كوكب غريب تمامًا يقع خارج المجموعة الشمسيّة، اكتُشِفَ مؤخرًا وهو يدور حول نجم يبعُد 31 سنة ضوئية! يسمى هذا الكوكب الخارجي GJ367b، وهو أحد أصغر الكواكب المُكتشفة خارج المجموعة الشمسيّة، ويعدُ أكبر قليلًا من كوكب المريخ ولكنه أيضًا أحد أكثر الكواكب المرصودة كثافةً، إذ تصل كثافته تقريبًا إلى كثافة الحديد النقيّ!

علاوةً على ما سبق، فإن هذا الكوكب الخارجي GJ367b قريبٌ جدًا من نجمهِ المُضيف ويدور دورةً كاملة كل 8 ساعات، وحتى الآن لم يكتشف الفلكيّون كيف تشكل هذا الكوكب الخارجي الصغير، ولكنّهم أيضًا يعتقدون أن عملية تشكُله مُهمة للغاية!

تقولُ عالمةُ الفلك كريستين لام من معهد الأبحاث الكوكبيّة في المركز الألماني للأبحاث الفلكيّة: «من خلال التحديد الدقيق لقطر الكوكب الخارجي المُكتشَف وكتلتهِ فبالإمكان تصنيف GJ367b كوكبًا صخريًا».

يبدو أن لهذا الكوكب الخارجي أوجه شبه مع كوكب عطارد في مجموعتنا الشمسية وهذا ما يضعهُ ضمن الكواكب الأرضيّة دون الأرض ويدفعنا خطوةً إلى الأمام من أجل اكتشاف الأرض الثانية.

تنتج من الطريقة التي نرصد بها الكواكب الخارجية تحيّزات معينة فيما نجِدهُ، لكن في النهاية لدينا طريقتان رئيسيتان لرصد كوكبٍ خارجي.

الطريقة الأولى: طريقة العبور

وهي طريقة تعتمد على البحث عن انخفاضات صغيرة جدًا في ضوء النجوم خارج المجموعة الشمسيّة بسبب الكواكب التي تتحرك أو تعبر بيننا وبين النجم المُضيف، وهذا ما يُميل إلى تفضيل كوكب خارجي كبير في المدارات القريبة، إذ إن الكوكب الخارجي الأكبر سيؤدي إلى خفوتٍ أكبر في ضوء النجم.
سببٌ آخر لتفضيل الكوكب الخارجي الكبير في مدار قريب هو مروره بشكلٍ متكرر أمام النجم، وهذا ما يؤكد للفلكيين مدارهُ الدوريّ ويسمح لهم أيضًا بتوصيف هذا المدار بدقة أكبر.

الطريقة الثانية: طريقة السرعة الشعاعيّة أو طريقة التذبذب

وهي طريقة تعتمد على التغيرات في الطول الموجي لضوء النجم، إذ يُسبب السحب الجاذب لكوكب خارجي ما من مدارهِ إلى تحركه بشكلٍ طفيف.
ومجددًا؛ كلما كان الكوكب الخارجي أكبر كانت الإشارة أكبر، وهذا ما يسهل على الفلكيين اكتشافها، على عكس الكواكب الخارجية الصغيرة التي تترافق مع إشارة صغيرة، فإن اكتشافها سيكون أصعب على الفلكيين من اكتشاف الكواكب الخارجية الكبيرة.

بكلّ المقاييس، يُعد GJ367b اكتشافًا بمحض الصُدفة، وذلك بسبب قربهِ الشديد إذ إن 31 سنة ضوئية تُعد مسافةً قصيرة للغاية من الناحية الكونية.

اكتشف عبور كوكب GJ367b بواسطة تلسكوب الفضاء TESS التابع لوكالة ناسا، إذ يرصد هذا التلسكوب الانخفاضات في ضوء النجوم.
إن انخفاضات النجوم لا تساعدنا على اكتشاف الكواكب الخارجية فقط، بل أيضًا تساعد على تحديد قطر هذا الكوكب، وهكذا حُدّد قطر كوكب GJ 367b فكان أكبر بقليل من 9000 كيلومتر فقط.

استخدم العلماء فيما بعد طريقة السرعة الشعاعيّة لرؤية مدى تأثير السحب الجاذب للكوكب الخارجي على النجم، هذا ما سمح للعلماء بحساب كتلة الكوكب الخارجي GJ367b وتحديد كثافته التي بلغت 8.106 غرام على سنتيمتر مكعب، في حين تبلغ كثافة الأرض والحديد على الترتيب: 5.51 و 7.878 غرام على سنتيمتر مكعب.

وبما أن لدينا شيئًا مشابهًا هنا في المجموعة الشمسيّة فإن هذه الحسابات ربما تخبرنا بشيء عن تكوين هذا الكوكب خارجها.

يقولُ عالم الفلك زيلارد سيزماديا من المركز الألماني للفضاء الجوي إن هذه الكثافة العالية لهذا الكوكب الخارجي تشير إلى أن هناك لُبًا حديديًا في قلب الكوكب، إذ إن خصائص GJ367b مشابهة لتلك الموجودة في كوكب عطارد الذي يملك نواة كبيرة من الحديد والنيكل، وهذا ما يميزهُ عن بقية الكواكب في المجموعة الشمسيّة.

من المُستحيل أن يكون GJ367b أرضًا ثانية، فعلى الرغم من أنهُ يدور حول نجم قزم أحمر بحوالي نصف كتلة الشمس -النوع الأكثر برودة من النجوم- فإن قربهُ الشديد يعني أن الكوكب الخارجي يدور تزامنيًا مع نجمه بوجود جانب واحد مواجه له، ما يعني أنه دائمًا ما يتعرض للإشعاع الحارق.

أما على الجانب الآخر، فتتراوح درجات الحرارة بين 1300 و 1500 درجة مئوية، وهذا بالتأكيد ليس مناخًا صالحًا للسكن، ولكن يبقى اكتشاف GJ367b مهمًا لأنّه قد يقودنا لاكتشاف عوالم أخرى صالحة أكثر للحياة.

يقول أيضًا عالم الفلك جورج ريكر من معهد كافلي للفيزياء الفلكية وأبحاث الفضاء التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «بالنسبة لهذه الفئة من النجوم، قد تكون المناطق الصالحة للسكن بين مدارات تتراوح من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع».

اقرأ أيضًا:

إشارات الراديو الغامضة من النجوم البعيدة تشير إلى وجود كواكب مخفية

الكشف عن ارتباط كيميائي معقد بين الكواكب الصخرية ونجومها

ترجمة: يزن دريوس

تدقيق: آلاء رضا

المصدر