أظهرت الدراسات الحديثة أن الانتظار مدة 60 ثانية قبل قطع الحبل السري يمنح الأطفال الخدج حياةً أفضل، ويقلل خطر الوفاة والإعاقات خلال أول سنتين من الطفولة بمقدار الخُمس.

قادت أستراليا دراسة تضمنت 25 مستشفى في 7 بلدان، تبحث النتائج الصحية لأكثر من 1500 خديج بعد سنتين من الولادة.

أظهر حديثو الولادة الذين قُطعَ حبلهم السري بعد دقيقة بدلًا من قطعه مباشرة بعد الولادة معدلات نجاة أفضل خلال سنتين.

حتى قبل هذه الدراسة الأخيرة، صرح اختصاصي التوليد جوناثان موريس من جامعة سيدني، عام 2017، بأن هذا الإجراء مهم جدًا، وهو تقنية بسيطة ومناسبة لكل الخدج، إذ تساعد على إنقاذ حياتهم.

عند تأخير قطع الحبل السري، يعبر المزيد من الدم عبر المشيمة إلى جسم الطفل، متضمنًا المزيد من خلايا الدم الحمراء والخلايا المناعية والخلايا الجذعية، ما يساعد حديثي الولادة على الوصول إلى مستويات صحية من الأكسجين ومقاومة العدوى.

ذلك أمر مهم لمليون طفل يولدون في الأسبوع الثلاثين من الحمل سنويًا عبر العالم.

ماذا تقول الدراسات عن قطع الحبل السري؟

اقترحت دراسة سابقة أن تأخير قطع الحبل السري يحسن فرص نجاة الأطفال خلال الأيام الأولى من العمر، ويقلل وفيات الأطفال في المستشفيات.

إضافةً إلى ذلك، توضح الدراسة الحالة الصحية للأطفال بعمر سنتين لدى أكثر من 1600 خديج مولود قبل أوانه بعشرة أسابيع.

إنها التجربة السريرية الأكبر على الإطلاق، التي تقارن بين قطع الحبل السري مباشرةً أو تأجيله، لدى الخدج المولودين قبل 10 أسابيع من موعدهم مع ضعف شديد. بتأجيل قطع الحبل السري 60 ثانية، أو قطعه خلال 10 ثوان من الولادة.

شملت التجربة 1531 طفلًا، وبإضافة نتائج تجربة أخرى ارتفع العدد إلى 1637 طفلًا.

وُجد أن الانتظار أكثر من 30 ثانية قبل قطع الحبل السري يقلل خطر الوفاة المحتملة أو الإعاقة خلال سنتين من العمر لدى خُمس الأطفال.

تعكس النتائج احتمالات أفضل لنجاة حديثي الولادة عند تأخير قطع الحبل السري، إذ يقل الخطر المحتمل للوفاة بنسبة 30%، وإن لم يظهر فرق واضح في حالات الإعاقة الكبرى، مثل الشلل الدماغي أو فقدان البصر أو الصمم أو اضطرابات الكلام، حتى عمر سنتين.

يُعد تأخير قطع الحبل السري ممارسةً معتادة للأطفال مكتملي النمو، أما الخُدج فيُقطع حبلهم السري مباشرةً بعد الولادة، إذ يحتاج الطفل إلى تلقي عناية طبية عاجلة.

غير أن دراسة أسترالية نُشرَت عام 2017، وجدت أن تأخير قطع الحبل السّري أدى إلى تراجع عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى عمليات نقل الدم بعد الولادة.

وفقًا لخبيرة التوليد كارولين هوم من معهد بيرنت، غير المشاركة في الدراسة، فإن تأخير قطع الحبل السّري يضمن حدوث التغيرات الفيزيولوجية التي تحدث طبيعيًا وقت الولادة، ومن الواضح أن النتائج جيدة جدًا للأطفال الخدج.

ما توصيات منظمة الصحة العالمية حول قطع الحبل السري؟

توصي منظمة الصحة العالمية بتأخير قطع الحبل السري لحديثي الولادة الذين لا يحتاجون إلى دعم تنفسي مباشرةً، مع ذلك لا تُطبق هذه الممارسة غالبًا.

قالت خبيرة الإحصاء الحيوي آنا ليني سيدلير: «قد يكون الأمر مخيفًا للأطباء، أن يتمهلوا في حين أن الطفل بحاجة إلى عناية عاجلة».

حتى ضمن الدراسة الأسترالية، ربع الأطفال في مجموعة الأطفال الذين تأخر قطع حبلهم السري، قُطع الحبل السري لديهم فعليًا قبل إتمام 60 ثانية، ما يعكس قلق الأطباء.

سيدلير، التي تولت تحليلًا حديثًا لـ 42 تجربة سريرية تضمنت أكثر من 5770 طفلًا، تقول: «إن هؤلاء الأطفال صغيرون جدًا ومرضى، لذا فإن عدم تدخل الأطباء سريعًا ليس بالقرار الهين».

وُجد أن تأخير قطع الحبل السري آمن ويحسن فرص النجاة بدرجة ملحوظة، رغم الحاجة إلى مزيد من الأدلة لتقييم الطرق البديلة، مثل حَلب الحبل السري (أي الضغط على الحبل السري بالأصابع لإيصال المزيد من الدم إلى الوليد قبل قطعه).

مع تزايد الأدلة، يأمل الباحثون في تغيير الممارسة القديمة التي تقتضي قطع الحبل السري للخدج بعد الولادة مباشرةً، ما قد يحسن النتائج الصحية لآلاف الأطفال على المدى الطويل.

تقول كريستي روبليدو، خبيرة الإحصاء الحيوي بجامعة سيدني: «التطبيق المستمر عبر العالم، الهادف إلى الانتظار دقيقةً قبل قطع الحبل السّري للأطفال الخدج الذين لا يحتاجون إلى إنعاش مباشر، قد يضمن 50,000 حالة نجاة إضافية دون إعاقات في العقود القادمة. بمعنى آخر، واحد من كل 20 خديجًا أُجلَ قطع حبله السري بدلًا من قطعه مباشرةً، سينجو من دون إعاقة كبيرة».

ستساعد بيانات إضافية حول توقيت قطع الحبل السري من الحالات السريرية على زيادة ثقة الأطباء، واستبعاد الأضرار المحتملة، وتتبع النتائج الصحية في مرحلة الطفولة.

قال موريس: «تدريب الطاقم الطبي على النهج الجديد لن يكون سهلًا، إذ إنه من الصعب تأجيل العناية الطبية للأطفال الخدج الضعفاء، مع أن الأدلة تشير إلى أن هذه الممارسة مفيدة للأطفال».

اقرأ أيضًا:

هل يجب أن تخزن دم الحبل السري لطفلك؟

نجاح خلايا جذعية من الحبل السري في معالجة ضررا في شبكية العين في الفئران

ترجمة: سلام يونس الونوس

تدقيق: طارق طويل

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر