يُعد الأزواج فاقدين الخصوبة (مصابين بالعقم) بعد عام تقريبًا من محاولات الحمل عبر ممارسة الجنس غير الآمن، ويمكن أن يكون فقدان الخصوبة تجربةً صعبةً ومخيفةً، إلى جانب أن الإفصاح عن خبر حدوث الحمل يُنشر في كل مكان، فقد تشعر بالقلق حيال صحتك العامة ولن تدرك ما عليك فعله لاحقًا، لكنك لست وحدك.

يعاني 12-13٪؜ من الأزواج تقريبًا من الإصابة بالعقم، وتُعزى 50% من هذه الحالات إلى ما يُسمى العقم المرتبط بعوامل ذكورية، ويعد فقد النطاف سببًا محتملًا، ويُلاحظ فيه غياب كامل النطاف في السائل المنوي، في حين يكون فقد النطاف نادر الحدوث إذ يعاني منه 1% من الرجال، ويعد المنشأ الرئيسي لحالات العقم بنسبة 10 – 15%.

فقد النطاف:

تُصنع النطاف في الخصيتين وتنتقل عبر المسالك التناسلية ممتزجةً بسوائل الأقنية المنوية، ويشكل كل من النطاف والسوائل معًا السائل المنوي، وهو المقذوف الكثيف الذي يخرج من القضيب.

عند الإصابة بفقد النطاف فمن المحتمل أنك ستقذف سائلًا لكنه خال من النطاف، ويُعرف فقد النطاف بعدم وجود الحيوانات المنوية في السائل المنوي.

توجد أربعة أنواع من فقد النطاف:

  •  فقد النطاف قبل الخصوي (غير معيق): ويحدث بسبب ضعف إنتاج الهرمونات المسؤولة عن تشكيل النطاف.
  •  فقد النطاف الخصوي (غير معيق): ينتج عن شذوذات في وظيفة أو بنية الخصيتين.
  •  فقد النطاف بعد الخصوي (معيق): ينتج عن مشكلات في القذف بسبب عائق في المسالك التناسلية.
  •  فقد النطاف مجهول السبب.

ما الذي يسبب فقد النطاف بمختلف أنواعه؟

لكل نوع من فقد النطاف مجموعة من الأسباب المحتملة أو الحالات المتعلقة به، ويُحتمل إجماليًا أن الاضطرابات الجينية التي تؤثر في الصبغي Y تسبب 10-15% من حالات فقد النطاف أو قلة عددها.

 فقد النطاف قبل الخصوي:

نمط غير معيق قد تسببه اضطرابات جينية معينة، مثل متلازمة كالمان التي تؤثر في قدرة الجسم على إنتاج الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية: GnRH، فيتأثر في المقابل إنتاج النطاف.

ويُحتمل أن الإصابات الدماغية -خصوصًا في منطقة الوطاء أو الغدة النخامية- تسبب أيضًا هذا النوع من فقد النطاف، ويساهم في حدوثه أيضًا تناول أدوية محددة أو إجراء العلاج بالأشعة لدى مرضى السرطان.

 فقد النطاف الخصوي:

نمط غير معيق يُحتمل أنه ينتج عما يلي:

  •  انعدام الخصيتين.
  •  اختفاء الخصيتين.
  •  الخصيتين غير المنتجتين للنطاف (متلازمة خلايا سيرتولي فقط).
  •  الخصيتين غير المنتجتين للنطاف الناضجة.

يوجد احتمال آخر هو متلازمة كلاينفلتر التي تظهر عند المولودين بالصيغة الصبغية XXY بدلًا من XY.

هناك أسباب أخرى من ضمنها ما يلي:

الإصابة بالنكاف في سن البلوغ والسكري والأورام والتعرض للأشعة والخضوع مسبقًا لعمليات جراحية وردود الفعل التحسسية تجاه أدوية معينة وتوسع الأوردة الخصوية.

 فقد النطاف بعد الخصوي:

يظهر هذا النمط المعيق في 40% من حالات فقد النطاف، يُحتمل أن العائق ينجم عن انقطاع الاتصال في مكان ما في البربخ أو الأسهرين، وهما الأقنية المنوية التي تنقل النطاف وتخزنها.

وقد يحدث العائق أيضًا بسبب العيوب الخلقية مثل غياب الأسهر الخلقي، وهي حالة جينية تسبب فقد الأقنية التي تنقل النطاف من الخصيتين، وهي حالة مرتبطة بتنقل الجينات المسؤولة عن التليف الكيسي.

تتضمن المسببات الأخرى لفقد النطاف الخصوي الإصابة السابقة أو الحالية بإنتان أو خراج أو أذية أو قطع القناة المنوية.

ما أعراض فقد النطاف؟

يُحتمل أنك لن تشعر بأعراض فقد النطاف أو تدرك أنك مصاب به حتى تفشل جهودك في حدوث الحمل أو الإلقاح، قد تكون الأعراض الأخرى التي تنتابك متعلقة أكثر بأسباب كامنة مثل الاضطرابات الهرمونية أو الحالات الصبغية الجينية.

من ناحية أخرى، تتضمن الأعراض المحتملة ما يلي:

  •  انخفاض الرغبة الجنسية.
  •  ضعف الانتصاب.
  •  وجود انتفاخات أو كتل أو شعور بعدم الراحة حول الخصيتين.
  •  نقص الشعر على الوجه أو الجسم.

كيفية تشخيص الإصابة بفقد النطاف:

يعد تحليل السائل المنوي الطريقة الأساسية، سيطلب منك الطبيب أن تقذف وترسل العينة لتحليلها في المختبر، وإذا لوحظ خلو السائل المنوي من النطاف الحية، فمن المحتمل أنك مصاب بفقد النطاف.

إضافةً إلى الفحص السريري، سوف يهتم طبيبك بتاريخك المرضي وقد يسألك ما يلي:

  •  تاريخ الخصوبة (إذا أنجبت مسبقًا).
  •  التاريخ العائلي (كوجود التليف الكيسي أو مشكلات الخصوبة).
  •  الأمراض التي أُصبت بها في طفولتك.
  •  العمليات أو الجراحات التي كنت أجريتها في منطقة الحوض أو المسالك التناسلية.
  •  إذا كان لك تاريخ من الإصابات الإنتانية مثل إنتانات السبيل البولي أو الإنتانات المنتقلة جنسيًا.
  •  التعرض السابق أو الحالي للأشعة أو العلاج الكيماوي.
  •  الاستخدام السابق أو الحالي لأدوية معينة.
  •  إساءة استخدام الأدوية أو الكحول.
  •  إصابة مسبقة بأمراض تسبب الحمى.
  •  التعرض المسبق للحرارة العالية.

تتضمن أدوات التشخيص الأخرى ما يلي:

  •  الاختبارات الدموية لقياس مستويات الهرمونات أو الحالات الجينية.
  •  الأمواج فوق الصوتية لتصوير كيس الصفن والأجزاء الأخرى من المسالك التناسلية.
  •  التصوير الدماغي لتفقد وجود اضطرابات في الوطاء أو الغدة النخامية.
  •  إجراء الخزعة للتحقق بدقة من إنتاج النطاف.

العلاج الطبي لفقد النطاف:

يحتمل أن فقد النطاف المعيق يمكن علاجه إما بإعادة وصل الأقنية التي تمنع تدفق النطاف، أو بإعادة بنائها، ما يعني التدخل الجراحي أو عمليات أخرى. وإذا كان السبب المتخفي هو انخفاض مستوى الهرمونات؛ يمكن أن يفيد استخدام الأدوية الهرمونية.

قد يستجيب فقد النطاف غير المعيق للعلاج الطبي ويمكن ألا يستجيب، لكن لدينا بعض الأخبار السّارة وهي أنك قد تحتفظ بقدرتك على الإنجاب من طريق الإخصاب الاصطناعي (التلقيح المخبري) أو حقن النطاف داخل الخلايا، لكن كيف؟

بإمكان طبيبك أن يستخرج النطاف من الخصية عبر إبرة دقيقة، وقد يحدث هذا البزل عند إجراء الخزعة أيضًا، من المحتمل أن تنجح هذه العملية حتى بحالة قلة النطاف في خصيتيك. فإذا اخترت هذا الحل، سيكون مهمًا أن تتلقى استشارة جينية لفهم السبب الرئيسي وكيفية تأثيره المحتمل في الأولاد البيولوجيين.

هل توجد تدابير طبيعية مفيدة؟

قد تنجح الطرق المنزلية التي تدبر إنتاج النطاف في حالات فقد النطاف ويحتمل ألا تنجح، في حين قد تستجيب حالة قلة النطاف جيدًا إلى أعشاب محددة وأنظمة غذائية جديدة، قد لا يستجيب فقد النطاف بصورة مماثلة (وقد لا يستجيب مطلقًا) إذا كان من منشأ جيني أو حالة عقم. لكن ذلك لا يعني أن الممارسات الطبيعية التالية لن تكون مفيدة:

أن تعتني بنفسك فتتناول غذاءً متوازنًا وتحظى بكثير من الراحة وتشرب ما يكفي من السوائل، وأن تحد من توترك. إلى جانب العناية بصحتك العامة، تذكر أن تتواصل مع طبيبك من قرب لتحدد إذا كان هناك أي تدابير طبيعية مفيدة.

تدابير عليك تجربتها:

  •  تناول نظام غذائي كامل من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية لتعزيز إنتاج النطاف.
  •  تمرن بانتظام فذلك قد يفيد في رفع مستويات هرمون التستوستيرون.
  •  مارس اليوغا أو التأمل لتخفف من قلقك، فالكورتيزول (هرمون التوتر) يؤثر في إنتاج النطاف.
  •  اسأل طبيبك عن الأعشاب أو المكملات الغذائية التي يمكنها تعزيز خصوبتك، مثل نبات الحسك الأرضي والبذور السوداء ومساعد الإنزيم Q10 وحمض الفوليك والكستناء الهندي والجنسنغ والكارنيتين والزنك.

الوقاية من فقد النطاف:

توجد بعض أساليب الحماية من أجل إنتاج النطاف في حالات فقد النطاف الناجمة عن الإصابة بأذية أو تناول أدوية محددة.

حاول ما يلي:

  •  تجنب الأنشطة التي قد تؤذي الخصيتين أو المسالك التناسلية مثل الرياضات التي تتضمن احتكاكًا عنيفًا.
  •  الحد من التعرض للإشعاع.
  •  ناقش مع طبيبك فوائد الأدوية ومخاطرها التي قد تؤثر في إنتاج النطاف.
  •  تجنب الأنشطة التي قد تعرض خصيتيك للحرارة العالية مثل حمامات الساونا والبخار.

الخلاصة:

قد يكون مرعبًا أن تُشخص إصابتك بفقد النطاف أو أن تتلقى كلمات (انعدام وجود الحيوانات المنوية)، لكن اطمئن، فذلك لا يعني بالضرورة فقدان قدرتك على إنجاب أولاد بيولوجيين.

من المهم بدايةً أن تفهم سبب المشكلة، وبعد طرح السبب ومناقشته، قد يقدم طبيبك خيارات علاجية مختلفة لعلاجها، من ناحية أخرى، قد تساعدك إجراءات مثل التلقيح المخبري في نجاح عملية الحمل.

اقرأ أيضًا:

ابتكار تقنية جديدة لتصنيع النطاف مخبريًا

ماذا يعني انخفاض مستوى التيستوستيرون ومتى عليك الذهاب للطبيب؟

ترجمة: حيدر بوبو

تدقيق: لبنى حمزة

المصدر