حدد فريقٌ من الباحثين بقيادة الباحثة مارلينا فيزو هرمونًا يؤثر في مستقبلات في الدماغ ويسبب التقيؤ، وعدّوه السبب المحتمل لحالة الغثيان الصباحي، وأضافوا مجموعة جديدة من الأدلة التي تدعم بحثهم.

عانت فيزو غثيانًا شديدًا في أثناء حملها الثاني، وكانت تتقيأ الطعام الذي تتناوله كله باستمرار. إضافةً إلى شعورها بالضعف الشديد لدرجة عدم مقدرتها على الوقوف. وقال لها الأطباء أن المرض في عقلها فقط، ولكن قد يكون المقصد وراء كلامهم مختلفًا قليلًا.

فكر الباحثون في هرمون معين يُسمى GDF15 اكتُشِف أول مرة في عام 2000 في مصل دماء النساء الحوامل بكميات كبيرة.

أشارت الدراسات إلى التوائم ودراسات التسلسل الجيني للنساء اللواتي يعانين الغثيان الشديد والقيء في أثناء الحمل إلى أن هذا القيء قد يكون مرضًا، والمسؤول عنه هو تركيب وراثي في جينين اثنين، أحدهما الجين الذي يشفر GDF15.

يُعد الغثيان والقيء شائعين جدًا في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، ولكن في نحو 2% من الحالات أو 1 من كل 50 حالة حمل؛ يتطور الشكل الأكثر شدة المعروف باسم التقيؤ الحملي (HG).

أثارت تجربة فيزو الخاصة مع التقيؤ المفرط في أثناء الحمل فضولها لمواصة البحث عن السبب الأساسي.

في بداية عام 2022، كشفت فيزو وزملاؤها عن عدد قليل من المتغيرات الجينية -بعضها نادر وبعضها شائع- في جين GDF15 الذي ربطوه بخطر الإصابة بالتقيؤ الحملي HG. لكن التفاعل بين هذه المتغيرات الجينية وهرمون GDF15 ظل غير واضح.

مؤخرًا، شاركت فيزو وزملاؤها أحدث مجموعة من الأدلة لدعم فكرة أن GDF15 يسبب التقيؤ المفرط.

مثل العديد من البروتينات الأخرى؛ ترتفع مستويات GDF15 في أثناء الحمل، ويبدو أن بعض النساء أكثر حساسية للهرمون من غيرهن.

كتب الباحثون في نسخة بحثهم الأولية، التي لم تخضع للمراجعة بعد: «نتائجنا تضع GDF15 مسببًا أساسيًا للقيء والغثيان في أثناء الحمل والمسبب للتقيؤ الحملي HG، ويوضح البحث بوضوح استراتيجيات علاجه والوقاية منه».

توصل العلماء إلى أن سبب التقيؤ المفرط قد يفيد الحوامل، حتى لو لم تُطور أدوية جديدة لعلاجه حتى الآن.

وجدت فيزو وزملاؤها أن مستويات GDF15 كانت أعلى بصورة ملحوظة في مجموعة من نحو 60 امرأة مصابات بفرط التقيؤ مقارنةً بمجموعة أخرى من النساء الحوامل غير المصابات، ما أكد النتائج السابقة.

كتبت فيزو: «يمكننا الآن أن نستنتج بثقة أن المستويات المرتفعة من GDF15 المنتشرة في دم الأم مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالتقيؤ الحملي».

بعد ذلك، قارنوا النساء الحوامل والأطفال الذين لم يولدوا بعد الذين يحملون متغيرات جينية مختلفة لـ GDF15؛ ووجدوا أن النسبة العظمى من مستويات GDF15 في حالات الحمل الصحية تأتي من الجنين والمشيمة. ولاحظ الباحثون أن الأمهات اللاتي يعانين الغثيان والتقيؤ المفرط في أثناء الحمل قد يكون لديهن مستويات أعلى GDF15.

بالعودة إلى المتغيرات الجينية التي حُددت سابقًا والمرتبطة بالتقيؤ الحملي، وجدت فيزو وفريقها أن النساء المصابات بهذه المتغيرات كان لديهن مستويات أقل من هرمون GDF15 المنتشر في دمائهن عندما لم يكن حوامل.

كان هذا الاكتشاف المفاجئ منطقيًا جدًا عندما حلل الباحثون بيانات من دراسة منفصلة لأكثر من 18000 امرأة اسكتلندية. أظهرت أن النساء اللاتي لديهن مستويات أعلى من GDF15 قبل الحمل كان لديهن خطر أقل للإصابة بفرط التقيؤ.

وبالمثل، فإن النساء المصابات بالثلاسيميا بيتا، وهي حالة دموية ترفع مستويات GDF15 خارج الحمل، نادرًا ما يعانين الغثيان والقيء عند الحمل، وفقًا لمسح صغير أُجري على عشرين امرأة.

تقترح فيزو وزملاؤها أن الأمر يبدو كما لو أن وجود مستويات أعلى من GDF15 قبل الحمل يوفر بعض الحماية ضد التقيؤ المفرط، ما يقلل من حساسية النساء تجاه الهرمون، لذلك فإن تأثيره أقل في إحداث القيء.

إجمالًا، تشير الأدلة الجديدة إلى أن شدة الغثيان والقيء في أثناء الحمل هي نتيجة تفاعل GDF15 المشتق من الجنين وحساسية الأم لهذا الببتيد، الذي حُدد بواسطة تعرضها السابق للهرمون.

مع ذلك، يتوخى الباحثون الحذر من الأضرار المحتملة للعلاجات المرشحة التي تُعطى في أثناء الحمل، لذلك ستكون للسلامة الأولوية القصوى.

ويقول الفريق: «منذ المأساة التي حدثت بعد دواء الثاليدومايد (دواء استُخدم سابقًا لعلاج الغثيان الصباحي وكان له تأثير مشوه للأجنة)، كانت المخاوف بشأن السلامة بارزة جدًا في المناقشات حول العلاجات الجديدة للتقيؤ الحملي HG».

اقرأ أيضًا:

الغثيان المتعلق بالقلق، أمور عليك معرفتها للتغلب على الحالة

لماذا نشعر بالغثيان بعد التمرين؟ إليك ما يجب فعله لتجنب ذلك

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر