في السنوات الأخيرة، أظهرت الدراسات أن هناك ترابطًا احصائيًا بين مراحل القمر والزلازل الكبيرة.

الآن هنالك دراسة جديدة تنفي وجود علاقة بين الاثنين، ولهذا السبب، لا توجد علاقة أيضًا بين الزلازل وأوقات السنة.

فوفقًا للباحثة في «مركز الاستطلاعات الجيولوجية الأمريكي – The US Geological Survey» «سوزان هاف – Susan Hough» فإن أي نمط يمكن أن يربط تحول مراحل القمر بالهزات الأرضية لن يختلف عن أي نمط يمكن أن تحصل عليه إذا كانت البيانات عشوائية تمامًا.

منذ عقود، كشفت بعض الدراسات أن هناك فترات محددة من السنة يزداد فيها عدد الزلازل، مثل الدراسة التي أجريت في عام 1984، والتي أظهرت أن الزلازل في منطقة صدع «سان أندرياس – San Andreas» تحدث أكثر في الربيع، أو تلك التي أجريت في عام 1999، والتي اقترحت أن هناك علاقةً تبادليةً بين الزلازل والمواسم المطرية.

حديثاً، خلُصَت دراستان منفصلتان أجريتا في عام 2016، إلى أن الزلازل العملاقة تكثر عندما يكون القمر بدرًا، أو مقتربًا من طور البدر، أو عندما يكون هلالًا.

(وتجدر الإشارة إلى تلك الدراسة التي أجريت عن الزلازل في تايوان في العام 2003، والتي وجدت أن هناك علاقة بين مراحل القمر والزلازل الصغيرة – وليس الزلازل الكبيرة)

إن سبب هذا، حسب ما توصل أليه الباحثون، هو انتظام الشمس، الأرض والقمر في خط واحد مع بعضها.

فخلال الفترة التي يكون فيها القمر بدرًا أو هلالًا، تكون هذه الأجرام السماوية الثلاثة (الشمس والأرض والقمر) مُصطَفَّةً بانتظام دقيق على خط واحد (هذا الانتظام يطلق عليه اسم: «الاقتران الكوكبي – Syzygy»، [اسم جميل حقًا]) وهذا يضع ضغط المد والجزر على الأرض، الذي قد ينتج عنه زيادة نشوء الزلازل.

ولكن الباحثة «هاف» وفريقها، قاموا بدراسة 204 زلازل بقوة 8 درجات أو أكثر حدثوا منذ عام 1600، وقاموا بمقارنة تواريخ حدوث هذه الزلازل مع أي طور من أطوار القمر وقعت فيها، وقاموا أيضًا بملاحظة وقت حدوثها على التقويم.

لاحظ الفريق أن الزلازل الكبيرة هي أفضل للدراسة، لأنها أقل احتمالًا بأن تكون مجرد موجاتٍ ارتدادية.

وهذا البحث الجديد يقترح بأن النتائج السابقة التي أقترحت وجود علاقة بين الزلازل ومراحل القمر، أو الزلازل ووقت السنة، هي مجرد نتائج ناتجة عن العشوائية.

ففي الوقت الذي تجمعت زلازل غير مترابطة ضمن مدة زمنية معينة، استطاعت «هاف» أن تُظهر عدم وجود أي نمط من خلال انتقائها لتواريخ عشوائية فوجدت أن الأنماط اختفت.

أكبر عدد من الزلازل حدثت في يوم واحد كان 16 – وهذا اليوم كان بعد 7 أيام من وصول القمر الى مرحلة الهلال، وهو ما لا يحمل أي أهمية أطلاقًا من الناحية الإحصائية إذا اعتبرنا فرضية وجود علاقة بين مراحل القمر والزلازل.

وأوضحت «هاف» قائلة: «عندما تكون لديك بياناتٌ عشوائية، يمكنك الحصول على جميع الأنواع من العلامات الواضحة، تمامًا مثل عند رميك لعملة معدنية، من الممكن أن تحصل في بعض الأوقات على وجه العملة خمس مراتٍ على التوالي».

وأوضحت، أن ضغط المد والجزر، قد يساهم في عملية حدوث الزلازل، ولكن مساهمته ليست بالقدر الكافي لتمكننا من توقع الزلازل أو الهزات الأرضية. وحتى في أبحاث عام 2016، لا يدعي الباحثون أن ما اكتشفوه يمكن أن يُستخدم لتوقع الزلازل.

لكن مفهوم وجود علاقةٍ بين مراحل القمر والزلازل له تاريخ طويل، ومما لا شك فيه أنه سيظهر مجددًا.

تقول «هاف»: «عاجلًا أم آجلًا سيحدث زلزالٌ كبير آخر عندما يكون القمر بدرًا، وستعود الفكرة القديمة للظهور من جديد».

ثم تضيف: «ولكن الأمل هو أن هذا سيمنح الناس دراسةً صلبةً ليشيروا إليها، ليظهر أنه مع مرور الوقت، لا يوجد سجل كبير لزلازل مدمرة تحدث عندما يكون القمر بدرًا».

[سينشر هذا البحث على مجلة «رسائل بحوث الزلازل – Seismological Research Letters»].


  • ترجمة: العباس محمد صالح.
  • تدقيق: المهدي الماكي.
  • تحرير: رؤى درخباني.

المصدر