بعد عمل مضنٍ، وجد العلماء دليلًا على شبه جسيم تخيله العلماء لأول مرة في فرضية منذ 50 عامًا تقريبًا وهو الأوديرون.

الأوديرون مزيج من الجسيمات دون الذرية وليس جسيمًا أساسيًا جديدًا، لكنه يتصرف مثل الأخير في بعض النواحي، والطريقة التي يتلاءم بها ضمن اللبنات الأساسية للمادة تجعل الاكتشاف شديد الأهمية لعلماء الفيزياء.

كُشف أخيرًا عن الأوديرون من خلال تحليل مفصّل لمجموعتين من البيانات، إذ وصل إلى مستوى (5 سيجما) من الاحتمال وهو المقياس الذي يستخدمه الباحثون حدًا أدنى.

يقول الفيزيائي كريستيان بالدينيغرو من جامعة كانساس: «هذا يعني أنه إذا لم يكن الأوديرون موجودًا، فإن احتمال أن نرصد تأثيرًا كهذا في البيانات من طريق الصدفة سيكون 1 من 3.5 مليون».

تتكون الجسيمات كالبروتونات والنيوترونات من جسيمات دون ذرية أصغر وهي الكواركات (الملتصقة) ببعضها مع الغلوونات وهي الجسيمات الحاملة للقوة. يمنحنا اصطدام البروتونات معًا في معجل الجسيمات فرصة لإلقاء نظرة خاطفة على محتوياتها المليئة بالغلوونات.

عندما يصطدم بروتونان ببعضهما ويبقيان معًا بعد الاصطدام، نفسر هذا التفاعل -نوع من التشتت المرن- من طريق تبادل البروتونات إما عددًا زوجيًا أو فرديًا من الغلوونات.

إذا كان ذلك الرقم زوجيًا، فهو ناتج عن تأثير شبه الجسيم بوميرون. الخيار الآخر الذي يبدو أنه يحدث في قليل من الأحيان، هو شبه الجسيم الأوديرون، وهو شبه جسيم مركب يحتوي على عدد فردي من الغلوونات.

حتى الآن، لم يتمكن العلماء من رصد الأوديرونات في التجارب، على الرغم من إشارة فيزياء الكم النظرية إلى وجودها.

حسب الباحثون، الأرقام الموجودة في مجموعة كبيرة من البيانات من مصادم الجسيمات الكبير في سيرن في سويسرا ومسرع الجسيمات تيفاترون في فيرميلاب في الولايات المتحدة.

دُرست الملايين من البيانات لمقارنة اصطدامات (بروتون – بروتون) و(بروتون – بروتون مضاد)، حتى اقتنع العلماء بأنهم رؤوا نتائج -مركب غلووني من عدد فردي- الذي لن يكون ممكنًا إلا إذا كان الأوديرون موجودًا.

بعد 50 سنة من افتراض وجوده، عثر الفيزيائيون على شبه الجسيم المراوغ - وجد العلماء دليلًا على شبه جسيم تخيله العلماء لأول مرة منذ 50 عام تقريبا - الأوديرون

كشفت المقارنة بين نوعي الاصطدامات عن اختلاف واضح في الطاقة التي تتبادل، وهذا الاختلاف هو دليل على وجود الأوديرون، ثم جمع الفريق قياسات أكثر دقة من تجربة سابقة في عام 2018 التي استبعدت بعض أوجه عدم اليقين، ما سمح لهم لأول مرة بالوصول إلى مستوًى عالٍ من اليقين للرصد.

يساعد هذا الاكتشاف أيضًا على سد بعض الفجوات ضمن الفكرة الحديثة للكروموديناميكا الكمومية، وهي فرضية تصف كيفية تفاعل الكواركات والغلوونات عند أصغر مستوّ ى، نتحدث عن حالة المادة عند أصغر المقاييس، وكيفية تركيب كل شيء في الكون معًا.

يقول الباحثون إن التقنية المتخصصة التي طورت للمساعدة على تعقب الأوديرون قد تكون لها عدة استخدامات أخرى في المستقبل، في الأدوات الطبية مثلًا.

في حين أن هذا البحث لا يجيب عن كل سؤال حول الأوديرون وكيفية نشاطه، فإنه أفضل دليل حتى الآن على وجود الأوديرون. ستتمكن تجارب مسرعات الجسيمات في المستقبل من تقوية التأكيد، ولا شك في أنها ستثير بعض التساؤلات الأخرى.

قال بالدينيغرو: «البحث عن آثار الأوديرونات يشكل مهمةً مختلفةً تمامًا مقارنةً بما يحصل تقليديًا في فيزياء الجسيمات».

«على سبيل المثال، في أثناء البحث عن بوزون هيغز أو الكوارك العلوي، يبحث المرء عن (نتوء) ضمن التوزيع الكتلي الثابت السلس، وهو أمر يمثل تحديًا كبيرًا بالفعل. أما الأوديرون، من ناحية أخرى، فله آثار خفية أكثر ما جعل البحث عن الأوديرونات أكثر صعوبة».

اقرأ أيضًا:

أول رصد لأشباه جسيمات بولارون سريعة الزوال

تصوير جسيم غامض من جسيمات ماجورانا يعمل كجسيم مضاد لنفسه

المترجم: رولان جعفر

تدقيق: حسام التهامي

مراجعة: عون حدّاد

المصدر