الجمرة الخبيثة من الأمراض النادرة الخطيرة التي تسببها عصيات الجمرة الخبيثة، وتُعد مرضًا خطيرًا يهدد الحياة إذ استُخدِم في الإرهاب البيولوجي.

للجمرة الخبيثة أنواع مختلفة تنتقل عبر الجلد أو الجهاز الهضمي أو الاستنشاق ولكل منها أعراض متباينة. قد يحصل بعض الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بهذا المرض على لقاح الجمرة الخبيثة، وطُوِّرَ أخيرًا علاج سريع بالمضادات الحيوية وعلاجات أخرى أنقذت الكثير من الأرواح.

تكون بكتيريا عصيات الجمرة الخبيثة عادةً خاملة في التربة، وتؤثر غالبًا في الحيوانات التي تُرعى في أرض تسكنها هذه العصيات.

قد يصاب الناس بالجمرة الخبيثة بواسطة استنشاق البكتيريا أو تناول الطعام أو الماء الملوثين بها أو عبر دخولها الجروح الجلدية الملوثة.

أسباب الإصابة بالجمرة الخبيثة:

تعيش بكتيريا عصيات الجمرة الخبيثة المسببة لهذا المرض في التربة لسنوات، إذ تستنشق الحيوانات البرية مثل الغزلان والأغنام الأبواغ الخاملة (غير النشطة) في أثناء الرعي أو تبتلعها.

بعد دخول بكتيريا الجمرة الخبيثة إلى الجسم، تنشط وتتكاثر منتشرةً في جميع أنحائه مسببة تفاعلًا سامًا ومميتًا، وتحدث العملية نفسها لدى الأشخاص الذين يستنشقون الجراثيم أو يبتلعونها أو يلامسونها.

أنواع الجمرة الخبيثة:

تعكس أنواع الجمرة الخبيثة الطرق المختلفة التي تدخل بها البكتيريا إلى الجسم، وتشمل أنواعها ما يلي:

الجمرة الخبيثة الجلدية: هي الأكثر شيوعًا والأقل فتكًا، تدخل هذه البكتيريا الجسم عبر الجروح في الجلد، ويُعد الأطباء البيطريون والأشخاص الذين يتعاملون مع صوف الحيوانات والجلود أو الشعر عرضةً لمخاطر الإصابة أكثر من غيرهم.

الجمرة الخبيثة الهضمية: تؤثر في الأشخاص الذين يأكلون لحمًا نيئًا أو غير مطهو جيدًا لحيوان مصاب، إذ تؤثر البكتيريا في المريء والحلق والمعدة والأمعاء. الجمرة الخبيثة الهضمية نادرة الحدوث في الولايات المتحدة، إذ يلقح مربو الحيوانات الموجودون هناك الماشية ضد الجمرة الخبيثة ويفحصون المريض منها قبل ذبحه.

الجمرة الخبيثة الاستنشاقية: قد يصاب الإنسان بالجمرة الخبيثة الاستنشاقية عندما يستنشق أبواغها؛ إذ تسبب مشكلات خطيرة في التنفس تؤدي إلى الموت. ويطلق على الجمرة الخبيثة الاستنشاقية أحيانًا مرض فرازي الصوف (الجمرة الرثوية)؛ ويعزى ذلك إلى أن الأشخاص الذين يعملون في مصانع الصوف إضافةً إلى عمال المسالخ والمدابغ، يستنشقون أبواغ الجمرة من صوف الحيوانات المصابة.

الجمرة المكتسبة بالحقن: قد يُصاب متعاطو الهيروين بالجمرة الخبيثة بالحقن؛ إذ يسبب حقن الجمرة الخبيثة عدوى عميقة تحت الجلد أو في العضلات، ويُعد هذا النوع الأكثر شيوعًا في شمال أوروبا، ولم يُبلغ عنه في الولايات المتحدة.

شيوع الجمرة الخبيثة:

عُثر على حالات مصابة بالجمرة الخبيثة في جميع أنحاء العالم، يندر هذا المرض في الولايات المتحدة. ويتفشى في البلدان النامية التي لا تلقح الماشية ضد العدوى مثل:

  •  جزر الكاريبي.
  •  أمريكا الوسطى.
  •  وسط آسيا وجنوب غربها
  •  أمريكا الجنوبية.
  •  جنوب أوروبا وشرقها.
  •  أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

أعراض الإصابة بالجمرة الخبيثة:

تختلف أعراض الجمرة الخبيثة بحسب النوع، وتظهر الأعراض عادة في غضون أسبوع واحد من الإصابة بها، في بعض الأحيان، لا تُلاحظ علامات استنشاق الجمرة الخبيثة إلا بعد شهرين، ومن الأعراض ما يلي:

  •  ألم في الصدر وصعوبة في التنفس.
  •  تعب.
  •  الحمى والتعرق الغزير.
  •  صداع.
  •  آلام في العضلات.
  •  بثور أو نتوءات مثيرة للحكة.
  •  قرحة جلدية ذات مركز أسود.
  •  الغثيان والإقياء وآلام البطن والإسهال الدموي.
  •  تضخم العقد اللمفاوية.

تشخيص الإصابة بالجمرة الخبيثة:

اعتمادًا على الأعراض ونوع الجمرة الخبيثة، قد يُجري مقدم الرعاية الصحية واحدًا أو أكثر من هذه الاختبارات:

  •  خزعة من الآفة الجلدية.
  •  اختبارات الدم.
  •  تصوير الصدر بالأشعة السينية .
  •  التصوير المقطعي المحوسب (CT).
  •  اختبارات البراز أو المخاط.
  •  البزل القطني.

هل الجمرة الخبيثة معدية؟

الجمرة الخبيثة ليست معدية مثل جدري الماء أو الأنفلونزا، إذ إن الشخص المصاب لا ينقل العدوى لمحيطه. ونادرًا ما يصاب الأشخاص بالجمرة الخبيثة الجلدية بعد الاتصال المباشر بآفة جلدية لشخص مصاب.

المؤهبون للإصابة بالجمرة الحبيثة:

بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالجمرة الخبيثة من غيرهم، بسبب مهنهم أو أنماط حياتهم، منهم:

  •  المزارعون ومربو الماشية
  •  العسكريون والمسافرون إلى البلدان المعروفة بانتشار الجمرة الخبيثة فيها.
  •  الباحثون وعمال المختبرات الذين يدرسون البكتيريا.
  •  الأطباء البيطريون الذين يعالجون المواشي المصابة.
  •  عمال مصانع الصوف والدباغة والمجازر.
  •  صانعو الطبول الذين يستخدمون جلود الحيوانات.
  •  متعاطو الهيروين.

مضاعفات الإصابة بالجمرة الخبيثة:

قد تكون الجمرة الخبيثة غير المعالجة مميتة، إذ تختلف المضاعفات بحسب نوع الجمرة الخبيثة:

النمط الجلدي: ينجو أغلب من يُعالج من الجمرة الخبيثة الجلدية، ويموت نحو 20٪ من المصابين الذين لا يتلقون العلاج.

النمط الهضمي: ينجو نحو 60٪ من الأشخاص الذين يتلقون العلاج. ويموت أكثر من نصف المصابين الذين لم يتلقوه، إذ قد تسبب الجمرة الخبيثة المعدية المعوية تورمًا مميتًا في الدماغ والحبل الشوكي وهو ما يعرف بالتهاب السحايا والدماغ.

النمط التنفسي: يعيش نحو 55٪ من المصابين الذين يتلقون العلاج و ينخفض العدد إلى نحو 15٪ للذين لم يُعالجوا بطريقة صحيحة وكافية.

هل تعد الجمرة الخبيثة سلاحًا بيولوجيًا؟

الهجوم الإرهابي البيولوجي بجراثيم الجمرة الخبيثة هو احتمال قائم ويجب أن يبقى في الحسبان. ففي عام 2001، أرسل باحث عسكري أمريكي مغلفات تحتوي على بكتريا الجمرة الخبيثة إلى أعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام، أدى ذلك إلى وفاة خمسة من أصل 22 شخصًا أصيبوا بالجمرة الخبيثة الجلدية أو الاستنشاقية.

تواصل الوكالات الفيدرالية العمل على منع هجمات الجمرة الخبيثة في المستقبل، والوقاية منها قدر الإمكان.

علاج الجمرة الخبيثة:

تستجيب معظم أشكال الجمرة الخبيثة للعلاج جيدًا، فالعلاج السريع بالمضادات الحيوية ضروري لأنه يوقف تطور العدوى عادةً.

تشمل علاجات الجمرة الخبيثة:

  •  المضادات الحيوية: الفموية أو بالحقن العضلي أو الوريدي. قد يحتاج المُصاب إلى مضادات حيوية لمدة 60 يومًا، وتشمل المضادات الشائعة مثل سيبروفلوكساسين (سيبرو 500) والدوكسيسيكلين(كبسولات دوريكس).
  •  مضادات السموم، الترياق: تعمل الأدوية المضادة للسموم والقابلة للحقن على تثبيط سموم الجمرة الخبيثة في الجسم ومنع تأثيرها السيء.
  •  لقاح بيوثراكس: للوقاية من عدوى الجمرة الخبيثة، ومعالجة الأشخاص المصابين. ويشمل العلاج ثلاث جرعات من اللقاح على مدى أربعة أسابيع.

لقاح الجمرة الخبيثة غير متاح لعامة الناس، إذ يُعطى للمسافرين إلى منطقة تنتشر فيها الجمرة الخبيثة، وينُصح المسافر دومًا بتجنب مايلي:

  •  تناول اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدًا.
  •  شراء الهدايا التذكارية المصنوعة من جلد الحيوانات أو الشعر.
  •  لمس الحيوانات الأليفة المصابة.

الوقاية من الجمرة الخبيثة:

لقاح الجمرة الخبيثة فعال بنسبة 90٪ في الوقاية من العدوى. إذ يتوفر اللقاح فقط للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 65 عامًا، والذين يعملون في مهن عالية الخطورة، مثل المزارعين ومربي الماشية والعسكريين والباحثين الذين يدرسون البكتيريا والأطباء البيطريين وغيرهم.

يتلقى الفرد خمس جرعات من اللقاح خلال 18 شهرًا، بعد ذلك قد يحتاج إلى جرعة داعمة سنوية.

متى يجب الاتصال بالطبيب؟

يجب على الشخص الاتصال بالطبيب عند الشك بالإصابة بالجمرة الخبيثة وظهور الأعراض التالية:

  •  دم في إفرازات الجهاز التنفسي (سعال الدم).
  •  دم في القيء أو البراز.
  •  ألم صدر.
  •  صعوبة التنفس.
  •  إسهال.
  •  حمى.
  •  ألم شديد في البطن.

اقرأ أيضًا:

الجمرة الخبيثة: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الجمرة الخبيثة والطاعون: كيف يمكن للقاحٍ واحدٍ أن يحميَ جسمنا ضدّ تهديدين بيولوجيين مرعبين؟

ترجمة: لمك يوسف

تدقيق: نور حمود

المصدر