أنثى جنين فأر طبيعية (يسار) لديها فقط أنسجة تناسل أنثوية تدعى قناة مولري (باللون الوردي)، إزالة بروتين (COUP-TFII) يجعل أنثى جنين الفأر تحمل كلا النسيجين (يمين) قناة الأنثى وقناة الذكر التي تدعى قناة ولفيان (باللون الأزرق).

بروتين يدعى (COUP-TFII) ضروري لإقصاء أجهزة التناسل الذكورية من أجنة الفئران الإناث، كما أخبر الباحثون في 18 من أغسطس في دورية (Science).

لعقود تم اعتبار الإناث على أنها الجنس “الافتراضي” للثدييات حيث غياب هرمونات الذكورة يجعل جنس المولود أنثى.

البحث الجديد يقلب هذه الفكرة، مبينًا أن عملية صنع أجهزة التناسل الأنثوية هي عملية نشطة تتضمن تفكيك جهاز التناسل الذكوري البدائي المسمى بقناة ولفيان.

في الذكور، تتطور قناة ولفيان إلى الأجزاء المطلوبة لقذف النطاف وتشمل البربخ والأسهر والحويصلات المنوية.

في الإناث يوجد نسيج جنيني شبيه بنسيج الذكور يدعى قناة مولري، والتي بدورها تتطور إلى قناتي فالوب والرحم والمهبل.
أنسجة كل من القناتين تكون موجودة في الأجنة المبكرة.

دراسة قام بها أخصائي الغدد الصماء الفرنسي ألفريد جوست (Alfred Jost) قبل 70 سنة توضح أن الخصيتين تقومان بصنع هرمون التستوستيرون والهرمون المضاد لمولري للحفاظ على قناة ولفيان وتثبيط نمو الأنسجة الأنثوية.

اقترح جوست أنه إذا كان هذان الهرمونان مفقودين فإن قناة ولفيان تتحلل ويصبح الجنين أنثى بشكل افتراضي.

«هذا ما مكتوب في الكتب»، تقول أماندا سوين (Amanda Swain) عالمة الأحياء النمائي في معهد أبحاث السرطان في لندن.

وتضيف ولكن: «توضح الدراسة الجديدة أن الإناث أيضًا لديهن طريقة للحرص على عدم الحصول على القناة الخطأ»، حيث كتبت تعقيبًا في نفس العدد من دورية (Science).

ما قام به عالم الأحياء النمائي همفرى ياو (Humphrey Yao) وزملاؤه لم يكن اختبار فرضية جوست.

عوضًا عن ذلك أراد الباحثون معرفة كيف تقوم الأنسجة الخارجية للقنوات المبكرة (في مراحلها الأولية) بالاتصال مع الأنسجة المبطنة للقنوات، كما يقول ياو، الذي يعمل في المعهد الوطني للعلوم الصحية البيئية في مثلث بارك البحثي في كارولينا الشمالية.

البروتين المسمى (COUP-TFII) ينتج بواسطة خلايا الطبقة الخارجية، ويشك ياو أنه معنيّ بالتحدث مع الخلايا المبطنة للقناة.

قام الباحثون بمنع التواصل بين خلايا الأنسجة المبكرة المكونة للجهاز التناسلي في إناث الفئران عن طريق إزالة الجين المنتج لبروتين (COUP-TFII).

ولمفاجأة الفريق، بقيت قناة ولفيان في إناث الفئران مع قناة مولري الأنثوية. يعقب ياو قائلًا: «لا يجب أن يحدث هذا حسب الكتب الدراسية».

للبحث عن تفسير قام ياو وزملاؤه أولًا باختبار ما إذا كان إزالة بروتين (COUP-TFII) يغير المبايض لتنتج هرمون التستوستيرون كما تقوم بإنتاجه الخصيتين. قد يغذي التستوستيرون الأنسجة الذكورية ويجعلها تستمر في الجنين، هذا ما يظنه الباحثون.

يقول ياو: «لا.. المبيض هو فقط مثل المبيض، لا يوجد أي خطأ به».
ويعقب: «كنا مصدومين، لا يمكن لهذ أن يحصل».

مزيد من التجارب توضح أنه لا توجد أي كمية شاردة من هرمون التستسرون مسؤولة عن بقاء أنسجة الذكر.

بالمقابل، يبدو بروتين (COUP-TFII) وكأنه كبير العمال لفريق الإتلاف الكيميائي الحيوي الذي يقوم بهدم قناة ولفيان في الإناث.

بدون أن يقوم البروتين بإصدار الأوامر، فإن فريق الهدم يظل خاملًا وتظل قناة ولفيان المسؤولة من أنسجة الذكورة باقية.

الإشارات التي تقوم بتحفيز تكوين بروتين (COUP-TFII) ونشاطه غير مفهومة حتى الآن.

يقول عالما الأحياء التناسلية باتريشيا دوناهو (Patricia Donahoe) وديفيد بيبن (David Pepin) من كلية هارفارد الطبية في بريد إلكتروني أن: «هذه الدراسة تقوم بملأ الفراغ في فهمنا لآلية انحسار قناة ولفيان».

ويضيفان بأن المزيد من البحث مطلوب لفهم كيف يتفاعل البروتين مع هرمونات الذكورة لتنظيم نمو القناة التناسلية.

تقول دوناهو، بالرغم من أن الدراسة استخدمت الفئران، إلا أن بروتين (COUP-TFII) يعمل في الغالب بنفس الطريقة في الثدييات بما فيها الإنسان.

الإناث نادرًا من تحمل بقايا أنبوب ولفيان، التي قد تؤدي في بعض الأحيان لظهور أورام. أحيانًا يحدث العكس، مؤدية إلى ذكور تحمل أعضاء تناسل أنثوية.

هؤلاء الذكور قد يكونون عقيمين، ولديهم مشاكل أخرى مثل وجود أكياس.

وتضيف دوناهو، يجب على الباحثين التنقيب عن عيوب في بروتين (COUP-TFII) في المرضى المصابين بمشاكل تناسلية.


• ترجمة: محمد عبد الرحيم محمد بابكر
• تدقيق: دانه أبو فرحة
• تحرير: إيناس الحاج علي
المصدر