذي يمر به رواد الفضاء هو أشد أنواع انعدام النشاط البدني إطلاقًا».

أكملت الطبيبة -غير المشاركة في الدراسة- مضيفةً: «سيبدو الأمر وكأن رواد الفضاء كانوا طريحي الفراش مدة 22 ساعةً على الرغم من ممارستهم الرياضة مدة ساعتين يوميًا. لن يكون من السهل على رواد الفضاء أن تطأ أقدامهم أرض المريخ عند وصولهم، فالأمر معيق جدًا».

المرض الصامت وخطره على رواد الفضاء:

أظهرت الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة ساينس ريبورت كيف تغير رحلات الفضاء بنية العظام.

قال بويد: «إذا اعتبرنا عظام الجسد مثل برج إيفل، فسيكون الأمر كفقدان بعض قضبان التوصيل الحديدية التي ترفع الهيكل. يزداد ما تبقى ثخانةً عند عودة رواد الفضاء إلى الأرض، لكن دون نمو قضبان جديدة. وجدت الدراسة أيضًا أن بعض التمارين أفضل من غيرها للحفاظ على كتلة العظام».

أثبتت تمارين الرفع فاعليتها أكثر من الركض أو ركوب الدراجة وفقًا للدراسة، ما يقترح اعتماد تمارين ثقيلة أكثر مخصصة لأسفل الجسد. لكن بويد قال إن رواد الفضاء الذين يتمتع غالبيتهم بلياقة بدنية وفي الأربعينيات من عمرهم لم يلاحظوا خسارة العظام الشديدة، مشيرًا إلى أن هشاشة العظام المشابهة لتلك الموجودة على الأرض تُعرف باسم «المرض الصامت».

قال رائد الفضاء الكندي روبيرت ثيرسك الذي قضى الوقت الأطول في الفضاء إن عظامه وعضلاته استغرقت الوقت الأطول للتعافي بعد الرحلة الفضائية. مضيفًا في تصريح مرافق للبحث: «ككائن أرضي، شعرت بالراحة مجددًا في غضون يوم واحد من الهبوط».

اقرأ أيضًا:

ملاحظة تغييرات دماغية لدى رواد الفضاء بعد أشهر من عودتهم إلى الأرض

كندا بصدد سن قانون لمحاسبة رواد الفضاء الذين يرتكبون جرائم على القمر

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر