تؤدي اللقاحات الحية الموَهَّنة عادةً إلى استجابة مناعية متينة وقوية ومديدة مقارنة باللقاحات المعطلة، وهي لقاحات فعالة جدًا في الوقاية من مختلف الأمراض مثل الإنفلونزا وجدري الماء والحصبة وشلل الأطفال والسل.

تختلف اللقاحات الحية الموَهَّنة عن اللقاحات التقليدية المعطلة التي يكون العامل الممرض فيها مقتولًا، فكما يبدو من الاسم يبقى العامل الممرض –فيروس عادةً- فعالًا في اللقاحات الحية، لكونه مُعدّلًا أو موَهَّنًا بطريقة تجعله يحفز استجابة مناعية لا تؤدي إلى عدوى.

تُنتَج اللقاحات الحية الموَهَّنة من الجينات العكسية متضمنة RNAi، إذ تُستخدم أدوات الجينات العكسية لخلق لقاحات حية موَهَّنة، فتمتزج جينات الفيروسات الحالية بفيروسات موَهَّنة تغيرت سابقًا منحدرة من السلالة الجينية نفسها، لذا لا تقدر على النسخ مثل الفيروسات الحية غير الموَهَّنة، ما يعني أنها غير قادرة على إحداث عدوى كافية عند المريض، لكنها تكفي لتطوير مناعة متينة وواسعة.

تتضمن الآلية المناعية للفيروسات الحية الموَهَّنة استجابة مناعية واسعة ضد العامل الممرض، تشارك بها الخلايا التائية اللمفاويةCD4+) ، (CD8+ والأجسام المضادة المصنعة من قبل الخلايا البائية، فينتج عادةً عن اللقاحات الحية الموَهَّنة حماية طويلة الأمد لا تحتاج إلى جرعات إضافية عند البلوغ.

تتضمن إيجابيات اللقاحات الحية الموَهَّنة -زيادةً عن اللقاحات الأخرى كاللقاح المعطل- تشكيل أجسام مضادة قوية ومتينة واستجابة مناعية خلوية ومناعة طويلة الأمد مع بدء تأثير سريع نسبيًا.

بينما تتضمن السلبيات اعتبارات التصنيع والصيانة والنقل بسبب استخدام عوامل ممرضة حية، تؤدي هذه العوامل الحية إلى مشكلات لدى الأفراد الذين يعانون نقص المناعة.

أمثلة عن اللقاحات الحية الموَهَّنة الشائعة:

  • لقاح الانفلونزا الحي الموَهَّن.
  • اللقاح الثلاثي (MMR): الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
  • لقاح شلل الأطفال (قُضي عليه تقريبًا بسبب التطعيم الجماعي).
  • فيروس الجدري (قُضي عليه رسميًا بسبب التطعيم الجماعي).
  • جدري الماء.
  • الحمى الصفراء.
  • التهاب الدماغ الياباني.
  • الهربس العصبي.
  • الفيروس العجلي.

غالبية هذه اللقاحات تستهدف الفيروسات، لكن بعضها فعال في الوقاية من أنواع محددة من عدوى البكتيريا (لقاحات الكوليرا والسل ولقاح التيفوئيد الفموي).

نناقش في هذا المقال اثنين من أكثر اللقاحات شيوعًا، لقاحات الإنفلونزا والحصبة الألمانية.

لقاحات الانفلونزا الحية الموَهَّنة (LAIV):

تسبب الانفلونزا جائحة عالمية موسمية، إذ تتوفر مختلف أنواع اللقاحات للقضاء عليها، مثل اللقاح المعطل والحي الموَهَّن. يؤمن (LAIV) حماية تصل إلى 90% عند البالغين ذوي الأعمار أقل من 65 سنة وتصل إلى 40% عند البالغين ذوي الأعمار أكبر من 65 سنة -يُفضَل إعطاء اللقاحات المعطلة للمرضى الكبار في السن- وتعطى هذه اللقاحات عادةً من طريق الأنف مقلدة بذلك طريق العدوى الطبيعي لفيروسات الإنفلونزا.

يحتوي فيروس الانفلونزا أ على 8 قطع RNA، إذ تتألف هذه اللقاحات من مزيج ست قطع موَهَّنة وقطعتين طبيعيتين -مُهندسة ضمن البلازميد- فينشأ لقاح مطور بنسبة 6:2.

تنتج هذه اللقاحات عادةً في بيوض أجنة الدجاج القديمة باستعمال متغير فيروسي معتمد من قبل منظمة الصحة العالمية وفيروسات المتبرع الرئيسي، وتستغرق العملية مدة 10-11 يومًا. تعبر فيروسات 6:2 المعاد تطويرها في أثناء حضور الأجسام المضادة المعادلة وتفاعلها ضد فيروسات المتبرع الرئيسي بدرجة حرارة منخفضة، فتصبح الفيروسات 6:2 حساسة للحرارة ومتكيفة مع البرودة، ما يعني توقف نسخها في الطرق التنفسية السفلية الدافئة أي طرق العدوى بالإنفلونزا، وتصبح بدلًا من ذلك تُنسخ بالطرق التنفسية العلوية الأكثر برودة فتؤمن استجابة مناعية بلا إحداث إصابة.

اللقاح الثلاثي MMR (النكاف والحصبة والحصبة الألمانية):

يؤمن اللقاح الثلاثي حماية عالية وفعالية بنسبة تزيد عن 90% ضد النكاف والحصبة والحصبة الألمانية، وعادةً يعطى بنظام جرعتين عند الأطفال الصغار لتصبح حالات الإصابة والوفاة بالنكاف والحصبة والحصبة الألمانية منخفضة جدًا رغم زيادة هذه الحالات عند الأشخاص غير المطعمين.

يحتوي لقاح MMRعادةً على فيروس الحصبة الألمانية الموَهَّن المزروع في سلالات خلايا بشرية بينما فيروسات الحصبة والنكاف تُزرع في خلايا جنين الدجاج، وليس في بيوض أجنة الدجاج.

يتضمن اللقاح الثلاثي MMR فيروس فارسيلا الموَهَّن ويوجد في لقاح MMRV فيروس جدري الماء الموَهَّن. بالرغم من الأمان الكبير لهذه اللقاحات فإن لها بعض الآثار الجانبية إذ للقاح MMRV النسبة الأكبر من الأثار الجانبية مقارنة بلقاح MMR.

زعم الطبيب السابق أندرو واكفيلد أن اللقاح الثلاثي يسبب التوحد، وكان هذا أكثر الادعاءات زيفًا وتكرارًا فيما يتعلق باللقاح الثلاثي ما أدى إلى زيادة معارضة اللقاح، وراجت نظريات المؤامرة مسببة زيادة في حالات النكاف والحصبة والحصبة الألمانية عند الأشخاص غير المطعمين الذين صدقوا المزاعم.

طبعًا، لا يوجد دليل علمي يدعم ادعاءات واكفيلد ونقضت جميع دراسات العلماء القانونية مزاعمه، وهذا يسلط الضوء على الضرر الذي قد تسببه المعلومات الخاطئة التي لا أساس لها، فاللقاح آمن وفعال إلى حد كبير وحافظ على حياة الملايين في جميع أنحاء العالم.

مناقشة اللقاحات الحية الموَهَّنة:

رغم أن هذه اللقاحات تؤدي إلى مناعة قوية ومتينة وطويلة الأمد ضد الفيروسات وبعض البكتيريا لدى معظم الأشخاص الأصحاء، ففي حالات معينة يكون اللقاح غير ملائم. إذ لا يجب إعطاء هذه اللقاحات خصوصًا للأشخاص الذين يعانون ضعفًا في جهاز المناعة بسبب العلاج الكيميائي أو العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسبة أو لديهم اضطرابات أولية لنقص المناعة.

مقارنة باللقاحات المعطلة، تحتاج اللقاحات الحية الموَهَّنة إلى حرص في أثناء التحضير والتخزين والنقل والإعطاء، فعادةً تحتاج هذه اللقاحات إلى البقاء في درجة حرارة منخفضة دائمًا ما يخلق تحديات لبعض مناطق العالم النائية أو المناطق الخالية من تلك التسهيلات.

باختصار، اللقاحات الحية الموَهَّنة آمنة وفعالة للغاية في الوقاية من مختلف الأمراض الفيروسية كالإنفلونزا والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية وجدري الماء، بالإضافة إلى بعض الأمراض البكتيرية كالسل والكوليرا، إذ يبقى العامل الممرض حيًا، لكنه مُضعَّف إلى حد يسبب استجابة مناعية لا تؤدي إلى عدوى. عمومًا، هذه اللقاحات تسبب استجابة مناعية متينة وأوسع من اللقاحات المعطلة (مقتولة العامل الممرض).

اقرأ أيضًا:

كيف تعمل اللقاحات؟

وجد العلماء طريقة تساعد على حفظ اللقاحات دون تبريد لعدة أشهر

ترجمة: جوليا كاملة

تدقيق: حسين جرود

مراجعة: نغم رابي

المصدر