يتكون نظام الهاتف من مجموعة من الوحدات الصغيرة التي تعمل معًا لإجراء اتصال هاتفي، وفي حال عدم قدرة إحدى هذه الوحدات على تحمل بيانات صوتية ذات جودة عالية، ستتأثّر جودة الاتصال بذلك.

اختُرِعَ الهاتف سنة 1876، وحينها لم يتوقع أحد أنّه بالإمكان التحدث إلى شخص آخر يبعُدُ آلاف الأميال باستخدام جهاز بحجم راحة الكف.

احتاجت الهواتف في تلك الفترة إلى الأسلاك لتعمل، لكن بنفس التكنولوجيا.

استخدام الشبكات السلكية لإنشاء المكالمات الهاتفيّة بين مسافات بعيدة أصبحت تقنيّة قديمة، تخيل شبكة هاتف تمتد أسلاكها لربط المدن والدّول معًا.

بعيدًا عن مشكلات الشبكات السلكية، تطوّرت تكنولوجيا الاتصالات في السنوات القليلة الماضية تطورًا مدهشًا، بينما نجد أنّ جودة المكالمات الهاتفية العادية لم تتحسن بالصورة المُتَوّقعة، ونقصد بالمكالمات العادية تلك التي تُجرَى عبر طلب رقم شخصٍ ما، وليست التي تتم عبر تطبيقات مثل مسنجر أو واتساب أو سكايب.

ستتذكر هذا النوع من المكالمات إذا وُلدتَ في التسعينيات أو قبل ذلك.

لقد أُحرز تقدم مذهل في الاتصالات السلكية واللاسلكية؛ إذ يمكننا الآن التحدث وجهًا لوجه مع شخص ما على الجانب الآخر من العالم، وطلب شحنة من نيويورك إلى مومباي، والوصول إلى جميع المعلومات التي قد جُمعت في تاريخ البشرية.

لكن لماذا مع كل هذا التطور في مجال الاتصالات، ما تزال جودة الصوت في المكالمات الهاتفية كما هي؟

جودة الصوت في مكالمات الهواتف الأرضية

بقيت جودة الصوت في مكالمات الهواتف الأرضية على حالها لسنين طويلة، وأحد أكبر الأسباب وراء ذلك هو عدم وجود بنية تحتية متقدمة لدعم المكالمات ذات الجودة العالية؛ إذ صُممت البنية التحتية الأساسية للخطوط الأرضية لدعم جودة الصوت الجيدة، إذ لم تكن تُعد حينها جودةً منخفضةً؛ لأنه وببساطة لم يكن هناك شيء أفضل منها!

تعتمد الأنظمة الحديثة على الاتصالات اللاسلكية في أغلب الأحيان؛ لذا لم تعد الخطوط الأرضية شائعة الاستخدام.

ومع أنّ جودة الصوت للخطوط الأرضية قد تحسنت إلى حد ما، إلا أنه لا تمكن مقارنتها بالمكالمات التي تتم عبر الإنترنت VoIP.

جودة الصوت في مكالمات الهواتف المحمولة

عند إجراء مكالمة هاتفية عبر الهاتف المحمول، يُحول صوتك إلى معلومات رقمية تُنقل عبر مسافات طويلة إلى الهاتف المحمول المتلقي، الذي بدوره يعكس العملية لتحويل المعلومات الرقمية إلى صوت مرة أخرى.

يُستخدم معيار مشترك بين الجهاز المُرسل والمتلقي لضمان تحويل الصوت تحويلًا صحيحًا ويسمى G711.

تُنقل هذه المعلومات الرقمية عبر دارات رئيسية وهي خط اتصالات مصمم لنقل العديد من الإشارات معًا؛ لتوفير الوصول إلى الشبكة لعدة مستخدمين.

بُنيت تلك الدارات في العديد من البلدان على بنية تحتية قديمة نسبيًا، تسمح بنقل الإشارات الصوتية التي تقع في المجال 300-3400 هرتز.

يمكن للبشر سماع الأصوات في مجال 20-20,000 هرتز؛ لذلك عند إجراء مكالمة هاتفية عادية نتجاهل العديد من الترددات عند مرورها بالدارات الرئيسية التي لم تُصمّم لدعمها.

أهميّة الدارات الرئيسية في الاتصالات الهاتفية

لفهم هذه المشكلة فهمًا أفضل، تخيل أن تقوم برحلة على الطريق من النقطة A إلى النقطة B، ستقود في البداية على طريق سريع يحوي ستة مسارات وبسرعة 100 ميل بالساعة وستكون القيادة سهلة وسريعة، وبعد ساعة ستنتقل إلى طريق فرعي وستسير عليه لمدة ساعة أُخرى هنا ستكون السرعة أقل نظرًا إلى أن الطريق أصبح ذا مسار واحد إضافة إلى الازدحام لتصل أخيرًا إلى طريق سريع آخر للوصول إلى النقطة B، هذا بالضبط ما يحدث عند إجراء مكالمة عبر الهاتف المحمول.

بصرف النظر عن مدى تطور تقنيات الاتصال على الهواتف الذكية، يجب أن تمر المكالمة عبر أنظمة معينة غير متقدمة بما يكفي لدعم مكالمات ذات جودة صوتية ممتازة.

تعد المكالمات الصوتية التي تتم عبر الإنترنت أفضل بكثير، ومن الجيد أن العديد من أنظمة الاتصالات الحديثة قد دمجت الصوت عبر بروتوكول الإنترنت (VOIP)، ما يعني أن الاتصال الصوتي والاتصالات (إرسال واستقبال النصوص والوسائط المتعددة وما إلى ذلك) يحدث على الإنترنت.

لا تستخدم تطبيقات مثل سكايب ومسنجر الدارات الرئيسية التقليدية التي ناقشناها آنفًا، إذ يستخدم سكايب الترميز الحريري وهو ترميز متقدم يعمل على ضغط الصوت وترميزه، ويمكنه دعم عينات صوتية ذات مجالات عالية تصل إلى 24000 هرتز ما يوفر جودة صوتية أكثر وضوحًا.

استخدام نظام اتصالات مختلف ومتطور تمامًا في VoIP هو السبب الرئيسي في أن جودة الصوت عند الاتصال عبر تطبيقات مثل واتساب ومسنجر عادةً ما تكون أفضل بكثير من إجراء مكالمات هاتفية عادية.

اقرأ أيضًا:

كيف يعمل الهاتف الأرضي (الهاتف الثابت)

هل يمكن لإشعاعات الهاتف المحمول أن تُسبّب السرطان عند البشر؟

ترجمة: يامن زيود

تدقيق: تسبيح علي

المصدر