«أنت فعلت ذلك أيضًا»؛ نوع من المغالطة لا يُهاجَم فيها الشخص على أشياء عشوائية غير ذات صلة، بل إنها هجوم على أحدهم لخطأ (يستشعره ويحسه الطرف الآخر في النقاش) محسوس أو مُلاحَظ في طريقة عرضه قضيته أو أفكاره. وتسمى هذه المغالطة «أنت أيضًا» لأنها عادة تحدث عندما يُهاجَم شخص ما لفعله أشياء، وفي الوقت ذاته يسوق حججًا ضدها.

أمثلة عن المغالطة «أنت أيضًا»:

عادة ما ترون هذه المغالطة في حديث تحول إلى جدال حاد، ولم يعد بالإمكان الاستمرار فيه بنحو حضاري يخرج بأمور مفيدة.

كيف لك أن تنصحني ألا أجرب المخدرات و قد جربتها عندما كنت مراهقًا؟، كما ترون في هذا المثال، عمد أحد طرفي الجدال إلى توضيح أن فعله يُعدُّ مبررًا، من طريق الإصرار على أن الطرف الآخر في النقاش قد أقدم على الشيء ذاته. فإن كان الفعل سيئًا بدرجة كبيرة، فلمَ أقدم على فعله؟

يُشار إلى هذه المغالطة أحيانًا بالمَثل «الخطأ لا يُعالَج بالخطأ»، لوجود إيحاء بأن الخطأ الثاني يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. فحتى لو كان الشخص منافقًا وكاذبًا لأبعد درجة؛ فليس بالضرورة أن نصيحته ليست منطقية أو قويمة أو غير مأخوذ بها.

مغالطة «أنت أيضًا» والصدق:

قد نقع في هذه المغالطة دون أن نلاحظ كما في حالة أن نهاجم شخصًا ما بسبب ثباته على مبادئه أو نتيجة صراحته وصدقه.

لمَ يجب عليَّ الأخذ بوجهة نظرك حول الحمية النباتية بجدية، وأنت توافق على نقل الدم الذي كانت الحيوانات ميادين اختباراته وتجاربه؟، أو تقبل بأخذ دواء اختُبِر سابقًا على الحيوانات؟

يشكل الطرحان السابقان مثالين واضحين عن هذه المغالطة، لأن النقاش ينتهي عادة على النحو التالي: «لست مجبرًا على قبول استنتاجاتك من منطلق أنك أيضًا قد لا تقبل بها».

قد يبدو الأمر على أنه جدال في مواجهة تمسك أحدهم بالحجج المؤيدة للتغذي بالنبات، ولكنه في الواقع مجرد جدال مع شخص يدافع عن الحمية النباتية. لا يعني اختلاف الشخص مع أفكاره ومبادئه أن النظرية أو الرأي الذين يدافع عنهما ليسا صحيحين أو منطقيين.

قد لا نتوافق مع اتباع مبدأ أو قاعدة منطقية وقد نتوافق وننسجم مع قواعد لا تكون كذلك. وهذا السبب في أن الانسجام والثبات على المبادئ التي قد يتبعها أحدهم في الدفاع عما يحاجون به ليس متعلقًا بصحة موقفهم هذا.

هذا لا يعني أنه ليس مشروعًا لنا أن نشير إلى التباينات الواضحة. ففي النهاية إن لم يتبع أحدهم نصيحته الشخصية، فقد يرجع ذلك إلى عدم تصديق هذا الشخص بنصيحته هذه، وعندها يمكن السؤال عن سبب رغبة هذا الشخص في اتباع غيره إياها.

ومن الممكن أنه لا يفقه ما يقوله، وإن كان لا يفهم نصيحته، فمن المرجح ألا يتمكن من الدفاع عنها دفاعًا فعالًا.

أنت أيضًا، كنت لتفعل ذلك!:

يوجد تكتيك آخر قريب لمغالطة «أنت فعلتها أيضًا» يُسمَى «لو أُتيحَت لك الفرصة لفعلت ذلك أيضًا». في هذه المغالطة يشكل الناس حججهم كالآتي:

  •  قادة ذلك البلد مجانين، قد يهاجموننا في حال أتيحت لهم الفرصة، لم لا نهاجمهم أولًا لنحمي أنفسنا؟
  •  قد يضطهدنا المسيحيون ويلاحقوننا مجددًا إذ أتيحت لهم الفرصة، لذلك لم لا نضطهدهم نحن أولًا؟

هذه المغالطة خاطئة أيضًا للسبب ذاته الذي يجعل مغالطة «أنت فعلت ذلك أيضًا» خاطئة. فليس من المهم ما قد يفعله الناس إذا سنحت لهم الفرصة، لأن ذلك لا يُعَدُّ مبررًا لفعل الشيء ذاته إذا سنحت الفرصة.

اقرأ أيضًا:

مغالطة كتمان الدليل

مغالطة النافذة المكسورة

ترجمة: طارق العبد

تدقيق: بدور مارديني

مراجعة: حسين جرود

المصدر