القدرة على التكيف والبقاء على قيد الحياة.

من بين العديد من الإختلافات بين الكائنات الحية في الأنواع، يمكن تفسير البعض منها حاليًا من خلال الإختلافات في الشيفرة الوراثية، إلا أن دراسة جديدة سلّطت الضوء على واحدة من طرق الإختلافات الأخرى التي يمكن أن تحدث.

وعندما راقب الباحثون الأسماكَ البلطية -وهي فصيلة أفريقية- وجدوا كيفية تأثير استخدام هذه الأسماك لفكيها كيرقات على تطوّر الجمجمة، ومع زيادة القوة (الفجوة) تنمو العظام بقوة أكبر.

وأشار فريق من جامعة ماساتشوستس في أمهيرست أن هذا الدليل الجديد مهمٌ جدًا في التحقيقات الخاصة بالسمات المتفاوتة للأنواع والتي لم يتم تمريرها من خلال إدراجها في الشيفرة الوراثية.

في هذه الحالة راقب العلماءُ حركات الفم أو (الفجوة القوية) التي تم ملاحظتها في يرقات الأسماك، حيث بدأت على الفور بعد تكوين الفك الغضروفي السفلي وقبل البدء في تصلب العظام.

يقول (كريغ ألبيرتسون- Craig Albertson) -أحد الباحثين في علم الأحياء التطوري-: «لقد توقعنا أن الأسماك الصغيرة تستخدم عضلات الفك الخاصة بها، والتي يجب أن تفرض قوتها على العظام المتصلة بها لإنشاء قوى تحفز على تكوين العظام».

حيث كان التردد المتقطع عند بعض الأسماك يصل إلى 200 مرة في الدقيقة، ويقول ألبرتسون إن الفريق لاحظ الإختلافات بطريقة تنبأ بوجود بعض الإختلافات في ترسب العظام حول العمليات الحرجة الخاصة بعملية فتح الفك.

وبعبارة أخرى ليس فقط رمز الحمض النووي الذي ولدت به الأسماك ولكن أيضًا السلوك الخاطئ في الأيام الأولى الذي يساعد في نمو العظام.

وطرح ألبرتسون سؤالًا هامًا: «إذا كان التباين في شكل الجمجمة يمكن توريثه، إذًا لماذا يمكننا أن نجد هذا التباين الجيني والذي يمثل مقدارًا صغيرًا من التباين في تطور العظام؟».

في المختبر الخاص بألبرتسون، قام الباحثون بالتحويل لدراسة نماذجنا الوراثية والبحث بشكل وثيق في التفاعل بين الوراثة والبيئة.

واستنادًا إلى التجارب التي قام بها الباحثون، فإن التباطؤ أو التسريع في المعدل الخطي سيؤثر على تطور العظام بنسبة تصل إلى 15 في المئة.

وفي الدراسة الخاصة بالمعالجة الجينية التي أجراها الفريق على مدى السنوات الـ 15 الماضية، والتي تقارن مع ما يصل إلى 20 في المئة من الإختلاف في نمو العظام، وبالتالي فإن المعالجة الجينية والغير جينية قريبة إلى حد ما.

ويقول ألبرتسون: «عندما كنت أقوم بإلقاء المحاضرات، كان الزملاء يتفاجؤون كثيرًا، من أن التأثير البيئي على مساوة مع التأثير الوراثي، و هو محدد للعظام الهامة المشاركة في تغذية الأسماك».

ويقترح الباحثون أن الأسماك تستخدم الفجوة لضبط الإستجابات الفردية لشيفراتها الوراثية، والبدء مع عملية التكيف مع الظواهر ومن ثَم الإستجابة للبيئة، وفي نهاية المطاف تحقيق أقصى قدر من فرص بقاء الأنواع.

وفي الواقع، فإن العمل المقبل الذي يريد الفريق القيام به هو النظر في كيفية تحفيز البيئة مما يدفع إلى تطوير بعض الصفات مثل شكل الجمجمة.

حيث تنص الفرضية، أن الأنواع تمتلك جزيئات معينة وتعبيرات جينية تتفاعل مع التغيرات البيئية للمساعدة في تلبية أي تحديات جديدة يمكن أن تحدث.

ويقول ألبرتسون: «هذه هي البداية فقط، فقد تم ترسيخ مجالنا في نظرة جينية تعتمد على التطور منذ قرنٍ تقريبًا، وأتمنى أن تضيف هذه الدراسة إلى المجموعة المتزايدة من المطبوعات ما يُظهر أن هناك مصادر هامة أخرى من الإختلاف».


  • ترجمة: آية عبد العزيز
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير: جورج موسى
  • المصدر