تُعد الجزر الاصطناعية اختراعًا قديمًا في الواقع؛ لنأخذ مثلًا جزر “Crannogs” الاسكتلندية والأيرلندية من العصر الحديدي المبكر، أو جزر “chinampas” التي بناها الأزتيك القدماء في المياه الضحلة لبحيرة تيكسكوكو (مدينة مكسيكو الآن).

في الوقت الحاضر، أصبحت الجزر الاصطناعية أكثر شيوعًا، وتتميز بتقنيات هندسية متقدمة تسمح لها بخدمة أغراض متعددة. بُني العديد منها للاستخدامات التجارية أو لتكون أماكن سكنية فاخرة.

فيما يلي، سبع جزر اصطناعية تمثل شهادة على الهندسة الحديثة (دون ترتيب معين):

1. نخلة جميرا، دبي، الإمارات العربية المتحدة:

نخلة جميرا هي أرخبيل اصطناعي في دبي، بدأ بناؤه في عام 2001، واكتمل على الأغلب بحلول عام 2006.

تشتهر نخلة جميرا بأنها مصممة على شكل شجرة نخيل، وهو تصميم هندسي يهدف إلى زيادة المساحات الشاطئية إلى أكبر حد ممكن. توفر معظم المنازل، والفنادق، والمنتجعات المبنية على نخلة جميرا إطلالات على الخليج العربي وأفق دبي.

يُعد جذع النخلة بمثابة نقطة الوصول الرئيسية ويتصل بالبر الرئيسي عن طريق جسر. والسعف هي مناطق سكنية تضم مزيجًا من الفلل والشقق والمنازل الصغيرة. أما الهلال، فهو هيكل كبير مُنحنٍ للحماية من الأمواج، يحيط بالحواف الخارجية للأرخبيل لحمايته من تأثير أمواج البحر والتيارات القوية والتآكل.

بنت شركة التطوير العقاري المملوكة للدولة نخيل العقارية وشركة التجريف الهولندية المتخصصة رويال فان أورد نخلة جميرا عن طريق استصلاح الأراضي، وتتضمن هذه التقنية تجريف المسطحات المائية الموجودة وملئها بالمواد المجروفة أو جلب مواد مثل الرمل أو الحصى أو التربة أو الأسمنت.

نخلة جميرا هي إحدى جزر النخيل الثلاثة المخطط لها، والجزيرتان الأخريان هما نخلة جبل علي ونخلة ديرة، اللتان عُلق تطويرهما بسبب الأزمة المالية 2007-2008 ووباء كوفيد-19.

2. جزر العالم، دبي، الإمارات العربية المتحدة:

جزر العالم هو مشروع طموح آخر لشركة نخيل العقارية. تتكون من مجموعة جزر صناعية تقع قبالة سواحل دبي، التي تشبه خريطة العالم عند النظر إليها من الأعلى.

للقيام بذلك، بنت شركتا التجريف الهولنديتان رويال فان أورد وبوسكاليس نحو 300 جزيرة ذات شكل هندسي تقريبي لدول العالم، وبدأ البناء في عام 2003 باستخدام الرمال المجروفة من المياه الساحلية في دبي.

بحلول عام 2008، بيع نحو 60% من الجزر لمقاولين من القطاع الخاص، وكانت الفكرة هي إنشاء عقارات فاخرة في كل واحدة منها، بما في ذلك المساكن الراقية، والفنادق، والمنتجعات، والفيلات، والمطاعم، ومراكز التسوق، وغيرها من المناطق التجارية.

مع ذلك، بسبب الأزمة المالية 2007-2008، وفي وقت لاحق جائحة كوفيد-19، تباطأ التقدم في المشروع وما زال العديد من الجزر غير مطورة حتى اليوم. تهدف مجموعة كليندينست، المطور الحالي لمشروع العالم، إلى الانتهاء من المشروع في عام 2026.

3. جزيرة أوشن فلاور، دانزوو، الصين:

أُطلق على جزيرة أوشن فلاور (هايهوا) (باللغة الصينية) لقب (دبي الصين)، وتقع قبالة الساحل الشمالي لدانزوو، هاينان، الصين، وهي منطقة ذات طقس استوائي.

صُممت هذه الجزيرة الاصطناعية على شكل زهرة أكبر بـ 1.5 مرة من نخلة جميرا في دبي، وهي أكبر جزيرة سياحية صناعية في العالم بحسب بعض المصادر.

تتكون من ثلاث جزر مستقلة مرتبطة بجسور. انتهى بناء هذه الجزيرة في عام 2020 على مدار 12 عامًا من استصلاح الأراضي منذ افتتاحها، وأصبحت وجهة سياحية رئيسية مع وجود العديد من الفنادق، والمنتجعات، والعديد من أنواع المؤسسات الترفيهية، بما في ذلك الحدائق المائية، والمعارض الفنية، وأماكن مخصصة للحفلات، والينابيع الساخنة، وما إلى ذلك.

استقبلت جزيرة أوشن فلاور أكثر من 5.5 مليون سائح بين يناير 2021 ويناير 2022.

وفقًا لخطة البناء الهندسية التي نشرتها حكومة دانزوو في ديسمبر 2019، ربما تستوعب جزيرة أوشن فلاور ما يصل إلى 200 ألف نسمة.

4. جزيرة اللؤلؤة، الدوحة، قطر:

اللؤلؤة هي جزيرة صناعية تقع بالقرب من منطقة الخليج الغربي في الدوحة، قطر. ومع أنها تبدو كاللؤلؤتين من الأعلى، فإن اسمها يشير إلى أنها بنيت على موقع مخصص للغوص بغرض البحث عن اللؤلؤ.

بدأ البناء في عام 2004 بتكلفة أولية قدرها 2.5 مليار دولار ارتفعت فيما بعد إلى 15 مليار دولار، وانتهت أعمال البنية التحتية في عام 2014 بعد خمسة أعوام من انتقال السكان الأوائل للجزيرة.

تنقسم الجزيرة، التي بُنيت عبر استصلاح 4 ملايين متر مربع من الأراضي، إلى 12 منطقة تهدف إلى استيعاب أكثر من 40 ألف شخص، وبصرف النظر عن الفلل السكنية والشقق والمنازل الصغيرة، تضم الجزيرة مطاعم ومرافق ترفيهية أخرى.

5. جزر أمواج، المحرق، البحرين:

جزر أمواج هي أرخبيل اصطناعي استُصلحت أراضيه البالغة مساحتها 2.798 مليون متر مربع من المساحة البحرية الضحلة في الشمال الشرقي من جزيرة المحرق.

أُضيف حاجز أمواج عريض حول الجزر لحمايتها من العواصف والتآكل. يتكون حاجز الأمواج من 11 حاجزًا للأمواج تقع على مسافة 246 قدمًا (75 مترًا) عن بعضها، ما يقلل من ارتفاع الأمواج بنسبة تصل إلى 60٪. صُنعت حواجز الأمواج من أنابيب مملوءة بالرمل والحجر حفرتها شركة بوسكاليس وستمنستر الهولندية.

شمل تطوير البنية التحتية جميع المرافق الأساسية، والطرق، والصرف الصحي، وشبكات الألياف الضوئية (في أيدي الشركات الأمريكية سيسكو سيستمز وأوراكل)، وتسعة جسور تربط الجزر في الأرخبيل، وانتهى هذا الجزء من المشروع في عام 2005.

ترتبط جزر أمواج بالبر الرئيسي للبحرين عبر جسر، وقد استقبلت أول سكانها في عام 2006.

