الكربوهيدرات واحدة من العناصر الغذائية الرئيسة الثلاثة الموجودة طبيعيًا في الأغذية النباتية، مثل البازلاء والفاصولياء والجوز والبذور والحبوب ومنتجات الألبان والفاكهة والخضروات. والعنصران الغذائيان الآخران، هما الدهون الغذائية والبروتينات.

فالكربوهيدرات مواد غذائية أساسية للجسم ليؤدي مهامه بصورة طبيعية، وفقًا لما صرحت به عدة منظمات صحية عالمية، منها منظمة الصحة العالمية (WHO)، ودورها الأساسي هو مد جميع خلايا الجسم بالطاقة. في حالة عدم تناول الكربوهيدرات، يلجأ الجسم إلي مصدر طاقة بديل يدعى الكيتونات.

كلمة «كربوهيدرات» هي مصطلح شامل يصف أنواع عديدة من الجزيئات الموجودة في الطعام، التي تحتوي على السكريات.

أنواع الكربوهيدرات:

عمومًا، توجد ثلاثة أنواع من الكربوهيدرات: السكر، والنشويات، والألياف الغذائية. ومن الممكن تصنيفها أيضًا على أنها كربوهيدرات بسيطة أو معقدة، وفقًا لعدد جزيئات السكر ونوعها مثل الجلوكوز، التي يحتوي عليها كل تركيب.

الكربوهيدرات البسيطة:

يطلق عليها أيضًا السكريات البسيطة أو السكريات أو السكاريد، وهي تحوي ما بين جزيئة سكر واحدة وعشر جزيئات، وتوجد في الفاكهة والخضروات ومنتجات الألبان. الكربوهيدرات التي تحتوي جزيئة أو جزيئتي سكر تدعى السكريات الأحادية والثنائية على التوالي، أما تلك التي تحتوي حتى عشر جزيئات فتدعى السكريات قليلة التعدد.

اللاكتوز (السكر الرئيسي في حليب الحيوانات) هو سكر ثنائي يتألف من الجلوكوز والجالاكتوز أحاديي السكر. أما السكريات قليلة التعدد فهي كربوهيدرات متوسطة الطول قبل التحلل الحيوي موجودة في الأطعمة الغنية بالألياف والحليب البشري.

الكربوهيدرات المعقدة:

تتكون الكربوهيدرات المعقدة من السكريات المتعددة، وهي سلاسل أطول وأعقد من جزيئات السكر، وتشمل الكربوهيدرات المعقدة كلًا من النشويات والألياف الغذائية.

  •  النشويات هي مخزن الكربوهيدرات، وتوجد في البازلاء والفاصوليا والحبوب والخضروات، وهي تمد الجسم بالطاقة.
  •  الألياف الغذائية (أو نخالة القمح) هي الجزء غير القابل للهضم من النباتات، التي تدعم صحة الأمعاء، وتوجد في الحبوب الكاملة والفاكهة والخضراوات والجوز والبذور والبقوليات مثل البازلاء والفاصولياء.

هل هنالك كربوهيدرات «صحية» وأخرى «غير صحية»؟
حصلت الكربوهيدرات على سمعة سيئة بسبب ارتباط استهلاكها بكميات ضخمة بزيادة الوزن، والسمنة، ومتلازمة الأيض، والسكري.

تلك الظاهرة التي يسميها بعض الباحثين «سمّية الكاربوهيدرات» تعزز فكرة أن الاستهلاك المفرط لجميع أنواع الكاربوهيدرات يرجّح الإصابة بأمراض مزمنة.

ولهذا السبب، راجت الحميات الغذائية قليلة الكاربوهيدرات بين الأشخاص المهتمين بخسارة الوزن أو إدارة مستويات السكر في الدم، ويفضلها أيضًا الرياضيون الموسميون.

ولكن العديد من الدراسات الأخرى أظهرت أن جودة الكاربوهيدرات التي يستهلكها الأشخاص مهمة كأهمية الكمية.

تلك النتائج تشير إلى أن بعض الخيارات أفضل من غيرها للصحة، وأن الكربوهيدرات ليست كلها سواسية.

الكاربوهيدرات «غير الصحية»:

الكاربوهيدرات التي قد تُعد غير صحية نتيجة لكونها ذات قيمة غذائية أقل، تشمل:

  •  الكاربوهيدرات المكررة، مثل الأرز الأبيض والطحين.
  •  المشروبات المحلاة بالسكر، مثل الصودا والعصائر.
  •  الوجبات الخفيفة المُجهّزة، بما فيها الكعك والمخبوزات.

وفقًا للبحوث الحالية، فإن الحمية التي تستهلك كمية أكبر من هذه الأنواع من الكاربوهيدرات وكمية أقل من الخيارات الأخرى الأكثر تغذية من شأنها أن تزيد علامات الالتهاب وتديم خلل الهرمونات عند الأشخاص المصابين بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS).

إن الاستهلاك المفرط للسكر البسيط المضاف مرتبط أيضًا بتزايد خطر مقاومة الإنسولين، ومرض الكبد الدهني غير المتصل بالكحول، ومرض القلب، والسكتة الدماغية، والسكري، والسرطان.

إلا أن الدراسات تميز بين السكر المضاف والسكر البسيط الموجود بصفة طبيعية في الأطعمة كونه قد لا ينطوي على ذات الآثار السلبية؛ فتشير دراسة أُقيمت عام 2018 إلى أن المصادر الطبيعية للسكر، مثل العسل، قد تكون فعالة في خفض مستويات السكر في الدم وتقليص احتمالية الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.

تستمر البحوث الجديدة في تسليط الضوء على الآثار الضارة بالصحة لتلك المسماة بالأطعمة الكاربوهيدرية غير الصحية.

يوصي الخبراء بتناول نظام غذائي متوازن يتكون أساسًا من أطعمة مغذية، ويتضمن هذه الأنواع من الكربوهيدرات باعتدال.

الكاربوهيدرات «الصحية»:

تشمل المصادر الأكثر كثافة غذائية من الكاربوهيدرات، التي عادة ما يراها الناس صحية، ما يلي:

  •  الفاكهة، مثل الموز، والتفاح، والتوت.
  •  الخضراوات غير النشوية، مثل السبانخ، والجزر، والطماطم.
  •  الحبوب الكاملة، مثل طحين الحبوب الكامل، والأرز البني، والكينوا.
  •  البقوليات، مثل البازلاء، والفاصوليا، والفاصوليا السوداء، والعدس، والحمص.
  •  منتجات الألبان، مثل الحليب قليل الدسم، والزبادي.

وقد ربطت الأبحاث الحميات الغذائية القائمة على تلك الكاربوهيدرات المعقدة -مثل حمية البحر الأبيض المتوسط- بمنافع مضادة للالتهاب، ومقاومة أقل للإنسولين، ونسبة إصابة أقل بالأمراض المزمنة.

يرى الباحثون أن كثيرًا من تلك الفوائد تعود إلى الألياف الغذائية الموجودة في الكربوهيدرات المعقدة. مثلًا، تحسِّن الألياف الغذائية الموجودة في الفاكهة الكاملة إدارة الوزن على المدى البعيد وتدعم حركات الأمعاء المنتظمة والشيخوخة الصحية.

علاوة على ذلك، قد يؤدي تعزيز جودة الحمية الغذائية -بإضافة المزيد من الكربوهيدرات المعقدة والألياف الغذائية- إلى تحسينات في بعض آثار متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)، مثل مقاومة الإنسولين والأندروجينات المرتفعة.

وقد وجدت مراجعة في عام 2020 أن الألياف الغذائية في أطعمة الحبوب الكاملة تضفي العديد من الفوائد الصحية، منها احتمالية إصابة أقل بمرض القلب واضطرابات الأمعاء والسرطان والسكري.

تحديد أي الكربوهيدرات «صحية أكثر»:

المؤشر الجلايسيمي والحمل الجلايسيمي هما المعياران اللذان يستخدمهما الناس لتحديد جودة أغذية الكاربوهيدرات وتصنيفها إلى كربوهيدرات صحية وغير صحية.

والمؤشر الجلايسيمي هو مقياس لإمكانية رفع نسبة السكر في الدم جرّاء غذاء كربوهيدراتي واحد مقارنة بالجلوكوز الصافي.

للغذاء ذو المؤشر الجلايسيمي المنخفض -والذي يتكون بصفة أساسية من الكاربوهيدرات المعقدة- تأثير ضعيف على مستويات السكر في الدم، ويشمل الحبوب الكاملة والخضراوات غير النشوية. أما الغذاء ذو المؤشر الجلايسيمي المرتفع، فيشمل البطاطس والأطعمة المحلاة بالسكر.

وبالمثل، يستخدم الناس الحمل الجلايسيمي لتقييم المقدار، الذي قد تؤدي فيه وجبة معينة إلى زيادة مستويات السكر في الدم.

ومع أن الناس قد استخدموا المؤشر الجلايسيمي والحمل الجلايسيمي عقودًا لتوجيه تخطيط الوجبات وإدارة مستويات السكر في الدم للأشخاص المصابين بالسكري، فإن العلم لا يقدم جوابًا قاطعًا في هذا الصدد.

تشير العديد من الدراسات إلى أن الاستهلاك المتزايد للأغذية ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض يحسِّن النتائج الصحية، ولكن تبرهن دراسات أخرى أن الفروق الفردية في تحمل الحصة اليومية من الجلوكوز والاستجابات الفردية هي المسؤولة عن مستويات السكر في الدم، وليس المؤشر الجلايسيمي للأطعمة نفسها.

إذن، قد لا يكون المؤشر الجلايسيمي للأطعمة مؤشرًا مباشرًا لاستجابة الفرد لنسبة السكر في الدم.

الفروق الفردية في الاستجابة الجلايسيمية تجعل من الصعب تحديد أي الكاربوهيدرات صحي أكثر حقًا، فحتى الحبوب الكاملة قد لا تكون معيارًا معتمدًا وثابتًا للمؤشر الجلايسيمي والحمل الجلايسيمي.

هل الحميات الغذائية الغنية بالكاربوهيدرات جيدة لصحتك؟

على الرغم من شعبية الحميات الغذائية منخفضة الكاربوهيدرات، فإنها ليست مناسبة للجميع، ولا يزال بعض الأشخاص ينتفعون من الحميات الغنية بالكاربوهيدرات.

مثلًا، يصبح الأداء الرياضي في قوة التحمل مهددًا مع الحميات الغذائية منخفضة الكاربوهيدرات، ويبقى الاستهلاك المرتفع للكاربوهيدرات أكثر الخيارات موثوقية لنخبة الرياضيين.

وعندما يقل الاستهلاك اليومي للكاربوهيدرات لدى الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة منها، تنخفض مستويات السكر في الدم بصفة ملحوظة مع احتمالية التعافي من مقدمات داء السكري.

لذلك، ينصح الخبراء الأشخاص الذين يستمدون 65-75% من سعراتهم الحرارية يوميًا من الكاربوهيدرات بتقليل النسبة إلى 50-55% من الاستهلاك اليومي وزيادة تناولهم للبروتين.

يُعد الحد من الكاربوهيدرات بنسبة 45% أو أقل من السعرات الحرارية اليومية أكثر فعالية لإدارة نسبة السكر في الدم على المدى القصير، ولكنه قد يكون غير قابل للاستدامة ولا يقدم نتائج على المدى البعيد تفوق نسبة 50-55% من السعرات الحرارية اليومية من الكاربوهيدرات.

قبل أن يقوم الأشخاص بتعديلات في حمياتهم الغذائية، عليهم استشارة طبيب أو أخصائي تغذية مسجل لتحديد احتياجهم من الكاربوهيدرات بدقة لتحقيق أفضل النتائج الصحية.

الخلاصة:

تُعد الكاربوهيدرات من أهم العناصر الغذائية الأساسية التي تمد الجسم بالطاقة والألياف الغذائية من أجل صحة جيدة، ولكن يقترن استهلاكها المفرط بزيادة الوزن وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة كمرض القلب والسكري.

ورغم سمعة الكاربوهيدرات السيئة، فهي تقدم كثير من الفوائد الصحية حين يستهلك الفرد مصادر الكاربوهيدرات المعقدة والألياف الغذائية باستمرار لصالح الكاربوهيدرات المكررة والمشروبات المحلاة بالسكر.

كذلك تختلف الحمية الغذائية المثالية من شخص لآخر؛ فعلى سبيل المثال، الحمية الغنية بالكاربوهيدرات تحسّن الأداء الرياضي. بيد أن الأشخاص غير الرياضيين الذين يستهلكون 65-75% من الكاربوهيدرات في سعراتهم الحرارية يشهدون أكبر انخفاض في مستويات السكر في الدم حين يقلصون استهلاكهم إلى 50-55% من الطاقة اليومية المتناولة.

الكاربوهيدرات ليست سيئة إذا ما أدار الأشخاص الكمية والأنواع التي يستهلكونها وكيّفوها لتلائم احتياجاتهم الخاصة.

اقرأ أيضًا:

ما هو الفرق بين الكربوهيدرات الجيدة والسيئة ؟

ما هي الكربوهيدرات؟ ما وظيفتها ولماذا هي مهمة للجسم

ترجمة: يوستينا وحيد

تدقيق: أسعد الأسعد

مراجعة: حسين جرود

المصدر