وفقًا لصحيفة Biophysicist، فإن فريقًا من الباحثين الألمان صنعوا مجهر باستعمال قطع الليغو Lego وبعض القطع التي استخرجت من هاتف محمول. وجد الباحثون أن الأطفال الذين شاركوا في المشروع (بصناعة مجهرهم الخاص في المنزل وإجراء عدد من التجارب) تمكنوا من فهم ميكانيكية عمله على نحو أفضل.

يعد المشروع جزءًا من حملة لترويج استعمال أجهزة وقطع رخيصة السعر لبناء المعدات العلمية.

ومن جهة أخرى، فإن هذا المشروع هادف وذو تأثير في القطاع التعليمي، خاصةً في الدول النامية.

علق الباحث المساهم في الدراسة والباحث في جامعة غوتينغين، تيمو بيتز، قائلًا: «إن المنهج والتفكير العلميين هما أساس الكثير من المهارات، ويساعدان على اتخاذ القرارات الصحيحة والحاسمة، إضافةً إلى تأثير إيجابي في المستوى الإبداعي. بالرغم من هذه الأهمية المطلقة للتفكير العلمي، فإننا ما زلنا نرى الكثير من الشخصيات بعيدةً عنه، خاصةً رجال السياسة. لذا، فإننا نحاول إيجاد طريق لتحفيز هذا التفكير بداخل الجميع، ومساعدتهم على فهم النظريات العلمية الأساسية والتوسع فيها فيما بعد».

إن أسهل آلة يدوية الصنع هي «الفولدسكوب» وهو مجهر مصنوع من الورق وعدسة.

يباع الفولدسكوب عادةً على شكل عدة أدوات للتركيب. تتضمن الأدوات عددًا من المغانط لكي يتمكن الشخص من ربط الهاتف بالمجهر وتصوير العينات التي يجري فحصها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفولدسكوب ذو عدسة تسمح له برؤية عدد من البكتيريا وله القدرة على تحمل الصدمات والمياه.

أثبتت قطع الليغو فاعليتها في بناء مشاريع يدوية ذات سعر رخيص، إذ صنع عدد من الطلاب في عام 2014 مجهر القوة الذرية AFM باستعمال قطع الليغو بدل عددٍ من المكونات.

تختلف ميكانيكية عمل مجهر القوة الذرية عن ميكانيكية المجهر التقليدي. فالتقليدي يستخدم العين للنظر من خلال العدسة ومراقبة العينة، أما مجهر القوة الذرية يتشابه مع عمل المشغل الموسيقي الكلاسيكي الفونوغراف.

ترتبط إبرة صغيرة الحجم بجزء داعم له يعرف باسم الكابول cantilever.

تتحرك الإبرة على سطح العينة وتتلقى المعلومات منها عبر فرادة أشعة الليزر المنعكسة من الكابول.

لم يحتج التلاميذ سوى إلى شراء مستشعر ضوئي ذي أربعة أقسام وعدد من المحركات الإجهادية piezo actuators. أما باقي القطع، فجرت محاكاتها باستخدام قطع الليغو، وعدد من أجهزة الأردوينو، وبعض الأقسام التي بنيت باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد.

إشارةً إلى أن هذا المجهر لم يكلف التلاميذ سوى 400 دولار أمريكي، ما يعد إنجازًا مقارنةً بذلك الذي يستخدم في الدراسات وتصل كلفته إلى 100,000 دولار أمريكي.

وفي العام الذي يليه، بنى باحثون في المعهد الوطني للمعايير والتقنية ميزان كيبل باستعمال قطع الليغو وبعض القطع الإلكترونية ذات التكلفة الرخيصة. يُستعمل ميزان كيبل لقياس وزن عينة ما بدقة عالية بقياس التيار والجهد الكهربائي اللذين يسببان هذا الوزن.

بالرغم من أهمية المجهر وعمله في المنزل والمختبر خلال فترات الأوبئة العالمية، وجد بيتز بمساعدة فريقه أن ميكانيكية هذه الآلة ليست ذات وضوح تام لكثير من التلامذة والآباء. ويعود ذلك لارتفاع سعره ما لا يسمح بوجوده بين أيدي الجميع.

وعلى خطى عدد من الباحثين السابقين الذين بنوا المجهر من قطع الليغو، قرر بيتز وفريقه الانطلاق في ذات المشروع، والتحسين من مستواه.

تمكن الفريق من بناء المجهر باستعمال قطع الليغو، وعدسة ذات تكبير عال، وأخرى ذات تكبير منخفض. ولخفض سعر التكلفة، استعمل الفريق عدسة هاتف آيفون 5 للتكبير العالي لكونها ذات سعر منخفض (5 دولارات)، ودقة عالية نسبيًا، إذ أوصلوها بقطعة ليغو من جهة. ومن الجهة أخرى، استعمل الفريق عدسة زجاجية للتكبير المنخفض، وأوصلوها بذات قطعة الليغو.

وللإضاءة، استعمل الفريق قطعة ليغو ذات مصدر ضوئي LED. بالإضافة إلى ذلك، استخدموا سطحًا مكونًا من قطع الليغو ليكون المنصة (المساحة التي توضع عليها العينة).

واجه الباحثون عددًا من التحديات خلال المشروع، أصعبها كان بناء ضابط العدسة objective holder من قطع الليغو، لذا، اضطر بيتز إلى إستخدام رف عتاد (gear rack) بالإضافة إلى ترس دودي، يساعد الأشخاص على تعديل الدقة.

وعلق الباحثون مؤكدين أن ضابط العدسة يعد أصغر جزء في المجهر، ويتطلب دقة عالية في البناء.

بالإضافة إلى المجهر، صمم بيتز وفريقه عددًا من التجارب المخصصة للمجهر المصنوع من قطع الليغو.

وتتضمن هذه التجارب مراقبة تفاعل كلوريد الصوديوم مع القشرة الأولية للبصل الأحمر، إذ يتسبب التفاعل بتقلص القشرة وفقدانها الماء. وتضمنت تجربة أخرى أيضًا مراقبة تكون كريستال الملح.

جرب الباحثون المجهر بمساعدة عدد من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 9 و 13 عامًا. بنى كل طفل مجهرًا وأجرى التجارب باستخدامه للتعرف على ميكانيكية الآلة على نحو أفضل.

راقب الباحثون عمل الأطفال خلال التجربة، وبعدها، طلبوا منهم الإجابة عن عدد من الأسئلة، وبعد تحليل النتائج، أثبت الباحثون ارتفاع مستوى فهم ميكانيكية المجهر عند الأطفال المشاركين في التجربة.

صرح بيتز عن آماله باستخدام المجهر المصنوع من قطع الليغو في المنازل والمدارس، ما سيحفز الأطفال ويدفعهم أكثر نحو العلم.

وختم قائلًا: «إن هذه التجربة كانت إثباتًا على إمكانية الربط بين حياتنا اليومية والأبحاث العلمية، ما سيجعل الأبحاث أكثر مرحًا ووضوحًا».

اقرأ أيضًا:

تطوير ميكروسكوب لتعقب سريان الطاقة الضوئية في خلايا البناء الضوئي

مجهر كمومي جديد يكشف عن عوالم رؤيتها مستحيلة بأدواتنا الحالية

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: عون حدّاد

المصدر