البرق ظاهرة طبيعية ساحرة بالطريقة التي تضيء بها سماء الليل بصواعق من الكهرباء. لكن أي شخص جرب الرعب والصدمة الناتجين عن صاعقة قريبة يعرف أنه شيء أخطر من عرض ضوئي. ولأنه يجب احترام البرق، سيتحدث هذا المقال عن الأمان ضد الصواعق، وكيف يمكنك أن تحمي نفسك عندما تسود الغيوم.

ما البرق؟

ينتج البرق عندما تتراكم شحنات كهربائية ساكنة موجبة وسالبة في الغلاف الجوي، وعندما تعادل هاتان الشحنتان المتعاكستان بعضهما يحدث تفريغ سريع لكهرباء قوية -نحو 300 مليون فولت- مسببًا انفجارًا مرئيًا، هو البرق.

قد يحدث هذا التفريغ بين الغيوم، لكن عندما تتصل الغيوم بالأرض يصبح البرق خطرًا على من عليها، فقد يُصعق أي أحد أو أي شيء.

كيف يصعق البرق؟

يعم الظن بأن البرق شرارة كهربائية تسقط من الغيوم إلى الأرض، لكن الظاهرة أعقد من ذلك، وفقًا لخدمة الطقس الوطنية توجد خمس طرق يصعق البرق بها الناس.

أول طريقة هي الصعق المباشر، أي وصول الكهرباء مباشرةً للشخص -في حقل مفتوح عادةً- عندما يكون أطول شيء في المنطقة، لكنها ليست الطريقة الأكثر شيوعًا للصعق، بعكس الظن العام.

الطريقة الثانية هي تيارات الأرض، التي تسبب أكبر عدد من الوفيات والإصابات المتعلقة بالصواعق سنويًا، ويحدث هذا عندما يضرب البرق جسمًا ما وتتدفق الكهرباء من الأرض إلى جسدك عبر إحدى قدميك لتخرج من الأخرى، وليس من الضروري أن تكون الصاعقة قريبة، فقد ينتشر التيار إلى نحو 90 مترًا.

الطريقة الثالثة هي التيار الجانبي، عندما يقف شخص بجوار شجرة أو جسم آخر طويل، وعندما يضرب البرق هذا الجسم قد يتفرع من الصاعقة الأساسية قسم من الكهرباء ينتقل من ذلك الجسم إلى الإنسان.

الطريقة الرابعة هي الصواعق المنقولة، وتحدث عبر مواد ناقلة للكهرباء، فإذا كنت تلامس شيئًا مثل سور معدني عندما يضربه البرق، ستمتص الصدمة، وقد يصيبك هذا النوع من الصواعق وإن كنت داخل المنزل، إذا كنت تستحم أو تستخدم الهاتف الثابت أو تلامس أي شيء آخر متصل بالخارج بأنابيب أو أسلاك.

البرق الشريطي هو الطريقة الأقل شيوعًا، ويمكن تخيلها بأنها أذرع الصاعقة المقطوعة، فعندما يحدث تفريغ الكهرباء، قد يظهر البرق الشريطي بمكان قريب، وإذا كنت جسرًا ناقلًا بين أحد هذه الشرائط والأرض، فقد تُصعق.

الضرر الذي يخلفه البرق

عندما تُصعق، تنتشر الكهرباء من الصاعقة على سطح جلدك، وقد تسبب حروقًا، ما يُسمى ومضة كهربية. ثم يجري التيار عبر القلب والأوعية الدموية والجهاز العصبي، مسببًا معظم الضرر.

ولأن البرق ساخن جدًا -أسخن من سطح الشمس بخمس مرات- فضرر الحروق ممكن أيضًا، لكنه قد لا يظهر حتى يبدأ تلف العضلات أو أذيتها، وقد ينسد نظام الدوران، وقد تتأذى الكلية، وقد تنتج نوبات صرع وانكماش العضلات.

يتعلق الضرر بشدة الصاعقة، وقد تشعر بعدم انتظام ضربات القلب واضطرابات في الرؤية ومشكلات في الذاكرة وانفجار غشاء الطبل. قد يُصاب القلب والرئتان بشلل بسبب الشحنة الكهربية الشديدة وتغير الضغط الناتجين عن الصاعقة، ما يسبب سكتة قلبية وتنفسية.

ما يميز الصواعق أن شلل هذه الأعضاء المصابة يزول بعد بضعة دقائق -مثل إعادة تشغيل الحاسوب- إن لم تكن الصاعقة قد قتلتك.

تقتل الصواعق 20 شخصًا سنويًا تقريبًا، وتؤذي المئات، في 2020 تُوفي 17 شخصًا من مختلف الأعمار، كانوا جميعهم تقريبًا في الهواء الطلق عندما صُعقوا، وكان الكثير منهم تحت شجرة أو جسم عال. ومع إن احتمالات أن تُصعق أو تُقتل منخفضة، فمن الحكمة أن تفعل كل ما باستطاعتك لتفادي الصعق.

كيف تتفادى الصواعق؟

قبل أن تخرج من منزلك يجب أن تعرف توقعات الطقس المحلية أو الوطنية، كي تخطط لما ستفعله حال كان الطقس سيئًا.

القاعدة الأولى أن تحتمي عندما تسمع الرعد، فهو إشارة واضحة لوجود برق قريب، ولا تظن أنك بمأمن إذا كانت الغيوم الداكنة ما تزال بعيدة، فقد يصعق البرق من بُعد 33 كيلو مترًا عن العاصفة. وبخلاف الظواهر الطبيعية الأخرى كالأعاصير، لا يوجد تحذير قبل أن تُصعق بل تحدث الصاعقة فجأة. يكمن الخطر فعلًا في عدم التأكد، فلا يمكن توقع الوقت الذي يصعق فيه البرق، ولا طريقة لمعرفة أين سيحدث.

لذلك يجب أن تختبئ، ادخل المبنى أو السيارة فورًا، لأنه لا يوجد مكان آمن في الخلاء في أثناء عاصفة رعدية، وابتعد عن الأسطح المائية كالبرك فهي نواقل ممتازة.

إذا كنت في رحلة تخييم ابحث عن أي مأوى قد تجده، وإن كان تحت جسر أو في كهف أو تحت جرف، ببساطة لا تكن أطول شيء موجود في المنطقة.

عليك أيضًا خلع أي حقائب ظهر مع عدة معدنية، فقد تحولك إلى جاذب صواعق بشري. ومهما فعلت، لا تحتم تحت شجرة، إذ تزداد فرص صعقك جدًا لأنك تربط نفسك بأعلى شيء موجود في المنطقة.

إذا كنت مع آخرين فابتعدوا عن بعضكم قدر الإمكان، وذلك حسب نصيحة رولاند سوسا بوصفه عضو إنقاذ جبلي متطوع تدرب كثيرًا على مواجهة حالات الصواعق وشهد آثار إحداها في رحلة استكشافية وهو مراهق.

وإذا لم توجد خيارات مأوى قريبة فخذ وضعية البرق، أي انزل على ركبتيك واجعل يديك فوق أذنيك مع قدميك ملتصقتين، سيسمح هذا بأن يمر التيار الكهربائي بسهولة أكثر خلال جسدك إذا صعقت.

إذا وجدت مأوى داخل منزل فتجنب الهاتف الثابت والحمام، وإذا كنت تستخدم الحاسوب المحمول فافصله عن الكهرباء، ومن الأفضل أن تبتعد عن أي جهاز متصل بكهرباء خارجية أو أنابيب.

عليك الانتظار 30 دقيقة بعد مرور العاصفة قبل الخروج أو ترك المأوى، إذ يبقى خطر الصعق قائمًا حتى بعد ابتعاد العاصفة.

الخرافات

مثلًا، لن تُصعق إذا لمست شخص قد صُعق للتو، فجسم الإنسان لا يخزن الكهرباء.

وبخلاف القول الشهير، قد يُصعق نفس المكان مرتين، لذا من الحكمة أن تهرب إلى مكان آمن إذا نزلت صاعقة في مكان قريب.

أخيرًا، لا حاجة إلى الهرب إلى الزاوية الجنوبية الشرقية للمنزل أو فتح النوافذ، تلك نصيحة غير علمية عن الأعاصير. تأتي معظم الخرافات من فهم غير علمي، مثل التجربة الشخصية لأحد ما.

ماذا يجب أن تفعل إذا صُعق شخص بالقرب منك؟

أولًا اتصل بالطوارئ، وابدأ الإنعاش فورًا إذا فقد الوعي أو لم يعد يتنفس، يسمح هذا للقلب والرئتين والدماغ بالحصول على الأكسجين، للمساعدة على معاودة العمل بعد السكتة الرئوية أو القلبية.

وحتى لو كان الشخص الذي صعق واعيًا أو قادرًا على المشي فمن المهم الذهاب للمشفى حالًا، فقد توجد إصابات أو أعراض غير ظاهرة. من الأخبار الجيدة أن معظم ضحايا الصعق يتعافون بالكامل إذا عُولجوا بسرعة.

اقرأ أيضًا:

ما هي الصواعق البركانية وكيف تنشأ؟

هل للبرق أثر منظف للغلاف الجوي؟

ترجمة: يمان عجاج

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر