يعلم العديد من الناس الفكرة القائلة بأننا كلما تقدمنا في العمر ينخفض مستوى ذكائنا، ولكن هل يمكن قياس ذلك؟ وهل حقًا ينخفض مستوى الذكاء مع التقدم في العمر؟ وإن حدث ذلك فبأي معدل؟ وهل تنخفض الأنواع المختلفة للذكاء بمعدلات مختلفة؟

للإجابة عن هذه الأسئلة بتفصيل عميق سألنا خمسة من خبراء الذكاء وعلم النفس والسلوك، وهكذا كانت إجاباتهم.

ما اختبار الذكاء؟ وكيف يُقاس؟

يقول ميشيل توماس خبير علم النفس والعلوم العصبية في جامعة بيركبيك في إنكلترا: «يُقاس الذكاء عادةً بواسطة مجموعة اختبارات مثل مهارات اللغة، والمهارات غير الشفوية مثل حل الألغاز، وغيرها من المهارات التي تقيس سرعة إنجاز المهمات، وبعد إتمامها تُجمع درجات الاختبارات للحصول على النتيجة التي تعبر عن معدل الذكاء، وتقارن بنتائج الآخرين».

تقيّم اختبارات الذكاء قدرات مختلفة، مثل كيفية تلقي المعلومات والاحتفاظ بها، والتفكير المجرد والمعالجة البصرية المكانية.

الرمز (IQ) هو اختصار لكلمة (intelligence quotient) أي معدل الذكاء، ويُعد معيارًا موحدًا للأشخاص من العمر ذاته، وتعبر النتيجة 100 عن متوسط الذكاء الطبيعي، وكلما زادت عن ذلك كان الفرد أذكى، وكلما انخفضت عن 100 كان الفرد أقل ذكاءً.

هل يتغير معدل ذكاء الفرد وفقًا للعمر؟

لا يتغير معدل ذكاء الشخص مع تقدمه في العمر. بتعبير آخر، إذا أُجري اختبار ذكاء لشخص ما الآن، وأجري الاختبار للشخص ذاته بعد عشر سنوات، فسيحصل على النتيجة ذاتها تقريبًا، لأن معدل الذكاء يُقاس دائمًا بالنسبة إلى عمر الشخص.

يوضح آلان كوفمان خبير الذكاء من جامعة ييل: «يأخذ اختبار الذكاء عمر الشخص في الحسبان، لذا يقارن ذكاء الأشخاص من العمر ذاته بواسطة عدد الإجابات الصحيحة التي يجيبونها في أي اختبار يُعطى لهم».

«معدل الذكاء الطبيعي لأي فئة عمرية هو 100، لكن لا نستطيع مقارنة معدلات الذكاء بين الفئات العمرية المختلفة».

يؤيد ذلك ميران ناكسون خبير علم النفس من جامعة بن غوريون: «يشير معدل الذكاء إلى الوضع النسبي للفرد بالنسبة إلى المعدل، ويكون ذلك الوضع ثابتًا لا يتغير». ويدعم فكرته بالإشارة إلى منشور يوضح وجود ارتباط قوي بين معدل ذكاء الأشخاص في عمر 11 و90.

هل يتغير معدل ذكاء الفرد مع التقدم في العمر؟

كي نقيس كيفية تغير معدل الذكاء مع العمر، تجب مقارنة معدل ذكاء كبار السن مع نظرائهم الأصغر سنًا، وهذا غير ممكن عادةً نتيجةً للأسباب الموضحة سابقًا، عوضًا عن حاجتنا لطرائق مختلفة.

يشرح كوفمان ذلك بقوله: «يجب علينا أولًا إيجاد معيار مشترك للمقارنة بين أداء البالغين من أعمار مختلفة بالنسبة إلى المعايير المحددة».

وفقًا للبحث الذي أجراه كوفمان، عد الباحثون سن الشباب بأنه 30 سنة، أو بين 25 و34 سنة. وعلى هذا سيكون معدل ذكاء الشبان 100، لذا عندما نقارن بين البالغين والشبان الأصغر سنًا خلال عمرهم، سنتعرف على التغيرات التي تحدث لمعدل الذكاء مع التقدم في العمر.

وبإجراء تلك الاختبارات يصبح انخفاض معدل الذكاء –إن صح هذا الافتراض- واضحًا.

أنواع الذكاء لا تنخفض بالمعدل ذاته

تقيس اختبارات الذكاء أنواع عدة من الذكاء وتجمعها معًا، يقول كوفمان: «يجمع اختبار الذكاء العالمي أنواعًا مختلفة من الذكاء، وأشهرها الذكاء السائل والذكاء المتبلور، إذ تشكل باجتماعها مع القدرات المعروفة بالذاكرة العاملة وسرعة المعالجة مقياس الذكاء العالمي أو الشامل، يعكس الذكاء السائل أو التفكير السائل القدرة على حل المشكلات غير المألوفة التي لا تُطرح في المدارس، أما الذكاء المتبلور أو المعرفة المتبلورة فتتعلق بالتعلم وحل المشكلات المرتبطة بالتعليم والتبادل الثقافي».

يبلغ معدل الذكاء المتبلور 98 في عمر 24-20 سنة، ويرتفع إلى 101 بعمر 44-35 سنة، قبل أن ينخفض إلى 100 في عمر 54-45 سنة، وبعدها يتابع انخفاضه ليصبح 98 في عمر 64-55 سنة، ثم 96 في عمر 69-65 سنة، ثم 93 في عمر 74-70 سنة، إلى أن يصبح 88 في الأعمار فوق 75.

أما الذكاء السائل يبلغ ذروته في عمر 24-20 سنة، لكنه ينخفض أسرع من المتبلور مع التقدم في العمر، إذ يصبح 99 في عمر 34-25 سنة ، و96 في عمر 44-35 سنة، وبعدها يهبط بتسارع إلى 91 في عمر 54-45 سنة، ثم إلى 86 في عمر 64-55 سنة، ثم 83 في عمر 69-65 سنة، إلى أن يصل إلى 72 في الأعمار فوق 75 سنة.

يقول توماس: «يُعد منتصف العقد الثالث من العمر أسرع أوقات الاستجابة للفرد، ومع التقدم في العمر تزداد معرفة الفرد بالمصطلحات ما دام لم يُصَب بالخرف، وتزداد المهارات الإدراكية المعتمدة على الأشياء التي يتعلمها الفرد –المعرفة المتبلورة– حتى أواخر العقد السابع من العمر، لكن تنخفض سرعة أدائه للأمور».

اقرأ أيضًا:

هل يعد الذكاء العالي معيارًا للنجاح؟

أربع علامات تدل على الذكاء العاطفي

ترجمة: هادي سلمان قاجو

تدقيق: بشير حمّادة

المصدر