تعد سمكة القرش الأبيض الكبير من أكثر الكائنات المخضرمة في السفر، إذ تُرى بانتظام وهي تجتاز طرقًا صعبة حول محيطات العالم.

تُسافر هذه الكائنات بسرعة كبيرة على عكس أقرانها من الأسماك؛ يمكن لهذه الأنواع المميزة إكمال بعض أسرع الهجرات عبر المحيطات التي شهدتها الحيوانات البحرية على الإطلاق.

سبحت سمكة القرش الأبيض الكبير مسافة 20 ألف كيلومتر تقريبًا من جنوب أفريقيا إلى أستراليا، ثم عادت مرة أخرى في غضون تسعة أشهر في أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.

تضمن الشق الأول لهذه الرحلة شرقًا عبر المحيط الهندي أسرع هجرة عودة معروفة عبر المحيط بين الحيوانات البحرية، وفقًا إلى دراسة أجريت عام 2005 حول هذا العمل الفذ.

أطلق عليها الباحثون في جمعية الحفاظ على الحياة البرية اسم نيكول على اسم الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان التي يبدو أنها من أشد المعجبين بسمك القرش الأبيض الكبير.

ربط الباحثون جهاز تتبع إلكتروني بالزعنفة الظهرية لسمكة القرش في أثناء وجودها في مياه جنوب أفريقيا في 7 نوفمبر 2003.

سقط جهاز التتبع بالقرب من خليج إكسماوث في غرب أستراليا بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من الرحلة، ونقلت البيانات إلى القمر الصناعي.

كشفت أن سمكة القرش الأبيض سبحت من جنوب أفريقيا إلى أستراليا -نحو 11100 كيلومتر- في 99 يومًا فقط وهو إنجاز قياسي.

ظن الباحثون أن الأمر انتهى، لكن تكرر السيناريو مرة أخرى في 20 أغسطس 2004، على امتداد طريق العودة إلى جنوب أفريقيا.

قال الدكتور رامون بونفيل -الباحث في جمعية الحفاظ على الحياة البرية والمؤلف الرئيسي للدراسة- في بيان عام 2005: «يُعد ما سبق واحدًا من أهم الاكتشافات حول بيئة سمك القرش الأبيض، ويشير إلى أننا قد نضطر إلى إعادة كتابة تاريخ حياة هذه الأسماك القوية».

«لقد أظهرت لنا نيكول أن المجموعات المنفصلة من أسماك القرش الأبيض الكبير قد تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا أكثر مما كان الظن سابقًا، وتعاني أسماك القرش الأبيض -المحمية على المستوى الوطني في أماكن مثل جنوب أفريقيا وأستراليا- أضرار الصيد البشري في المحيطات المفتوحة».

كشفت علامة نيكول الإلكترونية عن العديد من الأفكار الرائعة الأخرى حول هجرة سمك القرش الأبيض.

سبحت بمعدل 4.7 كيلومتر في الساعة في الرحلة من جنوب أفريقيا إلى أستراليا، منافسةً بذلك سرعة سمك التونة.

كانت نيكول تغوص بانتظام في حوض المحيط الهندي على عمق 980 مترًا، مع أن معظم الرحلة على سطح المحيط.

كان هذا رقمًا قياسيًا لسمكة القرش الأبيض في عام 2005، لكن العلماء اكتشفوا منذ ذلك الحين أن هذه السمكة تستطيع الغوص إلى عمق 1128 مترًا.

تُعد سمكة القرش الأبيض الكبير بلا شك من أعظم البحارة، لكن تنجز الطيور هجرات أطول بكثير.
يسافر طير الخرشنة القطبية -وهو طائر بحري متوسط الحجم ذو جسم انسيابي جدًا- مسافةً ضخمة تبلغ 96 ألف كيلومتر ذهابًا وإيابًا، من مناطق القطب الشمالي وشبه القطب الشمالي في أوروبا إلى القارة القطبية الجنوبية في كل عام.

اقرأ أيضًا:

كيف علمتنا القنبلة الذرية أن أسماك القرش في جرينلاند تعيش حتى 400 عام؟

أسنان القرش الرملي المتحجرة تحل لغزًا حول المناخ الأرضي سابقًا

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: ميرڤت الضاهر

المصدر