6. مطار كانساي الدولي، أوساكا، اليابان:

بُني مطار كانساي الدولي على جزيرتين اصطناعيتين في وسط خليج أوساكا، وبدأ البناء في عام 1987 بهدف تخفيف الضغط على مطار أوساكا الدولي الذي لم يكن من الممكن توسيعه لأنه كان محاطًا بالمباني في ضواحي إيتامي وتويوناكا (علاوة على ذلك، كانت هناك مشكلة التلوث الضوضائي الناجم عن الطائرات في تلك المنطقة).

بُني المطار على هيكل طويل وخفيف يساعده على مقاومة الزلازل والأعاصير التي تحدث غالبًا في تلك المنطقة.

في عام 1989، أنهوا بناء سور بحري لحمايتها من التآكل والرياح القوية والمد العاصفي والأمواج العالية. يتكون السور البحري من الصخور و48 ألف كتلة خرسانية رباعية السطوح، وهو مؤمن بغرف فولاذية تزن مئات الأطنان، وقد ساعد ذلك المطار على النجاة من زلزال كوبي عام 1995، وبعض الأعاصير قبل أن يتجاوز إعصار جيبي حواجزه ويغمر المبنى رقم 1 في عام 2018.

أُنشأت الجزر التي بُني المطار عليها عن طريق ردم الأراضي واستصلاحها. وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية، حُفرت ثلاثة جبال لردم أراضي بمساحة 21 مليون متر مربع، حُددت كمية التربة المراد إضافتها بناءً على مستوى الأرض المطلوب للمطار ومستوى الهبوط المتوقع على مدى 50 عامًا بعد الانتهاء.

يشير مستوى الهبوط المتوقع إلى مقدار الانخفاض المتوقع للهيكل في فترة معينة، وفي هذه الحالة، كان من المتوقع أن يغرق مطار كانساي الدولي 18 قدمًا و8 بوصات (5.7 مترًا)، ولكن بين افتتاحه في عامي 1994 و2018، انخفض بالفعل 38 قدمًا (11.5 مترًا)، ويعمل المهندسون الآن بنشاط لتقليل معدل غرق المطار.

7. مطار هونج كونج الدولي، تشيك لاب كوك، هونج كونج:

يُعد مطار هونغ كونغ الدولي واحدًا من أكثر بوابات الشحن ازدحامًا، وواحدًا من أكثر مطارات الركاب ازدحامًا في العالم.

بدأ بناء المطار في عام 1995، وانتهى في عام 1998، وقد بُني المطار على جزيرة اصطناعية أُنشأت من جزيرتين طبيعيتين موجودتين، وهما تشيك لاب كوك ولام تشاو، وقد سُويت هذه الجزر وضُمت عن طريق استصلاح أراضيها، وللقيام بذلك، استصلح المهندسون نحو 9 كيلومترات مربعة من قاع البحر بتكلفة تقريبية تبلغ 9 مليارات دولار (عمومًا، تقدر تكلفة المطار بـ 18 مليار دولار).

تبلغ نسبة الأراضي المستصلحة نحو 75% من مساحة المطار، وبحسب بعض الدراسات، فقد تعرضت لتسوية أرضية خطيرة. التسوية الأرضية هي نوع محدد من الهبوط يشير إلى الحركة الرأسية للأرض بسبب التغيرات في الضغوطات داخلها.

في حالة مطار هونغ كونغ الدولي، ارتبطت التسوية الأرضية بالمواد المدفونة في الأرض (الجرانيت المتحلل، والرمال الرطبة، والصخور المنفجرة)، والرواسب الغرينية (المواد غير المجمعة المترسبة حيث تسبب تباطؤ تدفق المياه)، ومواد البناء.

اقرأ أيضًا:

قطعة متشققة من المعدن تتعافى ذاتيًا، فهل نحن أمام عصر جديد في الهندسة؟

الهندسة وراء أهرام الجيزة

ترجمة: يوسف الشيخ

تدقيق: رغد أبو الراغب

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر