من بين أكبر ستة خطوط جوية في الولايات المتحدة الأمريكية، رفعت خمسة رسوم تسجيل الحقائب منذ يناير 2024؛ إذ بلغت تكلفة تسجيل حقيبة عادية لدى الخطوط الجوية الأمريكية 30 دولارًا في عام 2023، أما الآن فمنذ حلول شهر مارس 2024 بلغت التكلفة 40 دولارًا، وهي زيادة هائلة بنسبة 33%.
قد أجرى أستاذ في كلية إدارة الأعمال دراسة للسفر، وفيما يتعلق بسبب فرض الخطوط الجوية لرسوم الأمتعة التي قد تُنفر الزبائن بدلًا من جمع التكاليف كلها في باقةٍ واحدة، فأشار إلى وجود أسباب عدة لكن أحدها مهم ومُغيّب ويكمن في قانون الولايات المتحدة للضرائب.
ثغرة قانونية
تدفع الخطوط الجوية للحكومة الفيدرالية 7.5% من تكلفة تذكرة الطيران في الرحلات الجوية المحلية إلى جانب رسوم أخرى. ولذلك تمتعض الخطوط الجوية من هذه التكاليف، إذ ادّعت رابطة التجارة أنها تزيد من سعر تذكرة الطيران العادية للمستهلك بنحو الخمس.
لكن قانون اللوائح الفيدرالية للولايات المتحدة يستثني الأمتعة -خاصة من ضريبة النقل المقدرة بنسبة 7.5%- ما دامت التكلفة منفصلة عن تكلفة نقل المسافر، وما دام مبلغها يظهر بدقة.
إذا فرضت الخطوط الجوية 300 دولارًا لنقل المسافر مع حقيبته ذهابًا وإيابًا داخل الولايات المتحدة، فهي تدين للحكومة بضريبة قيمتها 22.50 دولارًا، في حين إذا فرضت الخطوط الجوية تكلفة 220 دولارًا لنقل المسافر في رحلة جوية إضافة إلى تكلفة منفصلة بقيمة 40 دولارًا ذهابًا وإيابًا للحقيبة، عندها سيكون المجموع هو نفسه، لكن الخطوط الجوية تدين للحكومة بضريبةٍ قيمتها 16.50 دولار فقط. ولذلك يُوفر فرض رسوم منفصلة على الحقائب ستة دولارات على الشركة.
قد يبدو مبلغ ستة دولارات زهيدًا، لكن مجموعه قد يصبح مرتفعًا. ففي 2023 انطلقت أكثر من 800 مليون رحلة تابعة لكبرى الخطوط الجوية، فحتى إن سجل عدد قليل من المسافرين حقائبهم، فهذا يعني توفير مبالغ ضخمة للقطاع.
تتبعت الحكومة إيرادات رسوم الحقائب طوال عقود، إذ فرضت الخطوط الجوية في عام 2002 ما يقرب 180 مليون دولار لقاء تسجيل الحقائب، أي ما يعادل 33 سنتًا للمسافر الواحد. أما اليوم فبوسع أي مسافر أن يلاحظ أن رسوم الحقائب أعلى بكثير، إذ جمعت الخطوط الجوية من رسوم الحقائب السنة الماضية أكثر من 40 ضعف مما جمعته في عام 2002.
وبعد صدور البيانات الكاملة لعام 2023، يُرجح أن يصل مجموع رسوم الحقائب إلى سبع مليارات دولار، ما يعادل نحو تسعة دولارات للمسافر المحلي في المتوسط. تجنبت شركات الخطوط الجوية دفع ضرائب بقيمة نصف مليار دولار السنة الماضية فقط بتقسيم تكاليف الحقائب.
في العقدين التاليين لسنة 2002، دفع المسافرون رسومًا على الحقائب يبلغ مجموعها نحو 70 مليار دولار، ما يعني أن فرض رسوم منفصلة على الحقائب وفر على الخطوط الجوية ضرائب تبلغ قيمتها نحو 5 مليار دولار.
من الواضح أن التوفير الضريبي هو أحد العوامل التي أدت إلى فرض رسوم منفصلة على الأمتعة بسبب خلل في القانون.
لا تفرض حكومة الولايات المتحدة الضريبة البالغة 7.5% على الرحلات الجوية الدولية التي تتجاوز مسافتها 362 كيلومترًا خارج حدود البلاد. وعوضًا عن ذلك توجد ضرائب محددة تُدفع للإقلاع والهبوط. لذلك تفرض كبرى الخطوط الجوية بين 35 و40 دولارًا على الحقائب في حال كان السفر محليًا، ولا تفرض رسومًا على الحقائب في حال كان السفر إلى أوروبا أو آسيا.
هل يحصل المسافرون على أي شيء مقابل تلك الأموال؟
يطرح هذا النظام تساؤلًا مثيرًا للاهتمام: هل تُجبر الخطوط الجوية أن تكون أكثر حذرًا فيما يتعلق بالحقائب عند رفعها لرسوم الأمتعة، بما أن المسافرين الذين يدفعون رسومًا أكثر يتوقعون خدمة أفضل بالمقابل؟
لإجابة هذا السؤال أُجري تحقيق مع مكتب إحصائيات النقل (الذي يتتبع الأمتعة المفقودة منذ عقود) لإحصاء عدد التقارير فيما يتعلق بإساءة التصرف في الحقائب لكل 1000 مسافر، إذ أظهرت بيانات الحكومة أن إساءة التصرف في الحقائب بلغت ذروتها في عام 2007، فقد بلغ عددها سبعة بلاغات عن أمتعة متضررة أو مفقودة لكل 1000 مسافر، ما يعني أن المسافر قد يتوقع حمل أمتعته على متن رحلة غير التي يسافر على متنها مرةً كل 140 رحلة جوية. وانخفض هذا التقدير إلى كل 350 رحلة جوية بحلول عام 2018.
في عام 2019، غيرت الحكومة من طريقة تتبعها للحقائب التي تعرضت لحالات فقدان أو تلف استنادًا إلى العدد الإجمالي للحقائب التي فُحصت بدلًا عن إحصاء العدد الإجمالي للركاب، فتُظهر البيانات أن ست حقائب من أصل 1000 حقيبة مسجلة ضاعت أو تضررت، وهي نسبة أقل من 1% من الحقائب المسجلة. ولسوء الحظ لا تظهر البيانات أي تحسن منذ عام 2019 حتى الآن.
هل يمكن فعل شيء إزاء ارتفاع رسوم الحقائب؟ في الواقع إن الشكوى للسياسيين في الغالب لن تفيد، فقد حاول اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ إلغاء رسوم الحقائب في عام 2010، لكن مشروع القانون لم يلق صدى.
نظرًا لفشل المبادرة التشريعية في الكونغرس، توجد طريقة بسيطة لتجنب رسوم الحقائب الباهظة، وهي تخفيف الحمل في السفر وعدم تسجيل أية أمتعة، ومع إن السفر دون أخذ جميع المتعلقات يبدو صعبًا، فقد يكون الحل الأنسب في ظل ارتفاع رسوم الحقائب.
اقرأ أيضًا:
التغير المناخي يسبب اضطراب الرحلات الجوية
ترجمة: زياد نصر
تدقيق: ريمي سليمان
مراجعة: محمد حسان عجك