المحرك البخاري هو آلة تستعمل الحرارة لخلق البخار الذي بدوره يؤدي عمليات ميكانيكية تُعرف بالعمل. وهناك كثير من الاختراعات والابتكارات التي تتعلق باستخدام البخار لتوليد الطاقة، لكن أهم تطوير مبكر للمحركات البخارية قام به ثلاثة علماء ابتكروا ثلاثة تصميمات أساسية.

توماس سيفري والمضخة البخارية الأولى

أول محرك بخاري أدى عملًا هو الذي حاز براءة اختراعه الإنكليزي توماس سيفري عام 1698 م، وقد استُعمل لضخ الماء خارج المناجم.

فكرة مضخة سيفري الأساسية تتضمن أسطوانة تُملأ بالماء (في المنجم مثلًا) قبل أن يُزاح هذا الماء بالبخار فيجري خارجًا عبر صمام أحادي الاتجاه (مغادرًا المنجم)، وبعد أن يُطرد الماء تُرش الأسطوانة بماء بارد؛ لتخفيض درجة حرارتها وتكثيف البخار الذي بداخلها، الأمر الذي يخلق فراغًا في الأسطوانة يجبر الماء الإضافي (في المنجم) على ملئها مجددًا، وبتكرار العملية يُفرَّغ المكان (المنجم) من الماء.

توماس نيوكمان ومضخة المكبس

توماس نيوكمان إنكليزي آخر، ابتكر تصميمًا جديدًا عام 1712 لتطوير مضخة سيفري، وقد احتوى محرك نيوكمان على مكبس (كباس) داخل الأسطوانة.

تضمن تصميم نيوكمان -إضافة إلى المكبس- عارضة تدور حول محورها، كان لها نهايتان: يتصل أحد طرفي المكبس بإحداهما، بينما تتصل بالأخرى آلية الضخ، إذ يُسحب الماء إلى الأعلى عندما تكون نهاية العارضة المتصلة بآلية الضخ تميل إلى الاتجاه العلوي.

يُدخل البخار إلى الأسطوانة المحتوية على المكبس لدفع المضخة، وفي الوقت نفسه يسحب العارضة إلى الأسفل ثقل مقابل من نهايتها المتصلة بالمضخة، الأمر الذي يجعل المكبس يرتفع إلى أعلى الأسطوانة المحتوية على البخار، وحينما تمتلئ الأسطوانة بالبخار يُرش فيها ماء بارد يكثف البخار سريعًا، فيخلق فراغًا داخل الأسطوانة يسبب نزول المكبس الذي يحرك بدوره نهاية العارضة المتصلة به إلى أسفل، ونهاية العارضة المتصلة بالمضخة إلى أعلى. تتكرر هذه الدورة آليًا ما دام البخار يدخل إلى الأسطوانة.

فصل تصميم نيوكمان -المحتوي على المكبس- بين الماء المضخوخ خارجًا من جهة، وبين الأسطوانة المستعملة لخلق طاقة الضخ من جهة أخرى، ما حسّن كثيرًا من كفاءة تصميم سيفري الأصلي للمحرك البخاري، لكن امتلاك سيفري براءة اختراع عامة عن مضخته البخارية أجبر نيوكمان على التعاون معه لحيازة براءة اختراع عن مضخته البخارية ذات المكبس.

تحسينات جيمس واط

في النصف الثاني من القرن 18م، طور الأسكتلندي جيمس واط المحرك البخاري تطويرًا عظيمًا بإدخاله عليه تحسينات مهمة كثيرة، جاعلًا منه آلة حيوية ساعدت على بدء الثورة الصناعية.

كانت أول ابتكارات واط الرئيسة المتعلقة بالمحرك البخاري هي صنع مكثِّف منفصل، حتى لا يضطر البخار إلى التكثف في نفس الأسطوانة المحتوية على المكبس، ما يحافظ على حرارتها فيزيد من كفاءة الوقود في المحرك إلى حد كبير.

صنع واط أيضًا محركًا بخاريًا يستطيع تدوير عارضة (عمودًا) بدلًا من حركة ضخ المحرك العمودية التقليدية، إضافة إلى ابتكاره حدافة (دولابًا، بكرة) تسمح بنقل الطاقة بسلاسة بين المحرك وموقع العمل.

بفضل هذه الابتكارات وغيرها، أصبح المحرك البخاري ملائمًا ليكون جزءًا من كثير من العمليات الصناعية، وقد صنع واط وشريكه في العمل ماثيو بولتون مئات المحركات لتُستعمل في الصناعة.

التطور اللاحق للمحرك البخاري

شهدت بدايات القرن الـ 19 ابتكارات رئيسة تتعلق بالمحرك البخاري ذي الضغط العالي، وهو أكثر كفاءة بكثير من تصاميم واط وغيره من الرواد للمحرك البخاري ذي الضغط المنخفض.

أدى هذا إلى تطوير محركات بخارية أصغر حجمًا وأكثر قوة يمكن استخدامها في تسيير القطارات والمراكب والقيام بعمليات صناعية أكثر تنوعًا مما سبق، كتشغيل المناشير في الطواحين. ومن المخترعين المهمين الذين تعلق عملهم بهذا النوع من المحركات البخارية اثنان؛ أحدهما أمريكي هو أوليفر إيفانز، والآخر إنكليزي هو ريتشارد تريفيثيك.

بمرور الوقت، استُبدلت المحركات البخارية بمحركات الاحتراق الداخلي في معظم أنواع وسائل النقل والصناعات، لكن لا يزال استعمال المولدات البخارية مهمًا في مجال الطاقة الكهربائية حتى اليوم.

اقرأ أيضًا:

تسعة عشر اختراعًا غيرت مجرى التاريخ

من منظور الفيزياء .. ما هي الطاقة ؟

ترجمة: الحسين الطاهر

تدقيق: إيناس خير الدين

مراجعة: نغم رابي

المصدر