وفق دراسة جديدة، تتلقى معظم النساء اللواتي يمتلكن تأمينًا صحيًا خاصًا في الولايات المتحدة سواء في المناطق الريفية أو الحضرية علاجًا غير مناسب لالتهاب المسالك البولية (UTIs).

من أصل 670,450 امرأة شُخصت بالتهاب المسالك البولية غير المُعقد وتتراوح أعمارهن بين (18-40) سنة، يتلقّى ما يقارب نصفهن مضاداتٍ حيوية خاطئة، وما يزيد عن الثلاث أرباع قد وصفت لهن هذه العلاجات لفترة زمنية طويلة.

يعد التهاب المسالك البولية غير معقّد عندما يكون المريض سليمًا من أي اعتلال أو مرض يمكن أن يعرضه لتكرار العدوى.

كانت النتائج متوافقة إلى حد كبير من منطقة إلى أخرى، على الرغم من أن سكان المناطق الريفية أكثر عرضةً لوصف المضادات الحيوية لفترة طويلة.

لوحظ تحسن طفيف خلال وقت الدراسة من 2011 حتى 2015 في وصف المضادات الحيوية وفق المعايير الحالية.

تقول عالمة الأوبئة آن موبلي بتلر من كلية الطب بجامعة واشنطن، سانت لويس:«يشيع الوصف غير الصحيح للمضادات الحيوية لالتهاب المسالك البولية غير المعقّد، ما يؤدي إلى عواقب وخيمة على مستوى الفرد والمجتمع».

نصف النساء يتلقين علاجًا خاطئًا لالتهاب المسالك البولية - لماذا تتلقى معظم النساء علاجًا غير مناسب لمرض التهاب المسالك البولية

وأردفت قائلة: «تؤكد نتائج دراستنا الحاجة لتدخلات إشرافية لتحسين وصف المضادات الحيوية بالعيادات الخارجية، خاصة بالمناطق الريفية».

مُوّلت الدراسة جزئيًا من قبل العديد من شركات الأدوية، ومنها: سانوفي باستور، وفايزر، وميرك. وخضعت النتائج لمراجعة الأقران، فقد لوحظ اتساق كبير بينها وبين نتائج الدراسات القديمة، والتي أشارت إلى أن 60٪ من المضادات الحيوية التي توصف ضمن وحدات العناية المركزة غير ضرورية، وغير مناسبة، وحتى لا تفي بالمطلوب.

تعد هذه المشكلة مشكلةً عالمية ولا تقتصر على الولايات المتحدة فقط؛ إذ أن التهاب المسالك البولية يعد أحد أكثر الإصابات شيوعًا التي تستوجب زيارة غرف الإسعاف، ويعد ثاني أكثر سبب شيوعًا لوصف المضادات الحيوية في الولايات المتحدة.

ليس فقط أخذ مضادّ حيويّ خاطئ هو المسؤول عن نتائج سيئة على المريض، بل كذلك الوصفات طويلة المدى؛ التي لا تعطي نتائج أفضل وإنما قد تتسبب في مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية؛ ما يزيد فرصة تكرار العدوى وجعل علاج الحالات المستقبلية أكثر صعوبة.

تشير الإحصائيات اليوم إلى أن واحدة من كل ثلاث سيدات مصابات بالتهاب المسالك البولية تعاني مقاومة للمضاد الحيوي المركب المعروف باكتريم (سلفاميثوكسازول وترايميثوبريم)، وواحدة من كل خمسة سيدات تعاني مقاومة لخمس مضادات حيوية شائعة أخرى.

من الصعب تقدير عدد الوفيات المتعلقة بمقاومة مضادات التهاب المسالك البولية نسبةً لنقص البحث والمراقبة، لكن تشير بعض الدراسات في المستشفيات بالولايات المتحدة الأمريكية فقط بأنها تُقدر بحوالي 13 ألف حالة وفاة سنويًا. ويعاني البعض من تكرار العدوى ومقاومة المضادات الحيوية نتيجة فترات علاجية لعدة سنوات تنتهي بانخفاض الاستفادة العلاجية أو عدمها.

في عام 2010، قامت الجمعية الأمريكية للأمراض المعدية (IDSA) والجمعية الأوروبية لعلم الأحياء الدقيقة والأمراض المعدية بتحديث إرشادات الممارسة السريرية الخاصة بهما، فبناءً على نتائج دراسات عديدة، أوصت الجمعيتان بالعديد من المضادات الحيوية كخط أول، وبمدة علاجية محددة لتحسين علاج التهاب المسالك البولية؛ ما قلل مخاطر مقاومة المضادات الحيوية.

على الرغم من انتشار النصيحة السابقة، فهي تضل طريقها إلى بعض الأطباء والمتخصصين في الرعاية الصحية الذين ما يزالون يصفون مضادات حيوية غير موصًى بها ولفترات غير مناسبة.

يمكن أن يساعدنا تحديد المناطق التي يكثر فيها الوصف الطبي غير الملائم لهذه المضادات في استهدافها وتحسين الالتزام بإرشادات المضادات الحيوية.

يتفاوت مستوى تقديم الرعاية الصحية في المناطق الريفية في الولايات المتحدة مقارنة بالمناطق الحضرية أو المدن، وتعد هذه الدراسة الأولى من نوعها في الولايات المتحدة، نظرًا لشمولها مناطقًا ريفية لم تُشمل في دراسات سابقة.

لم يجد المؤلفون صلة الوصل بين طول فترة العلاج بالمضادات الحيوية والسكن في منطقة ريفية، لكنهم اقترحوا علاقة الأمر بالحصول على الرعاية وتوعية الطبيب؛ ففي المناطق الريفية، قد توصف للنساء المصابات بالتهاب المسالك البولية وصفات طويلة المدى لمحاولة تجنب سفرهن إلى مناطق بعيدة للحصول على العلاج، وتظهر الدراسات أيضًا أن الأطباء في أواخر حياتهم المهنية أكثر انتشارًا بالمناطق الريفية ومن المرجح أن يصفوا المضادات الحيوية لفترة أطول، ربما لأنهم لم يسمعوا عن الإرشادات المحدّثة.

تقول بتلر: «تشير الأدلّة المتراكمة إلى زيادة تحسن المرضى عند الانتقال من المضادات واسعة الطيف إلى المضادات ضيقة الطيف، ومن طويلة الأمد إلى الأقصر».

«إن تعزيز الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية يفيد المريض والمجتمع بتجنب النتائج العكسية واضطراب الميكروبيوم لدى الأفراد، وكذلك الالتهابات المقاومة للمضادات الحيوية».

تعاني 60٪ من النساء من إلتهابات المسالك البولية في فترة من حياتهن، ومن الضروري وضع إرشادات علاجية صارمة لاستخدام ووصف المضادات الحيوية خاصة مع ازدياد مقاومتها.

ضمت الدراسة مريضات التهاب المسالك البولية صاحبات التأمين التجاري الخاص، أي استبعاد صاحبات التأمين العام واللاتي لا يمتلكن تأمينًا صحيًا، كذلك الرجال الذين يعانون أيضًا من التهاب المسالك البولية -وإن كان بمعدل أقل- كما ولم تُغطِّ المناطق الريفية والضواحي والبلدات الصغيرة بشكل كاف.

خلُصت الورقة الجديدة إلى أنه في السنوات الأخيرة، أُحرز القليل من التقدم الفعال في تقليل وصف المضادات الحيوية الخاطئ لإلتهاب المسالك البولية.

نظرًا للعدد الكبير من الوصفات الخاطئة سنويًا في الولايات المتحدة، إضافةً إلى العواقب السلبية على مستوى المريض والمجتمع للتعرض غير الضروري للمضادات الحيوية، فإن تدخل الإشراف على مضادات الميكروبات يعد ضرورة لتحسين وصف المضادات الحيوية لمرضى المسالك البولية في العيادات الخارجية، لا سيما في المناطق الريفية.

اقرأ أيضًا:

يحذر العلماء من مقاومة الصادات التي تنتشر عبر الهواء

ما هي الميكروبيوتا البشرية؟

ترجمة: ميس ابراهيم الابراهيم

تدقيق: منى سعيد

المصدر