للعديد من كواكب المجموعة الشمسية أقمار تدور حولها. ومن بين الكواكب الصخرية التي تُشكل النظام الشمسي الداخلي، فإن امتلاك القمر هو امتياز لا يتمتع به إلّا كوكبان فقط: الأرض و المريخ، لكنه امتياز محدود بالمقارنة مع الكواكب الغازية العملاقة مثل المشتري وزحل التي تمتلك عشرات الأقمار.

في حين أن للأرض قمرًا واحدًا، فللمريخ قمران صغيران (ديموس- Deimos) و( فوبوس -Phobos ). أغلب الأقمار في مجموعتنا الشمسية تتخذ شكلًا مستديرًا كرويًا يشبه شكل قمر الأرض، لكن حجمي فوبوس وديموس كحجم الكويكب، ولهما مظهر مشوه.

كم عدد الأقمار الخاصة بكوكب المريخ

حجم، كتلة، ومدار أقمار المريخ

القمر الأكبر للمريخ هو فوبوس، اشتق اسمه من الكلمة الإغريقية (الخوف – الفوبيا) والتي تعني الرهاب. يبلغ قطر القمر فوبوس 22.7 كم فقط، ومداره أقرب للمريخ من القمر ديموس. مقارنة مع قمر الأرض -الذي يدور على مسافة 384.403 كم من كوكب الأرض- يدور القمر فوبوس بمعدل مسافة لا تتجاوز 9.377 كم فوق سطح المريخ.

يؤدي صغر مدار القمر فوبوس إلى أن يدور حول المريخ ثلاث مرات في اليوم الواحد. فلو وقف شخص على سطح كوكب المريخ، سيتمكن من رؤية القمر فوبوس يعبر السماء في غضون 4 ساعات أو نحو ذلك. القمر الثاني للمريخ هو ديموس، اشتق اسمه من الكلمة اليونانية للخوف أو الذعر. يبلغ قطره 12.6 كم فقط، وشكله أقل تشوهًا. يبعد كثيرًا عن المريخ؛ على مسافة 23,460 كم؛ وبذلك يستغرق 30.35 ساعة ليكمل دورانه حول المريخ.

عند التصادمات، يترك الغبار والأتربة سطح القمر لأنها لا تمتلك قوة جاذبية كافية للبقاء. ومع ذلك، فإن جاذبية المريخ تُبقي حلقة من هذا الحطام حول الكوكب في نفس المنطقة تقريبًا التي يدور حولها القمر. كلما دار القمر أُعيد تدوير الحطام كطبقة غبار على سطحه. مثل قمر الأرض، يعكس فوبوس وديموس وجه كوكبهما؛ كلاهما وعر، ومغطى بالأتربة والصخور. يبدو أنهما يتشكلان من الصخور الغنية بالكربون والممزوجة بالجليد بسبب تكوينهما وحجمها وشكلهما، يعتقد علماء الفلك أن أقمار المريخ كانت كويكبات في الماضي البعيد.

ومع هذا، يبدو أن القمر فوبوس لن يدور حول الكوكب الأحمر لفترة طويلة كثيرًا؛ فهو يدور حول المريخ بشكل أسرع من دوران المريخ نفسه، لذلك يدور ببطء نحو الداخل. ونتيجة لذلك يُقدر العلماء أنه خلال الـ 10-50 مليون سنة القادمة سيقترب من المريخ لدرجة أن جاذبية المريخ ستُجزِّئ القمر فوبوس إلى كومة من الصخور. وبعد بضعة ملايين سنة، ستتحطم هذه الصخور على سطح المريخ في سلسلة مدهشة من التصادمات.

مكونات ومزايا سطح الأقمار

يتكون كل من فوبوس وديموس من صخور من النوع C، مشابهة لما تتألف منه الكويكبات الكوندريتية السوداء. تعود هذه العائلة من الكويكبات إلى زمن قديم جدًا، ويعود تاريخها لتاريخ تكوين المجموعة الشمسية. ومن المحتمل أنهما أصبحا قمرين للمريخ في التاريخ المبكر له. يملك القمر فوبوس حفرًا عميقة نتيجة تأثيرات الشهب مع وجود ثلاث حفر كبيرة تهيمن على السطح. أكبر حفرة هي حفرة (ستيكني- Stickney) يبلغ قطرها 10 كم، أي ما يقارب نصف قطر فوبوس نفسه.

إن هذه الحفرة كبيرة جدًا لدرجة أن العلماء يعتقدون أن تأثيرها قد يؤدي إلى كسر القمر. تشير الأخاديد والخطوط المتوازية المؤدية إلى الحفرة إلى أن الشقوق قد تكون ناتجة عن التأثيرات.

يشبه ديموس فوبوس إلى حد كبير؛ سطحه محفور نتيجة تأثيرات عديدة. أكبر حفرة على سطح ديموس يبلغ قطرها تقريبًا 2.3 كم؛ أي خمس حجم ستيكني. على الرغم من وجود الحفر العميقة على القمرين، فإن القمر ديموس يتميز بمظهر أكثر رقة بسبب الامتلاء الجزئي لبعض فوهاته.

أصل أقمار المريخ

بالمقارنة مع قمرنا، يظهر القمران فوبوس وديموس بمظهر كويكب خشن، بحجم صغير جدًا. إضافة إلى ذلك، يشبه تركيبهما -كما ذكرنا سابقًا- تركيب الكويكبات من النوع C التي يُشاع عنها أنها تعود إلى حزام الكويكبات. ولهذا، فإن النظرية السائدة حول أصلها هي أنهما كانا كويكبين طُردا من الحزام الرئيسي بواسطة جاذبية المشتري، لينضما إلى المريخ.

تاريخ ملاحظتهما

اكتُشف فوبوس وديموس من قِبل عالم الفلك الأمريكي (آساف هول-Asaf Hall) في الشهر الثامن من عام 1877. وبعد 94 عامًا من اكتشافهما، حصلت المركبة الفضائية مارينر 9 التابعة لوكالة ناسا على نظرة أفضل بكثير للقمرين في مدارهما حول المريخ. عند ملاحظة فوهة البركان الكبيرة على فوبوس، قررت وكالة ناسا تسميتها على اسم زوجة هول (ستيكني- Stickney).

وقد أُضيفت الملاحظات اللاحقة التي أجرتها تجربة هايرس والدراسات الميدانية العامة للمريخ والاستطلاعات المدارية له إلى فهمنا الكامل لهذين القمرين. في يوم من الأيام، قد تذهب البعثات الفضائية المأهولة إلى فوبوس وديموس. يتوقع العلماء إمكانية استخدام أحد أقمار المريخ كقاعدة يمكن لرواد الفضاء من خلالها رصد الكوكب الأحمر وإطلاق الروبوتات على سطح المريخ، بينما تحيطها أميال من الصخور من الأشعة الكونية والإشعاع الشمسي بما يقرب من ثلثي كل مدار.

ترجمة: إسراء حيدر هاشم
تدقيق: براءة ذويب

المصدر

اقرأ أيضًا:

من أين أتت أقمار المريخ؟

العمل على ثلاث مركبات سترسل إلى المريخ على خطى مركبة إنسايت

مقارنةٌ شاملةٌ بين الأرض والمريخ

الناس في أوروبا مذعورون من تساقط ثلوج برتقالية وكأنها صور لكوكب المريخ