من المُمكن أن يدمر التطور قدرتنا على تحمّل الكحول


أشارت بعض الدراسات في الآونة الأخيرة أننا لا نزال نتطور، والآن، هناك بحثٌ جديدٌ يقترح أنه من الممكن أن نكون في مرحلة تطوير مورثةٍ تدمر تحملنا للكحول.

قام باحثون من جامعة بنسلفانيا بتحليل الجينوم الخاص ﺑ 2500 شخصٍ من أربع قاراتٍ مستخدمين بياناتٍ جُمعت بواسطة مشروع الألف جينوم.

بعد ذلك قام الفريق بعزل صفاتٍ معينة (النقاط الساخنة الجينومية)، والتي تظهر فجأةً في مناطق سكانية مختلفة ومتباينة.

قد حصلت تغيراتٌ في منطقةٍ معينةٍ في المورثة مسؤولة عن إنتاج الكلايكوفورين (أحد أنواع الكلايكوبروتينز، وتتواجد في الغشاء الخلويّ لكريات الدم الحمراء) في مناطق من أفريقيا وآسيا، ولكي يحدث هذا, فإن الطفرة يجب أن تكون قد ظهرت بشكلٍ مستقلٍ في كلا القارتين واستمرت بالتواجد فيهما.

بدلًا من ذلك, لو كان هناك طفرةٌ أوليةٌ فقط, كان يمكن أن تنتشر بسرعةٍ فائقةٍ عبر القارتين.

يقول جون هوكس (من جامعة وسكونسن – ماديسون): «تُظهر الدراسة الجديدة أنَّ الانتقاء اتجه نحو بعض المورثات المتشابهة في القارتين«.

وفي الدراسة, سلط الباحثون الضوء على خمس مناطق حصلت فيها تغييراتٌ في الآونة الأخيرة، وهذا يشمل تكيف مجموعة مورثات الكلايكوفورين، التي يُعزى إليها مقاومة الملاريا في آسيا وأفريقيا, المنطقتان اللتان يشكل المرض فيهما -الذي ينشأ في البعوض- خطرًا كبيرًا على الصحة العامة.

في أوروبا, لاحظ الفريق زيادةً ملحوظةً في المورثات المسؤولة عن تحطيم حامض أميني يُدعى هوموسيستين, والذي يشكل وجوده بنسبةٍ عاليةٍ خطرًا للإصابة بأمراض القلب.

في هذه الأثناء, جميع المناطق السكانية الأفريقية المدروسة أظهرت تغيراتٍ في المورثة المسؤولة عن امتلاك فتحة الإحليل, أما في البلدان غير الأفريقية وُجد أن هناك انتقاءً إيجابيًا لنوعين من الجينوم قد ورثناها من إنسان نياندرثال.

الأكثر إثارةً للاهتمام, هي التعديلات التي تحدث للأنزيمات النازعة للهيدروجين الخاصة بالكحول, وهي مجموعةٌ من الأنزيمات تقوم بتحطيم الكحول وتحويله إلى مركب يُدعى اسيتالديهايد.

والاسيتالديهايد مادةٌ كيميائيةٌ سامةٌ مسؤولةٌ عن وجع الرأس في الصباح بعد ليلةٍ مُفعمةٍ بشرب الكحول!

ولحسن الحظ، فإنَّ الجسم قادرٌ على تحويل هذه المادة إلى مادةٍ أخرى غير سامة تُدعى بالاسيتيت بسرعةٍ عاليةٍ نسبيًا؛ لذلك نشعر بتحسنٍ بعد مرور يومٍ أو ما شابه.

من الممكن أنَّ التطور في طور إيجاد طريقةٍ لكبح إدمان البشرية على الكحول عن طريق تصنيع أشكالٍ مختلفةٍ من الأنزيمات سالفة الذكر التي تؤثر على تحمّلنا للكحول، وتقلل قدرة أجسامنا على تحويل الأسيتالديهايد إلى أسيتيت.

بمعنىً آخر, سنشعر بالمرض بعد شرب كميةٍ قليلةٍ جدًا من الكحول، ولحد الآن, هذه الجينات اكتُشفت في آسيا الشرقية وأفريقيا الغربية.


  • ترجمة: محمد جواد السعيدي
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر