يقول باحثون: «إن البحث عن الحياة على كوكب المريخ لا يجب أن يقتصر حصرًا على ما حدث في الماضي البعيد». بدا سطح كوكب المريخ مناسبًا للعيش والسكن منذ مليارات السنين، فهو يضم الأنهار والبحيرات، ولديه حتى محيط عميق.

يرى علماء الأحياء الفلكيين أن المريخ كان موطنًا أفضل من الأرض للعيش، ويعتقدون أن الحياة أتت إلى الأرض عبر الصخور المريخية التي انفجرت في الفضاء. تغيرت الأمور عندما فقد المريخ حقله المغناطيسي الكبير، فأصبحت الجزيئات المشحونة المنبعثة من الشمس قادرةً على تخطي الغلاف الجوي الوحيد والرقيق للمريخ، تحول بعدها المريخ إلى هذا الكوكب البارد والجاف الذي نعرفه اليوم.

حافظت أرضنا على حقلها المغناطيسي حتى اليوم؛ وهذا ما يفسر استمرار الحياة عليها، ومع ذلك، هذا لا يعني أن المريخ كوكب ميت اليوم! يقول ميخائيل فيني: «إذا كانت هناك حياة على المريخ منذ 4 مليارات عام، فهو ما زال يمتلكها اليوم؛ لا شيء يمكنه أن يلغي الحياة نهائيًا فوق سطح المريخ». لذا، فإن كانت هناك حياة فوق المريخ، فمن المرجح أنها انتقلت قليلًا، أو لعلها تختبئ لمدة معينة.

تُعد الطبقة تحت سطح المريخ واحدةً من أكثر الأماكن المخفية الواعدة. بغض النظر عن التدفقات المؤقتة على المنحدرات الساخنة بين الحين والآخر، لا يحتوي سطح الكوكب الأحمر على مياه سائلة هذه الأيام، فهناك على الأرجح الكثير من المواد الرطبة في طبقات المياه الجوفية المدفونة.

مثلًا، تشير ملاحظات المدار الأوروبي “مارس إكسبريس” إلى أن بحيرةً كبيرةً قد تكمن تحت القطب الجنوبي للكوكب. يعبّر ويعلن سكان الأرض عن وجودهم بطرق جَهورية واضحة، إذ يمكن ببساطة للشعوب الفضائية الغريبة أن تدرك أن الأرض كوكب مأهول بمجرد إجراء مسح بحثي لغلافنا الجوي.

الحياة على المريخ

الحياة على المريخ

لا تُلاحظ مثل هذه الدلائل الواضحة في المريخ، لكن العلماء لاحظوا وجود بعض التلميحات المثيرة للاهتمام مؤخرًا. توغلت المركبة الاستكشافية التابعة لناسا عبر عمودين من الميثان داخل “Gale Crater” الذي يبلغ عرضه 96 ميلًا، والذي يستكشفه الروبوت ذو الست عجلات منذ هبوطه عام 2012.

حددت هذه المركبة أن تركيزات الميثان الأساسية في هواء Gale تمر عبر دورات موسمية. يُنتج 90% من الميتان في الأرض من الميكروبات والمتعضّيات الأخرى، لذلك من الممكن أن يكون الغاز – الذي ذكر آنفًا والذي حددته المركبة – علامةً على الحياة الحديثة في المريخ. يُمكن أن تولد العمليات اللاحيوية غاز الميثان أيضًا؛ مثال على ذلك تفاعل الماء الساخن مع أنواع معينة من الصخور. وحتى إذا كان ميثان المريخ ناتجًا عن عمليات حيوية، فإن الكائنات التي أنتجته قد تكون ميتةً منذ مدة طويلة.

يعتقد العلماء أن أعمدة الميثان التي تم اكتشافها في المريخ قد تسربت من تحت الأرض، ولا يوجد أي معرفة بالوقت الذي بقي فيه الغاز المحبوس هناك قبل أن يطفو إلى السطح.

البحث عن الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) :

ستبحث مركبة المريخ 2020 التابعة لناسا – من المقرر إطلاقها في الصيف المقبل – عن علامات على الحياة المنتهية منذ زمن بعيد فوق كوكب المريخ، كذلك الأمر بالنسبة إلى ExoMars الروسية؛ ستنطلق المهمتان في نفس الوقت تقريبًا.

يسعى باحثون إلى توسيع نطاق البحث ليشمل حياة المريخ، أحدهم عالم الأحياء الجزيئية غاري روفكون، الموجود في مستشفى ماساتشوستس العام وكلية هارفارد الطبية، وهو واحد من ثلاثة محققين رئيسيين في مشروع البحث عن الجينوم خارج الأرض (SETG)، الذي يعمل على تطوير أداة لاكتشاف حياة الماضي، أو الحياة الحالية القائمة على الحمض النووي الريبوزي أو الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين على المريخ والعوالم الغريبة الأخرى.

يركز جزء من هذه الحالة على فكرة البذور الكونية (بانسبيرميا)، وهي فكرة أن الحياة انتشرت على نطاق واسع في جميع أنحاء النظام الشمسي وربما المجرة، إما بوسائل طبيعية أو اصطناعية.

إذا كانت الحياة قد أتت بالفعل إلى الأرض من مكان آخر، فهناك فرصة كبيرة لأن تزدهر على المريخ أيضًا. قد يكون المريخ هو مصدر هذه الحياة، أو قد يكون حصل عليها من مصدر آخر كما الأرض.

يقول العالم روفكان أنه متعصب و متمسك بشدة بفكرة البانسبيرميا، والدليل عليها هو وجود أنزيم ATP منذ بداية الحياة، ما يعني أن هذا الجزيء المعقد فعال منذ أربعة مليارات عام. إذا كانت فكرة البذور الكونية قريبةً من الواقع، فمن المحتمل أن تكون أشكال الحياة التي نجدها على المريخ – أو في أي مكان آخر من نظامنا الشمسي – مرتبطةً بنا. أي أن هذه الكائنات سوف تستخدم الحمض النووي الريبوزي أو الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين كجزيئات جينية لها. لذلك، يجب علينا أن نذهب للبحث أكثر بشأن هذه الأشياء. يقول روفكون: «من الغباء حقًا عدم البحث عن الحمض النووي على المريخ، فهي تجربة تستحق القيام بها».

ليس المريخ فقط:

لا تقتصر إمكانية ازدهار الحياة في الفضاء على كوكب المريخ فقط، فقد قرر العلماء إزاحة كوكب المريخ قليلًا والاهتمام بقمر المشتري (قمر أوروبا)، وبقمري زحل (تيتان وإنسيلادس). يحتوي كلّ من إنسيلادس وقمر أوروبا على محيطات عميقة، مياهها سائلة ملحية تقع تحت الكتل الجبلية للقمرين. ويحتوي تيتان على محيط مدفون، ولديه بحار وبحيرات هيدروكربونية على سطحه.

تطور ناسا مهمةً لتمييز المحيط، أطلقت عليها اسم يوروبا (أوروبا بالإسبانية) والتي ستنطلق في أوائل إلى منتصف عام 2020. وتتطلع الوكالة إلى إرسال مركبة فضائية إلى سطح القمر للبحث عن الحياة هناك. تُعد مهمة تيتان واحدة من المهمتين النهائيتين المرشحتين لناسا لإطلاق مشروع (حدود جديدة). يقول العلماء: «حتى كوكب الزهرة الحار جدًا قد يحتوي على حياة».

امتلك كوكب الزهرة منذ زمن مياهًا سطحية وفيرة، لكن التأثير القوي للغازات الدفيئة أزالها بعيدًا، وترك الكوكب بدرجة حرارة عالية كافية لأن تصهر الرصاص.
تقول بيني بوستن: «إن فرص الحياة في الوقت الحالي على كوكب الزهرة ضعيفة جدًا؛ بسبب نزوح الماء عن الكوكب، حتى إن احتمالية وجود حياة على غيوم الزهرة تحتاج إلى البحث والتحقيق».

اقرأ أيضًا

البحث عن حياة في البحيرة القديمة على المريخ
كيف ستؤثر الحياة على المريخ على جسم الإنسان ؟

المصدر

ترجمة سارة حسين – تدقيق عبدالرحمن عبد