قد تُصادفنا الكثير من الظواهر الطبيعية يوميًا أو بنحو شبه يومي، وتراودنا التساؤلات عن سبب هذه الظواهر، ومنها رؤية الجبال البعيدة باللون الأزرق، ما يدفعنا للبحث عن سبب رؤية الجبال بهذا الشكل.

لماذا يتغيّر لون الجبال إلى اللون الأزرق، لا إلى الوردي أو الأصفر أو الأخضر مثلًا؟

يرتبط الأمر بضوء الشمس، إذ تبدو أشعة الشمس بيضاء، لأنها تمزج جميع ألوان قوس قزح، الذي يتألف من عدة ألوان: الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي.

للّون الأحمر الطول الموجي الأطول، أما البنفسجي فيمتلك الطول الموجي الأقصر.

يستغرق ضوء الشمس 8 دقائق و20 ثانية لبلوغ الأرض. المرحلة الأهم من هذه الرحلة هي اصطدام ضوء الشمس بالغلاف الجوي للأرض، إذ يمتلئ الغلاف الجوي للأرض بجزيئات الهواء الصغيرة.

يتصادم الضوء ذو الأمواج الطولية القصيرة مع جزيئات الهواء في الغلاف الجوي، فينتشر حولها ويتصادم مع بقية الجزيئات، حتى يصل إلى أعيننا من جميع الاتجاهات.

لكن ما علاقة ما سبق بسبب رؤية الجبال البعيدة باللون الأزرق؟

يُعد الضوء الأزرق أحد أقصر الأطوال الموجية ضمن طيف الضوء المرئي، ما يجعل درجات اللون الأزرق تنتشر في الغلاف الجوي أكثر من أي لون آخر.

مع أن موجة الضوء البنفسجي أقصر من الأزرق، تبعث الشمس كميةً أقل من الضوء البنفسجي مقارنةً بالأزرق، وتميز العين البشرية اللون الأزرق أكثر مما تميز البنفسجي.

كثرة تشتت الضوء الأزرق في الغلاف الجوي، وانبعاث قدر أكبر منه من الشمس، وانحياز رؤيتنا، كل ذلك يجيب عن سؤال طالما راودنا: «لماذا تبدو السماء زرقاء؟».

تلك هي ظاهرة «تبعثر ريليه»، التي تفسر اللون الأزرق للسماء خلال النهار، بسبب تشوه الغلاف الجوي، وحدود البصر البشري.

هذا يقودنا إلى سبب رؤية الجبال البعيدة باللون الأزرق، فعند النظر إلى الجبال البعيدة، فهناك الكثير من جزيئات الهواء بين الجبال وعينيك، وتكثر هذه الجزيئات بزيادة المسافة.

المزيد من جزيئات الهواء يعني المزيد من تشتت الضوء، وكلما كانت الجبال أبعد بدت أكثر زرقة، حتى تختفي إذ تعجز عن تمييزها عن السماء.

استُخدمت هذه الظاهرة في تصميم الإعلانات والترويج للمنتجات، وحفّزت مخيلة المصممين على الابتكار، مثل شركة (Coors light) المتخصصة في إنتاج الجعة، التي استوحت هذه الظاهرة في التسويق لمنتجاتها.

زوّدت الشركة زجاجاتها بملوّن حراري، إذ يتغير لون الشعار –جبل جليدي- باختلاف درجة الحرارة، وحين تصل درجة الحرارة إلى 8.8 درجة مئوية أو أقل يتغير لون الشعار إلى الأزرق.

تساعد هذه الفكرة العملاء على معرفة هل الزجاجة باردة أم لا؟ إذ يفضل أكثرهم الجعة باردة، وعندما يرون شعار الشركة باللون الأزرق، يعرفون أن الزجاجة باردة ومناسبة للاستخدام.

لا تقتصر هذه الظاهرة على الجبال فقط، بل تظهر أيضًا على ناطحات السحاب والمباني الشاهقة، التي تظهر باللون الأزرق عند رؤيتها من مسافات بعيدة للغاية.

اقرأ أيضًا:

ما هو الفرق بين السرعة الأرضية و السرعة الجوية ؟

هل يمكن محاربة النار بالنار؟

ترجمة: يزن دريوس

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر