إذا أراد البشر أن يستعمروا كوكباً خارج مجموعتنا الشمسيّة ، يجب عليهم بناء سفينة فضاءٍ كبيرةٍ و تزوّيدها بأربعين ألف إنسان.

” إن الحملة المُؤسِّسة للمستعمرة النجمية ينبغي أن تتألف من 20 ألف إلى 40 ألف إنسان” بحسب Cameron Smith باحث الأنثروبولوجيا في جامعة بورتلاند في أوريغون ، هذا العدد الكبير من البشر سيمتلك تنوعاً جينياُ و ديموغرافياً كافياً يمكّن الحملة من البقاء على قيد الحياة خلال هذه الرحلة الفضائية الطويلة و ما بعدها.

و يقول Smith في اجتماعٍ مع وحدة العمليات الفضائية المستقبلية FISO في ناسا ” علينا التخطيط بشكلٍ يجعل هامش النجاح كبيراً حتى ولو في حالة حدوث كارثةٍ ما.”

اعتقد العلماء سابقاً أنّ بضع مئات من البشر كافون لاستعمار كوكبٍ جديدٍ لكن عليهم اليوم إعادة النظر في هذا الرقم نظراً للمعلومات الجديدة في علم الوراثة السكانيّة.

ليضع Smith دراسته و التي نُشرت في نيسان في مجلة Acta Astronautica ، افترض أنّ رحلة غزو كوكبٍ خارج المجموعة الشمسية ستستغرق 150 عام تقريباً و هذا الإطار الزمني يتوافق مع المدة التي افترضها العلماء في برنامج Icarus لغزو الفضاء و هي منظمة غير ربحية متخصصة في أبحاث تتعلق بانتقال البشر إلى كواكب أخرى.

حسابات Smith ، و التي وضعها بناءً على معلومات من علم الوراثة السكانيّة و المحاكاة الحاسوبية ، تقترح حملة مُؤسِّسة يتراوح عددها من 14,000 إلى 44,000 إنسان و العدد الأنسب هو 40 ألفاً من بينهم 23 ألفاً من الذكور و الإناث البالغين القادرين على الإنجاب.

قد يبدو العدد ضخماً جداً لكنه الأنسب لعدة أسباب فهو يحافظ على صحةٍ جديدة لأعضاء الحملة على مدى خمسة أجيال رغم الأمور التالية التي وردت في الدراسة :

  1. زيادة نسبة زواج الأقارب نظراً لصغر الجماعة البشرية.
  2. انخفاض التنوع الوراثي بسبب تأثير المؤسس (تأثير المؤسس في علم وراثة السكان هو خسارة مزايا وراثية تحدث عندما يَنشأ جيل جديد من السكان من عدد صغير جداً من الأفراد، الذين كانوا في السابق جزءاً من جماعة أكبر).
  3. التغير الوراثي عبر الزمن.
  4. احتمال وقوع كارثة سكانية على متن السفينة الفضائية خلال خمسة أجيال تستغرقها الرحلة.

ويضيف Smith بأن المعطيات من عالمنا تدعم هذه الأرقام و الفرضيات.

“لم ينخفض عدد أي نوع من الفقاريات الحيّة في الطبيعة إلى ما دون من 5000 إلى 7000 فرد و هناك أسباب وراثية لعدم حدوث ذلك و قليلاً ما تنجو الأنواع التي ينخفض عدد أفرادها إلى أقل من ذلك العدد و كثيراً ما تدخل هذه الأنواع في ما يعرف بدوّامة الانقراض extinction vortex.

إن إرسال نطاف و بويضات بشريّة مجمّدة مع عددٍ محدودٍ من البشر هو حلٌّ بديلٌ لكن Smith لم يورده في الدراسة.

إن أطروحات هذه الدراسة تنطبق على تماماً على مشروع استعمار المريخ ، فعددٌ كبيرٌ من البشر على سطح الكوكب الأحمر ضروريٌ لتأمين الاكتفاء الذاتي للمستعمرة البشريّة و الاكتفاء الذاتي أمرٌ أساسيٌ لتحقيق استعمار بشريّ طويل الأمد على المريخ.
و بحسب الدراسة ، لكي تنجح الحملة يجب أن تحوي كل الاختصاصات و الخبرات المهنية اللازمة بتأسيس مستعمرة بشرية خارج الأرض و هذا يتطلب عدداً كبيراً من الناس ، و لذلك علينا التركيز على تخطيط البعثات المؤلفة من عددٍ كبيرٍ من الأفراد.