حذرت دراسة حديثة من تزايد الأقمار الصناعية والمخلفات الفضائية في الفضاء ، ما يؤثر في إمكانية رؤيتنا للكون ومن ثم يؤثر في الدراسات الفلكية.

وضح الباحثون أن وجود أكثر من 9300 طن من القطع تدور حول الأرض تضم أقمارًا صناعية مُعطلة إلى جانب حطام ناتج عن صواريخ مُستهلكة، يزيد من سطوع السماء ليلًا بنسبة أكثر من 10% فوق مساحات كبيرة من الكوكب.

وصرح الباحثون لجريدة (الملاحظات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية) أن هذه الزيادة تعني أن مساحات واسعة من الكوكب ملوثة ضوئيًا، ما يُصعب مهمة علماء الفلك في الحصول على بيانات دقيقة ويمنعهم من الوصول إلى اكتشافات جديدة.

صرح ميروسلاف كوجيفاج مُنشئ الدراسة والباحث في الأكاديمية السلوفاكية للعلوم، أن توقعاتهم الأولية كانت مختلفة عن النتائج التي حصلوا عليها، قائلًا: «توقعنا أن تزايد سطوع السماء سيكون غير مهمٍ، إلا أن تقديراتنا النظرية الأولية أثبتت عكس توقعاتنا وفاجأتنا بشكل كبير، ما حثنا على الإبلاغ عن هذه النتائج بسرعة».

حسَبَ الباحثون التغير في السطوع من خلال تطوير نموذج يأخذ في الحسبان الحجم الوسطي والسطوع لكل قطعة من الحطام.

يوضح الباحثون أن المخلفات الفضائية والأقمار الصناعية تُدمر الصور الفلكية بسبب بعثرتها لضوء الشمس المنعكس، ما يؤدي إلى ظهور أضواء ساطعة لا يمكن تمييزها عن الأجسام الفيزيائية الفلكية المهمة، مما يُصعب التقاط صور واضحة.

وجد الباحثون أن هذا التأثير يكون أوضح عند مراقبة النجوم باستخدام تقنيات منخفضة الدقة، كالنظر إلى السماء بالعين المُجردة ويؤدي إلى سطوع ينتشر في جميع أنحاء سماء الليل. قد تتضرر صور التلسكوبات ذات الدقة والحساسية العالية أيضًا بسبب التلوث الضوئي، هذه التلسكوبات لديها القدرة على إصلاح هذه الأضرار وتجنبها، لكن هذا التلوث يؤثر سلبًا على المناظر الفلكية، مثل تجمعات النجوم المُتوهجة الموجودة على طول قرص مجرة درب التبانة ويراها مراقبو النجوم من أي مكان في العالم.

صرح المساعد في الدراسة ومدير السياسة العامة لمنظمة السماء المظلمة الدولية جون بارنتين: «هذا النوع من الضوء الصناعي في سماء الليل تمكن رؤيته عبر مساحات شاسعة من سطح كوكب الأرض، بعكس التلوث الضوئي الناتج عن الأضواء الأرضية. يتعمد علماء الفلك بناء مراصدهم بعيدًا عن أضواء المدن لرؤية السماء المظلمة، إلا أن هذا التلوث الضوئي في الفضاء يُغطي مساحات جغرافية أوسع».

يحذر العلماء من تزايد التلوث الضوئي خاصة مع بناء الأبراج الفضائية الضخمة (مجموعات كبيرة من الأقمار الصناعية التجارية تهدف إلى تأمين شبكة إنترنت عالمية). يتم العمل على هذا المشروع الذي يضم أكثر من 12 شركة عالمية منها أمازون، ون ويب وسبيس إكس.

لدى شركة سبيس إكس ما يقارب 1200 قمرًا صناعيًا في الفضاء، وتهدف إلى زيادة هذا العدد إلى 42000 قمرًا في السنين القادمة، أي تقريبًا 14 مرة عدد الأقمار الصناعية الموجودة حاليًا في الفضاء.

ازدياد عدد الأقمار الصناعية والقطع في الفضاء حول الأرض يؤدي إلى ازدياد احتمالية حدوث تصادماتٍ فيما بينها، ما يزيد كمية الحطام الذي يؤثر في الدراسات الفلكية.

اقترحت منظمة الفضاء الأوروبية في كانون الأول عام 2019 حلًا يتضمن إرسال 4 رجال آليين في سنة 2025 ليتخلصوا من الحطام في الفضاء. تأمُل المنظمة أن هذه ستكون الخطوة الأولى لإنشاء أسطول من هذه الروبوتات المُنظِّفة. في الوقت الحالي، وضع مدير المنظمة الجنرال يوهان ديتريش وورنر قوانين جديدة تنص على أن شركات الفضاء والوكالات التي تطلق الأقمار الصناعية مسؤولة عن تنظيف مخلفاتها الفضائية.

وفي محاولة أخرى لإيجاد حل، اقترح فريق من العلماء الأستراليين إمكانية تفجير هذا الحطام بالليزر.

يأمل الباحثون أن دراستهم سترفع مستوى الوعي حول التأثيرات الخطيرة لسماء مليئة بالتلوث الضوئي.

اختتم بارنتين حديثه قائلًا: «بينت دراستنا الخطر الذي يشكله التلوث الضوئي على الفلكيين والبشر عامةً على حد سواء، فقد يأتي يوم لن تتمكن فيه البشرية من الاستمتاع بالنجوم والسماء ليلًا، إلا أن هذه الدراسة قد تغير هذا المستقبل».

اقرأ أيضًا:

التلوث الضوئي يتزايد أكثر من أي وقت مضى

التلوث الضوئي يحجب درب التبانة عن ثلث سكان العالم

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: سماح عبد اللطيف

المصدر