استطاع العلماء إعادة الرؤية لشرغوف ضفدع أعمى بواسطة زرع عينين على ذيله جراحيًا، وعلاج الحيوانات الأخرى بدواء يحفز نمو الأعصاب.

على الرغم من أنّ عملية الزرع الرهيبة تبدو فكرةً مجنونة، لكن هذه التقنية يمكن أن تساعد في تمهيد الطريق لاستخدام أجهزة هندسيّة بيولوجيّة معقدة عند البشر، خصوصاً بعد استعمال عقار زولميتريبتان Zolmitriptan)): مركب ينّبه مستقبلات السيروتونين ويستخدم حاليًا في معالجة الشقيقة -الصداع النصفي-(migraines).

يقول أخصائي البيولوجيا مايكل ليفين Michael Levin)) من جامعة تافتس Tufts) (University: «مرونة الدماغ ملفتة للنظر»، يضيف قائلًا: «تطور دماغ الشرغوف لدهور معتمدًا على موقع العينين القياسي كمدخل بصري، ولم يكن هنالك أيّ مشكلة على الإطلاق في التقاط البيانات البصرية من موقع جديد غريب على الظهر.

هذا يعني أنه من الممكن للدماغ أن يرسم خريطة للبرامج السلوكية بناءً على تصميم الجسم الجديد، وهذا سيكون مفيدًا في المستقبل».

البحث مهم جدًا لأنّه يكشف لنا المزيد عن كيفيّة استخدام الأعصاب من الاعضاء المزروعة للاتصال مع الجهاز العصبي المركزي، إذ يمكن تعميم هذا الاكتشاف على كل شيء من زراعة الاعضاء إلى فهم كيفية تجدد للأعصاب بعد الإصابة.

لكن العملية لا تخلو من الخطر، إذ طبقت بعض الإجراءات القاسية والغريبة على الشرغوف لمعرفة مطاوعة الجهاز الحسي له، علمًا أنّ مدة هذه المرحلة تستغرق ثلاث أيام فقط من عمر الضفدع، قام فريق ليفين بإزالة العيون وإجراء شقوق ضيقة في الذيل ومن ثم زرع العيون في هذه الشقوق بعد ثلاث أيام أخرى.

يقول الباحث دوغلاس بلاكيستون (Douglas Blackiston): «هذه هي الأجنة، يمكنها التصرف بانسجام، تعافت سويًا، وتستغرق آثار العمل الجراحي مدة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة كي تختفي، ولا يمكن بعدها ملاحظة مكان الجراحة»

قام الفريق بهذه العملية من قبل عام 2013، فقد استطاعوا إعادة البصر لشرغوف أعمى عن طريق زرعات في الذيل.

لكن هذه المرة ذهب العلماء إلى أبعد من ذلك، لرؤية إذ كان بمقدور العقار العصبي زولميتريبتان مساعدتهم في زيادة حدة الإشارة البصرية عن طريق تعزيز التعصيب – درجة عمل وتوزّع الأعصاب -بين العين المزروعة والجهاز العصبي المركزي للشرغوف.

في فحص الألوان دُربت الشراغيف على تجنب السباحة في المناطق المضاءة بالأحمر، معظم الشراغيف كانت صحتهم بخير، و76% منهم اجتازوا الاختبار، في حين أنّ 3% من الشراغيف العمياء نجحوا.

نجحت 11% من الشراغيف المُطعَمة، لكن 29% من الشراغيف المُطعَمة والمعالجة بعقار زولميتريبتان اجتازت الاختبار، يضعنا هذا على بيّنة بأنّ المركب عزز الاتصال العصبي حول العين المزروعة.

في فحص بصري آخر كان على الشراغيف الاستجابة بالدوران حول عائق، مرة أخرى الشراغيف المعالجة بعقار زولميتريبتان سجلت نقاط أعلى من أقرانها المُطعَمة غير المعالجة.
لمشاهدة الشرح من الفيديو:

والجدير بالملاحظة هو أنّ الشراغيف أصبحت قادرة على الرؤية، وبالتالي العيون ليس لديها اتصالات عصبية مباشرة مع أدمغة الحيوانات (الجهاز العصبي المركزي فقط).

يشرح بلاكيستون: «في الحقيقة، يمكن للعيون المزروعة في جهازنا الطبيعي نقل المعلومات البصرية، حتى حين كان الاتصال المباشر مع الدماغ مفقودًا، يقترح أنّ الجهاز العصبي المركزي يحوي قدرة استثنائية في التكيف مع التغيرات في كل من الوظيفة والاتصال»

بالتأكيد إنّه لمن الصعب إعطاء الطبيعة التجريبية لهذا البحث الذي طبق وأثبت فقط على صغار الضفادع، نحن على مسافة بعيدة من قدرتنا على التفكير بشكل دقيق حول إمكانية تطبيق هذه النتائج على البشر.

يقول ليفين بكل تفاؤل وهو عضو من الفريق:

«إذا استطاعت العيون المزروعة على ظهر الإنسان أن تتصل مع النخاع الشوكي، هل يمكن للإنسان أن يرى من خلال هذه العيون؟ تخميننا على الأرجح هو نعم».

ما دام هنالك احتمال أنّ هذا السيناريو ممكن (نحن نأمل ذلك)، النتائج المقترحة تشير إلى أنّ الاعضاء المزروعة المعقدة لها مستقبل واعد -مثل العينين والأذنين -ولم يعد من الضروري وصلها بالدماغ من أجل التزود بالمدخلات الحسية.

هنالك الكثير لم نستطع فهمه حول كيفية عمل الدماغ -دعك من كيفية زرع الاعضاء أو جهاز اصطناعي جديد داخله -يوضح هذا نوع العلاجات الطبية التي يمكن أن تتطور في المستقبل.

يقول عالم البيولوجيا بيرند فريتسش Bernd Fritzsch)) من جامعة أيوا (University of Iowa) الذي لم يشارك في الدراسة: «لا يوجد لدينا أدنى فكرة كيف للشبكية أن تتصل مع الدماغ، وإذا أردت استبدال مكان الأذن يجب عليك قطع جزأ كبير من الجمجمة، يقترح هذا العمل أنه ليس من الضروري الزراعة في الرقبة، الا أنّه يمكنك وضع العضو في الرقبة على سبيل المثال، وأن تصله مع النخاع الشوكي. ربما تبدو مضحكة لكنها ستظل تعمل»


تدقيق: خليل حسن
المصدر , البحث كاملاً