الفوضى قد تكون مفتاح الوصول إلى اتصالات لاسلكية أقوى


تملكُ الفوضى (Chaos)، وبشكلٍ غريب، ميزة واحدة واضحة: سلوكها العشوائيّ غير القابل للتنبؤ. لكن آخر الدراسات تظهر إمكانيَّة الاستفادة من هذا السلوك من أجل الحصول على اتصالات لاسلكيَّة فعَّالة.

قام فريق بحثٍ مُشترك بين جامعة شيان للتكنولوجيا بالصّين (Xian University of Technology ) وجامعة أبيردين بالمملكة المتحدَّة (University of Aberdeen) بإثبات إمكانيَّة استعمال الفوضى (تسمَّى كذلك بالشَّواش) من أجل نقل المعلومات عبر قناةٍ ماديَّة لاسلكيَّة، مانحةً بذلك العديد من المزايا من أجل تعزيز حماية الاتصالات.

يعد مجال الاتصالات اللاسلكيَّة الأسرع نموَّا في صناعة الاتصالات. لكن الاكراهات الماديَّة في الوسائط المادية اللاسلكية مثل الانتشار متعدّد المسارات (Multi-path Propagation) والضوضاء المحيطة المعقَّدة، تمنع الارسال السَّريع للمعلومات مع معدل خطأ منخفض.

الإشارات الفوضويَّة لا دوريَّةٌ، غيرُ منتظمةٍ، طيفها واسعٌ النطاق وتتم إعادة إنشائها بسهولة كما يصعب التنبؤ بها مع مرور الوقت، وهذا ما يجعلها مُفضَّلةً في مجال الاتصالات وتطبيقات السونار والرَّادار. في الوقت الذي ركزَّت فيه الأبحاث السَّابقة على استعمال الفوضى في الاتصالات السلكيَّة التقليديَّة، سعى فريق البحث السابق إلى إثبات بالتجربة والأرقام كيفية استعمال أنظمة الفوضى رقميا وتجريبيا من أجل خلقِ نظام اتصال لا سلكي فعَّال وموثوق.

يقول رين (H.P Ren)من فريق البحث بهذا الخصوص: «أظهرنا أن المعلومات تبقى دون تغيير عند نقلها عبر قناة لاسلكيَّة في إشارة فوضويَّة رغم تعرّض هذه الأخيرة لتشويش القناة اللاسلكيَّة عدَّة مرَّات» ويضيف أيضًا: «كما قمنا بإثبات إمكانيَّة فكّ تشفيرها من أجل خلق نظامٍ فعَّال لأنظمة الاتصال الحديثة».

تعتمد الفوضى بشكل كبير على الظروف الأوليَّة؛ فعند التحكم بالدارة من أجل إنتاج موجة إشارة ترميز، يمكن لخطأ صغير في جهاز التحكم أن يمنع موجة الإشارة من ترميز المعلومة المراد إرسالها. هذا البحث يظهر كيفيَّة التحكم بالدارة باستعمال مجموعة من الاضطرابات التي تحدث أقل تشويش على الديناميَّات الطبيعيَّة للدَّارة، وبالتالي خلق إشارة الترميز المرغوب فيها، بغضّ النظر عن طبيعتها الفوضويَّة وغير القابلة للتنبؤ.

حصل فريق البحث على نتيجة مفاجأة ومُرضيةٍ للغاية عندما وجدوا أنَّ الإشارة الفوضويَّة المستعملة كأساس لنظام اتصالهم (تم توليدها عبر جهاز إلكتروني) بإمكانها ترميز أيُّ مصدر ثنائيّ للمعلومات (Binary Source) بشكلٍ فعَّال للغاية طاقويًّا.

أمَّا الخطوة القادمة فهي استعمال هذه الأفكار والطرق من أجل تطوير نماذج أوليَّة تستعمل في أنظمة الاتصال اللاسلكيَّة في العالم الواقع وذلك لإثبات أن الفوضى يمكن أن تصبح العمود الفقريّ لأنظمة الاتصال المستقبليَّة التي ستوفر فوائد كثيرة مثل تعزيز الأمن.


إعداد: وليد سايس.
تدقيق: المهدي الماكي.
المصدر