تتمثل الثوابت لدى البشر بالموت والضرائب، أما بالنسبة إلى الكواكب فالثوابت فتتمثل بالجاذبية والتصادم. هذا ما يدرسه براندون جونسون، استنادًا إلى معلومات التصادم، بهدف فهم كل من تاريخ الكواكب والأقمار والكويكبات والنيازك الموجودة في جميع أنحاء النظام الشمسي وتركيبها. يقول جونسون: «تُعد الفوهات الناتجة عن التصادم أكثر العمليات السطحية انتشارًا لتشكيل الأجسام الكوكبية».

أكمل قائلًا: «وجدنا فوهات على سطح جميع الأجسام الصلبة التي سبق ورأيناها تقريبًا، إذ تُعد محركًا رئيسيًا للتغيير في الأجسام الكوكبية، وتقود تطور القشور الكوكبية. شكلت سلسلة من أحداث التصادم جميع الكواكب والكويكبات، لذا فقد تساعدنا دراسة هذه الأحداث على تحديد تركيب الكواكب وبنيتها».

درس جونسون جميع الأجسام الكوكبية الرئيسية الموجودة في النظام الشمسي تقريبًا بصفته أستاذًا مساعدًا في قسم علوم الكواكب والغلاف الجوي والأرض في كلية العلوم التابعة لجامعة بوردو، ويمتد نطاق بحثه الزمني من أحداث التصادم الحديثة نسبيًا إلى ما يقارب بداية النظام الشمسي.

جمع أدلة عن التصادم يساعد جونسون في إعادة بناء البيئة التي حدث فيها التصادم، بهدف تقديم رؤى عميقة فيما يتعلق بكيفية تشكل الأجسام وزمن حدوث ذلك. يساعد بحثه البشر في اكتشاف الأجسام الكوكبية الموجودة في النظام الشمسي من طريق استخدامهم للفيزياء والرياضيات والحاسوب فقط. تقدم البعثات الفضائية والتحاليل المخبرية مخزونًا ثابتًا من البيانات الجديدة والأسئلة التي تحتاج إلى إجابة.

قال جونسون: «تضم معظم النيازك جسيمات صغيرة صُهرت سابقًا تسمى بالكوندرولات. يمكننا بصورة أساسية فهم ما الذي كان يحدث في النظام الشمسي الناشئ من طريق دراسة تشكل الكوندرولات الناتجة عن التصادم. فمثلًا استطعنا التأكد من أن المشتري قد تشكل بعد مواد النظام الشمسي الصلبة الأولى بنحو 5 ملايين عام اعتمادًا على تصادم واحد، ما غير الجدول الزمني لفهمنا للنظام الشمسي».

يدمج جونسون وطاقم مختبره عوامل معروفة حول تركيب الأجسام الكوكبية وفيزيائها في نماذج حاسوب معقدة ويختبرونها في ظل ظروف عدة، ثم يقارنون النتائج مع الظاهرة التي لاحظها الفريق. قد يوفر تحليل الحركات والتصادم رؤى حول تكوين الكويكبات والمذنبات، ما يساعد العلماء على فهم كيفية توزع عناصر مثل الماء والحديد عبر النظام الشمسي.

قد يتمكن فريق جونسون من فهم المزيد عن المكونات الداخلية للفوهات الناتجة عن التصادم والأحواض الموجودة على سطح أماكن مثل بلوتو والزهرة والأقمار الجليدية، إضافةً إلى ميكانيكا العمليات التي تحدث على سطح قمر يوروبا وكويكبات -مثل سايك- من طريق دراستها، إذ سيتمكن الفريق مثلًا من معرفة هل تمتلك نوى منصهرةً وصفائح تكتونية أم محيطات سائلة؟

لا يشمل عمل جونسون النظام الشمسي فقط، فهو يدرس التصادم الذي يحدث حول الأرض أيضًا، متضمناً التصادم الذي يحدث على القمر والتصادم الأرضي الذي ربما كان له تأثير في تطور قشرة الأرض والغلاف الجوي والغلاف الحيوي.

تتيح أداة حساب التصادم عبر الانترنت، التي طورها أستاذ علوم الكواكب والغلاف الجوي والأرض المرموق السابق ومعلم جونسون، الراحل جاي ميلوش لأي شخص دراسة تأثير تصادم أنواع صخور عدة في الأرض. يعيد جونسون وفريقه بناء الأداة بهدف إتاحتها لجيل جديد من الطلاب المهتمين بدراسة الكواكب.

اقرأ أيضًا:

تأكيد التصادمات الحاصلة بين النجوم النيوترونية والثقوب السوداء

رؤى جديدة لعلماء الفلك تكشف كيف شكل التصادم المجري مجرة درب التبانة

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: حسين جرود

المصدر