الأرض ليست كرويةً تمامًا كما تخيلناها أيام الطفولة في دروس المدرسة، أو عندما نشاهد مجسمًا للكرة الأرضية، فهي مثل كل الكواكب الأخرى، لديها انتفاخ ضخم.

قد يتبادر سؤال إلى أذهاننا: ما سبب استدارة الكواكب؟

الإجابة بسيطة إلى حد ما: الجاذبية هي السبب في ذلك.

تتشكل الكواكب نتيجة اصطدام أجزاء من المادة ببعضها فتشكل كتلًا أكبر مع مرور الوقت. ومع زيادة الكتلة، تزداد أيضًا جاذبية الكوكب الجديد، ما يؤدي إلى جذب المزيد من المادة. لدينا الآن كتلة بحجم كوكب، تبدأ الجاذبية بعد ذلك في العمل على صقلها على هيئة كروية مثل كوكب الأرض الذي نعرفه، أو على غرار الكواكب الأخرى التي ننظر إليها.

أوضح جونتي هورنر Jonti Horner، أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة جنوب كوينزلاند، في مقال له: «إن جاذبية جسم ما ستتجه دائمًا نحو مركز كتلته، فكلما كبر حجم الجسم، عظمت كتلته، وبالتالي زادت قوة جاذبيته».

وأردف قائلًا: «في الواقع، الجاذبية ضعيفة بشكل مثير للدهشة، فيجب أن يكون الجسم كبيرًا جدًا قبل أن يتمكن من بذل قوة جذب قوية بما يكفي للتغلب على متانة المادة التي صنع منها، لذلك فإن الأجسام الصلبة الأصغر -تتراوح أقطارها ما بين عدة أمتار إلى كيلومترات- لها قوى جذب أضعف من أن تحولها إلى شكل كروي».

هذا هو السبب في أن الأجسام والكواكب الأصغر لها شكل أقل تناسقًا، فعلى سبيل المثال المذنب 67P يشبه إلى حدٍ ما بطة الأطفال المطاطية.

إذن، لماذا لا تكون الأرض كاملة الاستدارة؟

كما ذكرنا سابقًا فإن الجاذبية أضعف من أن تشكل الأرض على هيئة كرة كاملة الاستدارة، لكنها أيضًا ليست القوة الوحيدة التي تؤثر في شكل الكوكب.

سافر عالم الفلك جان ريختر Jean Richter، في عام 1671، من باريس في فرنسا، إلى كايين في غيانا الفرنسية في أمريكا الجنوبية، وأخذ معه ساعة ذات بندول. بينما كانت الساعة مضبوطة الدقة في باريس، لاحظ أنها كانت تسير ببطء في كايين، إذ كانت تخسر بالكامل دقيقتين ونصف الدقيقة كل يوم. ظن أن الأمر ليس بهذا الجلل، ولحل تلك المشكلة قصر طول البندول لإعادة الدقة للساعة. لكنه عندما عاد إلى باريس فوجئ أن الساعة كانت تسير بسرعة كبيرة، بمعدل دقيقتين ونصف كل يوم. مع أنه قد يبدو الأمر نفسه عند القفز إلى أعلى وإلى أسفل في البرازيل أو كندا، لكن معدل السقوط ليس متماثلًا.

أدرك عالم الرياضيات كريستيان هايغنز Christiaan Huygens بعد أن تنامت إليه قصة ساعة ريختر أنها دليل عملي على أن الأرض كانت تدور. لم يكن تغير وتيرة الساعة بسبب خطأ غريب، ولكن بسبب شكل الأرض نفسها.

أظهر نيوتن -في وقت لاحق- باستخدام بيانات من ساعة ذات بندول مماثلة ومن الانتفاخ الاستوائي لكوكب المشتري، أن الأرض انتفخت عند خط الاستواء بسبب قوة الطرد المركزي لدورانها.

تؤثر الجاذبية علينا بالقرب من خط الاستواء بقدر أقل من تأثيرها بالقرب من القطبين، بموجب بعدنا عن الجزء الأكبر من كتلة الأرض، ما يفسر علة تحرك البندول بشكل مختلف.

كلما زادت قوة الطرد المركزي، زادت احتمالية رؤية هذه الانتفاخات. الكوكب القزم هاوميا Haumea، وهو كوكب بحجم بلوتو تقريبًا، يشبه إلى حد كبير شكل البيضة بسبب سرعة دورانه الكبيرة. مع أن الأرض لا تشبه البيضة تمامًا، فإنها منتفخة عند خط الاستواء أكثر من القطبين بنحو 43 كيلومترًا.

اقرأ أيضًا:

لماذا الأرض ليست كروية بالكامل؟

ما مدى قوة “قوة الجاذبية” ؟

ترجمة: عمرو أحمد

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر