تُعد الجمرة الخبيثة من الأمراض السارية الخطرة التي تسببها بكتيريا مكوّنة للأبواغ تُسمى عصيات الجمرة الخبيثة (العصوية الجمرية)، وتشكل خطرًا يهدد الحياة في حال استُعملت في الإرهاب البيولوجي للدول.

تتنوع أشكال الجمرة الخبيثة السريرية، فمنها: الجمرة الخبيثة الجلدية، والجمرة الخبيثة الهضمية، والجمرة الخبيثة الاستنشاقية، ولكل منها أعراض مختلفة.

يوجد لقاح للجمرة الخبيثة للأشخاص المعرضين للخطر؛ إذ يكون العلاج السريع بالمضادات الحيوية وبعض العلاجات الأخرى التي قد تكون منقذة للحياة.

ما الجمرة الخبيثة؟

الجمرة الخبيثة هي مرض معدٍ يسببه التعرض لعصيات الجمرة الخبيثة؛ حيث توجد هذه الجراثيم خاملة في التربة. وتؤثر الجمرة الخبيثة غالبًا في الحيوانات التي تُرعى في أرض فيها هذه العصيات.

قد يصاب الأشخاص بالعدوى عند استنشاق الجراثيم، أو تناول الطعام أو الماء الملوثين، أو وجود جروح جلدية. ويكون خط العلاج الأول لهذه العدوى القاتلة هو المضادات الحيوية، إضافةً إلى علاجات أخرى بما فيها اللقاح.

ما مدى شيوع الجمرة الخبيثة؟

عُثر على حالات مصابة بالجمرة الخبيثة في جميع أنحاء العالم. ويندر هذا المرض في الولايات المتحدة، ويتفشى في البلدان النامية التي لا تلقح الماشية ضد العدوى. وتشمل هذه المناطق جزر الكاريبي، وأمريكا الوسطى، ووسط آسيا وجنوب غربها، وأمريكا الجنوبية، وجنوب أوروبا وشرقها، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ما الفئات المعرضة للإصابة بالجمرة الخبيثة؟

بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالجمرة الخبيثة من غيرهم، منهم:

  •  المزارعون ومربو المواشي.
  •  العسكريون والمسافرون إلى البلدان المعروفة بانتشار الجمرة الخبيثة فيها.
  •  الباحثون وعمال المختبرات الذين يدرسون البكتيريا.
  •  الأطباء البيطريون الذين يعالجون المواشي المصابة.
  •  عمال مصانع الصوف والدباغة والمجازر.
  •  صانعو الطبول الذين يستخدمون جلود الحيوانات.
  •  متعاطو الهيروين.

ما أنواع الجمرة الخبيثة؟

تعكس أنواع الجمرة الخبيثة الطرائق المختلفة لإصابة الجسم بالجراثيم، وتشمل أنواع الجمرة الخبيثة ما يأتي:

  •  الجمرة الخبيثة الجلدية: تُعد الشكل الأشيع والأقل فتكًا؛ إذ تدخل الجراثيم الجسم من جرح جلدي. ويُعد الأطباء البيطريون والأشخاص الذين على تماس دائم مع صوف الحيوانات، أو الجلود، أو الشعر، أكثر عرضة لخطر الإصابة بها.
  •  الجمرة الخبيثة الهضمية: تؤثر في الأشخاص الذين يتناولون اللحوم غير المطبوخة جيدًا أو النيئة من حيوان مصاب؛ إذ تؤثر الجراثيم في المريء، والحلق، والمعدة، والأمعاء.

تُعد الجمرة الخبيثة المعدية المعوية نادرة الحدوث في الولايات المتحدة؛ إذ يُلقح المنتجون الأمريكيون الماشية ضد الجمرة الخبيثة، ويفحصون الحيوانات المريضة قبل ذبحها.

  •  الجمرة الخبيثة الاستنشاقية: حين يستنشق الإنسان أبواغ الجمرة الخبيثة قد يصاب بالجمرة الخبيثة الاستنشاقية؛ إذ قد تسبب مشكلات خطرة في التنفس تؤدي إلى الموت. ويطلق على الجمرة الخبيثة الاستنشاقية أحيانًا مرض فرازي الصوف (الجمرة الرثوية)؛ ويعزى ذلك لأن الأشخاص الذين يعملون في مصانع الصوف، إضافةً إلى عمال المسالخ والمدابغ قد يستنشقون أبواغ الجمرة من صوف الحيوانات المصابة.
  •  الجمرة المكتسبة بالحقن: قد يُصاب متعاطو الهيروين بالجمرة الخبيثة من خلال الحقن؛ إذ يسبب حقن الجمرة الخبيثة عدوى عميقة تحت الجلد أو في العضلات. ويُعد هذا النوع أكثر شيوعًا في شمال أوروبا، ولم يُبلغ عنه في الولايات المتحدة.

هل تُعد الجمرة الخبيثة سلاحًا بيولوجيًا؟

ما زال حدوث هجوم إرهابي بيولوجي بجراثيم الجمرة الخبيثة احتمالًا قائمًا، ففي عام 2001، أرسل باحث عسكري أمريكي مظاريف تحتوي على جراثيم الجمرة الخبيثة إلى أعضاء الكونغرس ووسائل الإعلام، وأسفرت تلك الحادثة عن وفاة خمسة من أصل 22 شخصًا أصيبوا بالجمرة الخبيثة الجلدية أو الاستنشاقية.

ما أسباب الإصابة بالجمرة الخبيثة؟

تسبب بكتيريا عصيات الجمرة الخبيثة الإصابة بالجمرة الخبيثة، فقد تعيش هذه الجراثيم في الأرض لأعوام عدة. وقد تستنشق أو تبتلع الحيوانات البرية مثل الغزلان، والمواشي مثل الأبقار والأغنام، الأبواغ الخاملة في أثناء الرعي، حيث تنشط الجراثيم بعد الاختلاط بسوائل الجسم، وتتكاثر، وتنتشر في جميع أنحاء الجسم مسببة تفاعلًا سامًا ومميتًا. وتحدث العملية نفسها لدى الأشخاص الذين يستنشقون الجراثيم، أو يبتلعونها، أو يلامسونها.

ما أعراض الجمرة الخبيثة؟

تختلف أعراض الجمرة الخبيثة بحسب نوعها؛ إذ تظهر الأعراض عادةً في غضون أسبوع واحد من الإصابة بها. وأحيانًا لا تُلاحظ علامات استنشاق الجمرة الخبيثة إلا بعد شهرين. وتشمل الأعراض ما يأتي:

  •  ألم في الصدر وصعوبة في التنفس.
  •  تعب.
  •  حمى وتعرق غزير.
  •  صداع.
  •  آلام في العضلات.
  •  بثور أو نتوءات مثيرة للحكة.
  •  غثيان وقيء.
  •  آلام في البطن وإسهال دموي.
  • قرحة جلدية في مركزها نقطة سوداء.
  •  تضخم العقد اللمفاوية.

هل الجمرة الخبيثة معدية؟

الجمرة الخبيثة ليست معدية مثل جدري الماء أو الأنفلونزا؛ إذ لا تُلتقط الجمرة الخبيثة جراء التمّاس المباشر بشخص مصاب. ونادرًا ما يصاب الأشخاص بالجمرة الخبيثة الجلدية بعد الاتصال المباشر بآفة جلدية لشخص مصاب.

كيف تُشخص الإصابة بالجمرة الخبيثة؟

قد يُجرى واحد أو أكثر من الاختبارات الآتية اعتمادًا على الأعراض ونوع الجمرة الخبيثة:

  •  خزعة من الآفة الجلدية.
  •  اختبارات الدم.
  •  تصوير الصدر بالأشعة السينية.
  •  التصوير المقطعي المحوسب (CT).
  •  اختبارات البراز أو المخاط.
  •  البزل القطني (البزل الشوكي).

كيف تُعالج الجمرة الخبيثة؟

تستجيب معظم أشكال الجمرة الخبيثة للعلاج جيدًا؛ إذ يوقف العلاج السريع بالمضادات الحيوية تطور العدوى، وتشمل علاجات الجمرة الخبيثة ما يأتي:

  •  المضادات الحيوية: يُنصح بتناول المضادات الحيوية لمحاربة العدوى بالفم، أو الحقن العضلي أو الوريدي. وقد يستمر العلاج بالمضادات الحيوية مدة 60 يومًا، وتشمل المضادات الحيوية الشائعة مثل السيبروفلوكساسين (سيبرو 500)، والدوكسيسايكلين (كبسولات دوريكس).
  •  اللقاح (بيو ثراكس): يُنصح به للوقاية من عدوى الجمرة الخبيثة، ويعالج أيضًا الأشخاص المصابين، ويشمل العلاج ثلاث جرعات من اللقاح على مدى أربعة أسابيع، إضافةً إلى تناول المضادات الحيوية في الوقت نفسه.

ما مضاعفات الجمرة الخبيثة؟

قد تكون الجمرة الخبيثة غير المعالجة مميتة؛ إذ تختلف المضاعفات بحسب نوع الجمرة الخبيثة:

  •  النمط الجلدي: ينجو أغلب الأشخاص الذين يُعالجون من الجمرة الخبيثة الجلدية، في حين يموت نحو 20% من المصابين الذين لا يتلقون العلاج.
  •  النمط الهضمي: ينجو نحو 60% من الأشخاص الذين تلقوا العلاج، في حين أكثر من نصف المصابين الذين لم يتلقوا العلاج يلقون حتفهم. وقد تسبب الجمرة الخبيثة المعدية المعوية تورمًا مميتًا في الدماغ والحبل الشوكي، وهو ما يعرف بالتهاب السحايا والدماغ.
  •  النمط التنفسي: يعيش نحو 55% من المصابين الذين يتلقون العلاج، في حين ينخفض عددهم إلى نحو 15% من الأشخاص الذين لا يتلقون العلاج.

كيف يمكن الوقاية من الجمرة الخبيثة؟

يُعد لقاح الجمرة الخبيثة فعالًا بنسبة 90% في الوقاية من العدوى؛ إذ يتوفر اللقاح فقط للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا، والذين يعملون في مهن عالية الخطورة.

يُنصح بتناول خمس جرعات من اللقاح على مدار 18 شهرًا. وبعد ذلك، سيحتاج الشخص إلى جرعة داعمة سنوية.

تتلقى الماشية في الولايات المتحدة التي تُرعى في المناطق المعرضة للجمرة الخبيثة، لقاحًا مختلفًا للجمرة الخبيثة مصنوعًا خصيصًا للحيوانات. فلقاح الجمرة الخبيثة غير متاح لعامة الناس.

يُنصح بعدم تناول اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدًا، أو شراء الهدايا التذكارية المصنوعة من جلود الحيوانات أو الشعر، أو لمس الحيوانات عند السفر إلى منطقة معروفة بانتشار الجمرة الخبيثة فيها.

ما التوقعات المحتملة للأشخاص المصابين بالجمرة الخبيثة؟

قد تكون الجمرة الخبيثة غير المعالجة مميتة، لكن قد يمنع العلاج السريع العدوى الشديدة والأعراض المهددة للحياة، ما يحسن احتمالات الشفاء التام.

متى يجب الاتصال بالطبيب؟

يجب الاتصال بمقدم الرعاية الصحية عند الشك بالإصابة بالجمرة الخبيثة أو عند ملاحظة الأعراض الآتية:

  •  دم في إفرازات الجهاز التنفسي (خروج الدم عند السعال).
  •  دم في القيء أو البراز.
  •  ألم في الصدر.
  •  صعوبة في التنفس.
  •  إسهال.
  •  حمى.
  •  ألم شديد في البطن.

ما الأسئلة التي قد يرغب المصاب في طرحها على الطبيب؟

قد يرغب المصاب في طرح الأسئلة الآتية:

  •  كيف أصبت بالجمرة الخبيثة؟
  •  ما نوع الجمرة الخبيثة لدي؟
  •  ما أفضل علاج لي؟
  •  هل يمكنني الحصول على لقاح الجمرة الخبيثة؟
  •  ما الخطوات التي يمكنني اتخاذها لمنع الإصابة بالجمرة الخبيثة مرة أخرى؟
  •  هل أفراد عائلتي معرضون لخطر الإصابة بالجمرة الخبيثة؟
  •  هل يجب أن أبحث عن علامات للمضاعفات؟

بعض الملاحظات من مركز كليفلاند كلينك الطبي:

تُعد الإصابة بالجمرة الخبيثة نادرة في الولايات المتحدة، فالأشخاص الذين يعملون في مهن معينة أو الذين يسافرون إلى البلدان النامية أكثر عرضة للإصابة بالجراثيم المسببة للجمرة الخبيثة. لذلك يجب على العاملين في مجال شديد الخطورة التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية للحصول على لقاح الجمرة الخبيثة؛ إذ يتعافى معظم المصابين بالجمرة الخبيثة بعد تلقي العلاج الفوري بالمضادات الحيوية أو العلاجات الأخرى.

يُعد استنشاق الجمرة الخبيثة أكثر فتكًا وأصعب علاجًا؛ إذ يشكل تهديدًا محتملًا للحياة في حال استعمال هذه الجراثيم في أسلحة الإرهاب البيولوجي.

اقرأ أيضًا:

الجمرة الخبيثة والطاعون: كيف يمكن للقاحٍ واحدٍ أن يحميَ جسمنا ضدّ تهديدين بيولوجيين مرعبين؟

لقاح الجمرة الخبيثة: كل ما يجب معرفته

ترجمة: هيا منصور

تدقيق: ريمي سليمان

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر