في آخر صورة التقطها مرصد هابل الفضائي، تظهر مجرة بيضوية يُطلق عليها (NGC 474)، وتبعد نحو مئة مليون سنة ضوئية عنا. إنها أكبر من مجرتنا درب التبانة بنحو مرتين ونصف. ويُلاحظ أن هيكلها غريب بعض الشيء؛ إنها تبدو بلا معالم تقريبًا، وتميل إلى الشكل الدائري مع طبقات صدفية حول مركزها.

يريد علماء الفضاء معرفة سبب هذا الشكل الصدفي. وإن إجابة هذا السؤال تكمن في ما تمثله هذه المجرة، إذ يمكن القول إنها أشبه بنظرة إلى مستقبل مجرتَي درب التبانة والمرأة المسلسلة (Andromeda).

مصير درب التبانة: عندما تتصادم المجرات

تتغير المجرات خلال مقياس زمني هائل. منذ ما يقرب من 13 مليون سنة مضت، كانت المجموعة الأولى على هيئة شذرات من المادة، ثم اندمجت لتشكل هياكل أكبر. عمليات الاندماج والتفكيك هذه مستمرة حتى يومنا هذا، وهي تؤثر على شكل المجرة و تضيف تنوعًا في التجمعات النجمية.

تُعد درب التبانة جزءًا من هذه العملية، فهي حاليًا تلتهم مجرة ساجيتاريوس الصغيرة، حتى إنها اندمجت والتهمت نحو 5 إلى 11 مجرة صغيرة خلال حياتها.

يدرك علماء الفضاء أن درب التبانة ستستمر في كونها جزءًا من عملية دمج المجرات هذه.

بعد نحو 4.5 إلى 5 مليارات سنة من وقتنا الحاضر ستندمج مجرتنا مع جارتنا أندروميدا التي تتحرك بالتأكيد باتجاهنا في هذه الأثناء. إضافةً إلى ذلك، قد تشارك مجرة تريانجولوم (M33) في رقصة المجرات هذه. وإلى من يترقبون حدوث هذه الأشياء، فإن هذا كله سيحدث عندما ينفد كل الهيدروجين من مركز شمسنا وتبدأ بالتحول إلى عملاق أحمر.

تتنبأ (NGC 474) بمستقبل درب التبانة

يرى علماء الفضاء أن مجرة (NGC 474) تشبه إلى حد بعيد ما سيؤول إليه اندماج مجرتي درب التبانة والمرأة المسلسلة.

كيف سيحدث هذا؟ عندما تقترب المجرتان من بعضهما، فإن قوى الجاذبية القوية بينهما ستحوّر شكليهما، وثمة ما يشبه النافثات الغازية العملاقة ستخرج من كل مجرة. قد يُشكّلون صدفيات مركزية من المادة، تمامًا كما هو موجود في (NGC 474).

بجانب كل تلك النشاطات، هناك طابع مميز في هذا الاندماج: عُقد الانفجارات النجمية، وهي مجموعة من مواقع تشكُّل النجوم التي تحدث في أعقاب الاندماج. هذا النشاط سيدفع سُحبًا من الغاز والغبار معًا، وفي النهاية ستُخلق الكثير من النجوم الصغيرة الساخنة. سيحدث هذا فقط عندما تتوفر المادة والبيئة اللازمة لولادة النجم.

في نهاية الأمر، فإن هذه الولادات الجديدة للنجوم ستخمد وستكون النتيجة في الأغلب هي مجرة جديدة بيضوية عادية.

هذا ما حدث باختصار في (NGC 474)، وهكذا على الأرجح سيكون مصير المجرة الوليدة من درب التبانة والمرأة المسلسلة.

إيضاح تلك الصدفيات في مجرة (NGC 474)

في حالة مجرة (NGC 474) يمتلك علماء الفضاء بعض النظريات التي يمكن أن تفسر تلك الصدفيات الغريبة. هناك فكرة تقول إنها ناتجة عن تفاعل مع مجرة أخرى منذ ملايين السنين والتي كوّنت تلك الصدفيات في عملية شبيهة برمي حجر في مستنقع ومشاهدة الموجات تتباعد عن مركز سقوط الحجر.

لا تُعد مجرة (NGC 474) الوحيدة التي تحتوي على صدفيات ناتجة عن تصادم، فنحو 10% من المجرات البيضوية تمتلك هذه الخاصية التي تُعد مفتاحًا لتاريخ تكونها واندماجها، وهذا ما سيدرسه علماء الفضاء.

توجد أيضًا أشياء مثيرة تخص صدفيات المجرات. فبينما تكون معظم الأشكال البيضوية في مجموعات، تحتلّ تلك الأشياء غريبة الأطوار مساحات هائلة من الفضاء. من الممكن أن تكون قد التهمت المجرات القريبة ومن ثم أفرغت المحيط من أي منافسة على نطاق المجرات.

نظريات أخرى حول مجرة (NGC 474)

قد تكون مجرة (NGC 474) تُجرِّد المجرة القريبة (NGC 470) من الغازات.

هناك فكرة أخرى تقول أن الصدفيات هذه تكونت نتيجة اصطدام مع مجرة غنية جدًا بالغازات، ولم تكن مرة واحدة، بل اصطدمت مرة ثانية قبل الوصول إلى الاندماج الأخير.

تُعد الصدفيات دليلًا على وجود المجرات الطويلة المندمجة. نظرة هابل تعطينا تفاصيل أكثر عن تلك المنطقة المركزية وهذه الصدفيات الغامضة.

اقرأ أيضًا:

لماذا تختلف أشكال المجرات؟

لماذا تمتلئ السماء بالمجرات الغريبة على شكل إكس؟

ترجمة: محمود سامي

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر