تعد وفرة النقد أمرًا محببًا لدى الشركات عمومًا، بل إنها قد تتفاخر بذلك. تساهم عوامل عديدة في تحديد مستوى الشركة النقدي. من البديهي أن يبحث المستثمرون عن شركات ذات سيولة نقدية ضخمة في الميزانية العمومية. وتسعى الشركات إلى زيادة السيولة النقدية عبر تمويل الديون، شريطة سير الأمور على ما يرام، لكنها عملية محفوفة بمخاطر يدركها المستثمرون. وعندما لا تسير الأمور كما خُطِّط لها، قد تفضي العملية إلى حدوث مشكلات عديدة. وبما يخص النقد، فإن لحيازة الشركة مبالغَ ضخمةً منه في خزائنها جوانبَ إيجابية وأخرى سلبية.

إيجابيات وفرة النقد:

غالبًا ما تعد وفرة السيولة النقدية أمرًا إيجابيًا في الميزانية العمومية، إذ يوصف الأمر وفق المعايير المالية على أنه عقلاني.

عند المبتدئين، يدل احتياط النقد المتنامي باستمرار على أداء الشركة القوي، لكن تراكم النقد بتلك السرعة يؤدي إلى عدم امتلاك الإدارة الوقت الكافي للاستفادة المثلى منه.

قد لا تضطر جميع الشركات الرائدة في قطاعات البرمجة والخدمات والترفيه ووسائل الإعلام إلى الإنفاق بنفس مستوى الشركات التي تتطلب رأس مال ضخم، ما يؤدي إلى زيادة أموالها وتراكمها.

على النقيض من ذلك، يجب على الشركات التي تنفق مبالغ ضخمة من رأس مالها الاستثمار في المعدات والمخزون الذي ينفد باستمرار، مثل شركات إنتاج الحديد الصلب، وتواجه هذه الشركات صعوبات أكبر في زيادة احتياطها النقدي. علاوةً على ذلك، ينبغي على المستثمرين إدراك حقيقة أن الشركات العاملة في الصناعات التي تتطلب إنفاقًا مستمرًا من رأس المال تلجأ إلى الاحتفاظ بجزء من احتياطها النقدي للتغلب على حالات الركود عند الإنفاق. ولذلك تضطر الشركات السابقة إلى تخزين السيولة النقدية الكافية التي تفوق حاجتها على المدى القريب.

سلبيات وفرة النقد:

يمكن أن تشير مستويات النقد العالية في الميزانية العمومية إلى وجود خطر وشيك. إضافةً إلى أن وفرة السيولة النقدية بصفة دائمة تستدعي تساؤل المستثمرين حول عدم الاستفادة من هذه السيولة. وقد تدل وفرة السيولة النقدية على تفويت الإدارة فرص الاستثمار، أو قلة خبرتها ومعرفتها بكيفية استغلال هذا النقد بالشكل الأمثل.

قد يكون لتخزين النقد ضريبة باهظة الثمن نتيجةً لتضييع الفرص إذا قارنا بين الفوائد المكتسبة من تخزين النقد في البنوك، والسعر المدفوع للحصول على النقد، بالنظر إلى تكلفة رأس مال الشركة.

في حال بلغت نسبة عائدات الشركة من الاستثمار في الأسهم 20% في مشروع جديد أو توسيع المشاريع الأساسية، عندئذٍ يعد الاحتفاظ بالنقد في البنوك خطأً مكلفًا. بينما إذا كانت العائدات أقل من التكاليف، فيجب حينها إلغاء المشروع وإعادة الأموال إلى المساهمين.

تتعرض الشركة الغنية بالسيولة النقدية في أغلب الأحيان لخطر الإهمال، ما يؤدي إلى وقوع الشركة فريسةً للعادات السلبية، بما في ذلك الإنفاق بطريقة غير مضبوطة وعدم الاكتراث للتكاليف المتزايدة باستمرار. الجدير بالذكر أن وفرة النقد أيضًا تخفف من الضغوط على الإدارة ما يحسّن من أدائها.

كيف تخفي الشركات فائضها النقدي؟

لا تنخدع بالنظرة السائدة التي تعتبر أن النقد الوفير يمنح المديرين مزيدًا من المرونة والسرعة في اتخاذ قرارات الاستحواذ المناسبة.

تهدف الشركات الغنية بالسيولة النقدية عمومًا إلى تحقيق حلم ما يسمى «بناء الامبراطوريات»، لكن هنا يجب الأخذ بالحسبان مراعاة بنود الميزانية العمومية، مثل البنود المتعلقة بالاحتياط الاستراتيجي وإعادة هيكلة الاحتياطي، إذ قد تُدقق وتُفحص تلك البنود باعتبارها مرجعًا في عملية تخزين النقد.

هناك الكثير مما يمكننا قوله حول الشركات التي تهدف إلى تجميع الأموال المستثمرة في أسواق رؤوس الأموال، إذ تضفي تلك الأسواق مزيدًا من الانضباط والشفافية على قرارات الاستثمار، ما يقلل من تكاليف التدقيق. وتسمح تلك الأموال المُجمّعة بتجنب تعرض الشركات للمساءلة والتدقيق، لكن غالبًا ما يكون ذلك على حساب عائدات المستثمر.

الخلاصة:

يجب على المستثمرين الراغبين بتجنّب المخاطرة النظر إلى مستويات النقد، عبر فهم أفكار النظرية المالية للوصول إلى مستوى نقدي مناسب.

عند الأخذ بالحسبان سيولة الشركة النقدية المستقبلية ودورات الأعمال وخطط إنفاق رأس المال والمدفوعات الطارئة، حينها يستطيع المستثمرون حساب كمية النقد الذي تحتاجه الشركة فعليًا.

اقرأ أيضًا:

لماذا تسعى الشركات للاندماج؟

كيف يتصرف المستثمرون؟

ترجمة: ذوالفقار مقديد

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر